عودة الأميرين
ثمة رجال أكبر من ألقابهم.. أدوارهم.. وأفعالهم بحجم أمة.. المسؤولية قدرهم.. وقدرهم.. الكلمات تتقزم أمام هاماتهم.. لذا فالحديث عنهم يأتي دائماً مفعماً بتسابق المشاعر.. فتقف الكلمات عاجزة عن اللحاق بها.. إلا أن شفيعي في أن أمسك بالقلم لأقتحم وجدان القارئ للتحدث عن العمالقة من القادة الأفذاذ لأنني أمام نموذجين من الرجال يتسابق في دواخلهما الشعور الإنساني النبيل مع الحس الوطني ليثمر توجهاً مخلصاً ومتفرداً للعطاء بكل أشكاله.. لا نستطيع حياله إلا الوقوف مشدوهين نراقب فعلهما ويحق لنا أن نفتخر أمام.. نتائجه بكل تقدير وعرفان وثقة في بلد طيب يشارك في صناعة القرار فيه رجال استمزجوا العطاء والمواقف والمسؤولية وكانوا أهلا لها.
أقول إنني وعلى مدى أكثر من أربعة عقود من الزمن شرفت كغيري من أبناء الوطن.. بالتعرف عن قرب جوانب مشرقة في حياة رموز متفردة من هؤلاء الرجال في مقدمتهم الأميران الكبيران صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.. وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض - حفظهما الله -.. ووفقهما لكل خير إنه سميع مجيب.
وللحديث عن الجانب المشرق في حياة الأميرين الكبيرين.. وهو ما يوليانه من اهتمام بالإنسان ومراعاة إنسانيته بكل معاني الحنان.. والرعاية.. والاهتمام.. بل حتى المتابعة.. إذا كان بالمعوقين واحتياجاتهم والمعوزين وطلباتهم.. فالأمر كما يدرك المهتمون بتلك القضية تجاوز سقف المبادرات الخيرية التي يفيض بها رصيدهما المثاب - بمشيئة الله - عند المولى - سبحانه وتعالى- .. تجاوزه إلى الرجلين باتا منظومة من برامج الرعاية لتلك الفئة الغالية يصعب على بعض الدول توفيرها، بل إن كلاً منهما أصبح جمعية خيرية ينهمر قطرها.. وخيرها على الجميع.
تلك المنظومة تشمل مؤسسات علمية وبحثية وخدمية وتأهيلية وعلاجية واجتماعية تتوافر لديها كل مقومات العمل المؤسسي المتميز بمنهجيته العلمية وديمومته وتطوره المتلاحق.
فما بين مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية.. هذا الصرح العلاجي التأهيلي غير مسبوق.. وجمعية الأطفال المعوقين وعشرة مراكز ومشروعات تابعة لها تخدم آلاف الأطفال وذويهم.. ومركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة.. الرائدين في ترسيخ قاعدة علمية لبرامج الرعاية للمعوقين في المملكة.. وثلاثة مؤتمرات دولية احتشد فيه مئات العلماء والخبراء.. ومجلس أعلى ونظام وطني لراية المعوقين.. وأوقاف خيرية تخصص إيراداتها للإنفاق على خدمات المعوقين.. بين كل تلك الصروح وغيرها كثر يقف الإنسان متأملاً مشدوهاً بما استطاع هذان الرجلان تقديمه لبلادهما في مجال واحد فقط من مجالات العطاء.
حقيقة يعرفها القاصي.. والداني.. داخل الوطن.. وخارجه بأن الكاتب.. مهما سطر.. وكتب.. واسترسل.. فإنه يحار ماذا يكتب ومن أين يبدأ.. وانه مهما سطر.. وكتب شعراً كان أو نثراً فإنه من المحال أن تتوقف أحبار الدنيا.. وهي تكتب عن إنسانية الأمير القائد.. والإنسان سلطان بن عبد العزيز.. وعاطفته الجياشة.. التي يحظى بها الفقير قبل الغني.. وعن وفاء أميرنا المحبوب سلمان بن عبد العزيز وملازمته لأخيه طيلة فترة علاجه ونقاهته.. إنه والله ضرب المثل العليا في صدق الوقفة.. بكل عزة وشموخ القادة الكبار.
يوم السعد.. والفرحة.. في كل الوطن.. بحبيبه.. وغاليه.. يعود وكله حنين وشوق.. لتقبيل أرض وطنه من خلال انحناءته على رأس جبين أبنائه وجنوده.. والذي لم يرتح.. من عناء رحلته الطويلة.. ووقفته الطويلة لمستقبليه بمطار الملك خالد وعلى رأس الجميع خادم الحرمين الشريفين.. كل هذا الإرهاق.. تناساه سلطان الخير.. وقام بتغيير مساره.. وتوجه مباشرة قبل رؤية أهليه وأبنائه إلى المستشفيات التي يرقد فيها جنوده البواسل الذين كانوا على خط النار يدافعون ببسالة الرجال عن دينهم.. ووطنهم.. وقادتهم الأوفياء.. يا لها من لفتة حانية.. ورؤية ثاقبة.. تلك الزيارة الأبوية التي أشعلت الحماس.. وقوت العزائم في نفوس رفاقهم البواسل على خط الجبهة.. وهم بذلك عاشوا فرحتين الأولى: عودة والدهم وولي عهدهم بالسلامة.
