نصف الهنود محرومون من الكهرباء .. والفحم مصدر للتنمية والتلوث

نصف الهنود محرومون من الكهرباء .. والفحم مصدر للتنمية والتلوث

تكسو طبقة رقيقة من غبار الفحم كل شيء .. من الأشجار إلى المنازل في بلدة كوربا التي تشتهر بمناجم الفحم وسط الهند، وتمثل محور مساعي البلاد الحثيثة لتحقيق توازن بين النمو والمخاوف المتعلقة بالتغير المناخي. ينتشر الدخان في الهواء كما أن الغبار يخرج من العديد من المناجم ومحطات الطاقة في منطقة تزود مئات المصانع بالكهرباء في المنطقة الصناعية غربي البلاد وتضيء ملايين المنازل. وعلى الرغم من أن الهند أعلنت خطة مناخ جديدة تجعل من مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية عنصرا حيويا، فإن الفحم ما زال أساس إمدادات الطاقة في البلاد، حيث ما زال نصف السكان تقريبا البالغ تعدادهم نحو 1.1 مليار نسمة محرومين من الكهرباء. قال سونكار كبير المهندسين في واحدة من محطات الطاقة الحرارية العديدة في كوربا ''ستظل الكهرباء التي يتم الحصول عليها من الفحم قائمة خلال 20 أو 25 سنة مقبلة على الأقل. وأضاف ''انظروا للتكلفة المرتفعة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح. هل يمكننا تحملها .. أعتقد أنه لابد من التمهل بالنسبة للكهرباء التي يتم الحصول عليها من الطاقة المتجددة''. ومع اجتماع زعماء العالم في كوبنهاجن لحضور مفاوضات حيوية بشأن اتفاق عالمي لمحاربة التغير المناخي فإن جزءا من المناقشات سيدور حول كيفية تعامل دول نامية مثل الهند مع استخدام الوقود الأحفوري دون إعاقة نموها. وتتعرض الهند لضغوط للحد من التلوث لمحاربة التغير المناخي في الوقت الذي يزيد فيه الطلب على الطاقة مع ارتفاع مستوى معيشة الطبقة المتوسطة. والهند هي رابع أكبر مصدر للغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في العالم لكن نصيب الفرد من الانبعاثات ما زال منخفضا. وحددت الهند هدفا الخميس لإبطاء زيادة انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري قائلة: إنها مستعدة للحد من ''كثافة الكربون'' لديها أي كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعث لكل قطاع اقتصادي بما بين 20 و25 في المائة بحلول 2020 عن مستويات 2005. وكثيرا ما تصر الاقتصادات الكبرى الناشئة على أن الدول الغنية هي التي سببت ارتفاع حرارة الأرض من خلال انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري منذ قيام الثورة الصناعية وتريد أن ترى الدول الغنية تخفض الانبعاثات بنسب كبيرة قبل انضمامها إلى تلك الجهود. ولا تتطلب المعاهدات الدولية الحالية من الدول النامية خفض الانبعاثات لكن الدول الغنية مضطرة لفعل هذا. وتهدف محادثات كوبنهاجن التي ترعاها الأمم المتحدة خلال الفترة من 7 إلى 18 كانون الأول (ديسمبر) إلى التوصل إلى اتفاق ملزم قانونا بعد مناقشات بين الدول الغنية والفقيرة بشأن أي جانب الذي يتعين عليه خفض الانبعاثات وبأي نسب ومن الذي عليه دفع الثمن. وفي الوقت الذي يناقش فيه العالم تداعيات التغير المناخي وخطط خفض الانبعاثات يقول خبراء إن بلدات الفحم مثل كوربا ستشكل جهود الهند للقضاء على الفقر. وقالت سونيتا نارين العضو في مجلس التغير المناخي التابع لرئيس الوزراء ''هناك الكثير من التركيز على الفحم النظيف والتكنولوجيا التي تزيد من كفاءة محطات الطاقة لكن الفحم سيظل محوريا''. وأضافت ''هناك جانبان .. القدرة على تحمل تكلفة الفحم في بلد هناك فيه قدر كبير من الفقر وكميات التوليد الكبيرة اللازمة لتوصيل الكهرباء إلى عدد هائل من السكان''. وينظر للفحم على أنه حل لمشكلة نقص الكهرباء في الهند وهي مشكلة تحول دون التنمية في بلد يعني وجود عدد كبير فيه من الفقراء في الريف أن السكان لا يمكنهم تحمل تكلفة الكهرباء الباهظة التي تنتجها مصادر الطاقة المتجددة. وتظهر أرقام البنك الدولي أنه في العام الماضي واجهت البلاد نقصا بلغ 16.6 في المائة خلال ساعات ذروة الاستهلاك وفجوة بلغت 9.9 في المائة في توليد الطاقة. ويوجد في البلاد 10 في المائة من احتياطي الفحم العالمي وهو أكبر احتياطي بعد الولايات المتحدة وروسيا والصين لكنها أيضا استوردت نحو 70 مليون طن من الفحم الفاخر في السنة المالية الحالية وأغلب هذه الكمية لصناعة الصلب. وتعتزم البلاد إضافة 78.7 جيجاوات من توليد الكهرباء خلال السنوات الخمس المنتهية في آذار (مارس) 2012 أغلبها من الفحم الذي يمثل حاليا نحو 60 في المائة من مزيج مصادر الطاقة في الهند. وعلى الجانب الآخر فإن مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية والوقود الحيوي تساهم بنحو 8.8 في المائة فقط من توليد الكهرباء وعلى الرغم من أن هناك خططا لزيادة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الى 20 جيجاوات بحلول عام 2022 فان هذا يتوقف على مدى توافر التمويل الدولي والتكنولوجيا. وربما تكون اتفاقية نووية تاريخية وقعتها الهند مع الولايات المتحدة إيذانا بفصل جديد في الطاقة النظيفة في الهند لكن الوقت الطويل الذي تستغرقه المفاعلات في توليد الكهرباء وارتفاع تكلفتها يحول دون ذلك. وتدل إحصاءات الحكومة الهندية على أنه حتى إذا مضت البلاد قدما في خططها للطاقة المتجددة فسيظل الفحم يمثل نحو 55 في المائة من إمداداتها من الكهرباء بحلول عام 2030 . وقال اشوك شارما خبير التغير المناخي في مؤسسة هالكرو الهندية للاستشارات ''من الواضح أن المسألة بالنسبة