والثانية: زيارته لزملائهم بعد عودته مباشرة التي لا شك أنها تركت الأثر الكبير والكبير في نفوسهم، بل كما ذكرت أشعلت الحماس بينهم.. وزادت من تسابقهم للقتال والدفاع عن الوطن والأرض الغالية.. إنهم يستأهلون منك زيارتهم.. لأنها هي الوقود المحرك لكل جندي.. وأقول لهم قواكم الله.. وحماكم.. ووقاكم شر الأشرار.. ولا تستغربون يا أبطالنا على الحدود الجنوبية.. من حبيب أبنائه في جميع القطاعات العسكرية.. هذا هو ديدن.. الوالد..الأمير القائد سلطان بن عبد العزيز إنه عطاء لا ينضب.. ويد معطاءة لا تنضب.. ولا تبخل تقدم.. وتعطي بلا منة.. بل بسخاء.. ونفس فرحة مستبشرة.. لأنه يشعر أنه أسعد الآخرين ولأنه - حفظه الله - سعيد وفرح بكل عمل خير يقدمه للفقير.. والمحتاج.. والمريض.. والمعوق.. ويروي العطشى في أرض الله الواسعة.. ويطعم اليتامى والمساكين.. ويقدر العاملين والمخلصين.. وابتساماتهم التي - والشاهد الله - (( تسر الناظرين)) فإن الله - سبحانه وتعالى - جمع تلك الصفات والحسنات.. ومن رحمة الله وبركته التي أنعم بها على البلاد والعباد فإنه - جل جلاله - منحه الصحة والعافية.. ورزقه الله لمحبته له بأن يكون سلمان الوفاء.. والعطاء.. هو من يلازمه طوال هذه الرحلة العلاجية التي والله مرت علينا وكأنها سنين.. كيف لا ونحن نفتقد ((من دون شر)) اثنين من أغلى الرجال.. سلطان.. وسلمان.. فعلاً ومن دون مواربة.. إن الوطن.. بكل فئاته وأطيافه.. عاش سنة.. دعاء وترقبا.. ولهفة.. وشوقا.. ولكن الله بنا رحيم.. وها نحن بفضله نعيش فرحة العودة.. وفرحة اللقاء.
جاءت رحلة سموه العلاجية.. والتي غاب عنا خلالها ما يقارب العام.. وكانت - والشاهد الله - كأنها مائة عام.. كنا ندعو الله ليل نهار.. أن يمن عليه بالصحة والعافية.. وألا يحرم الوطن.. وأبناءه من سلطان الخير.. والعطاء.. ومعه أمير الوفاء سلمان بن عبد العزيز.. لقد عاش الوطن سنة شوق.. واشتياق (لسلطان وسلمان) لماذا لا نعيش ألم الفراق لهما، ومن أجلهما، لأنهما عمودان من أعمدة الحكم.. والاستقرار.. والقرارات الحاسمة في هذا الوطن.. هما السند.. والقوة بعد الله لملك الإنسانية.. خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز أمدهمّ رب العزة والجلال جميعاً بالصحة والعافية.. وجمعهم على الخير والصلاح. عاد الحبيبان.. الغاليان.. إلى الوطن.. الذي سيعيش لفترة طويلة قادمة يتغنى بشموخ.. وفرح.. بتلك العودة الميمونة.. التي عاشت الرياض.. بل أجزم كل أرجاء الوطن.. فرحة العودة.. نعم فرحة عارمة ومن القلب.. من الفقراء.. والبسطاء.. والمرضى.. والمعوقين.. الذين شملهم سموه برعايته.. وعطفه.. ومؤازرته.. هم من كان يتوجهون أناء الليل والنهار، وفي ساعات القبول أن يرأف بحالهم.. وحال الوطن.. وأن يتقبل دعاءهم، وأن يمن على..أميرنا الغالي.. والحبيب.. سلطان بن عبد العزيز وأن يعيده سالماً ومعافى.. ولأن الله قريب يلبي دعوة الداعي من هؤلاء المسنين.. والأرامل.. والعجزة.. والمحتاجين. وتقبل الله الدعاء.. وعاد أميرنا وولي عهدنا.. ومعه أميرنا.. أمير الرياض المحبوب.. أدام الله عزهما ووفقهما لكل خير وأسبل عليهما الصحة والعافية.. وحفظ الله ولي أمرنا ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.. وحفظ الوطن الغالي.. وحماه ووقاه من شر الأشرار.. والحاسدين.. والطامعين.. وجعل كيدهم في نحورهم، إنه سميع مجيب الدعاء.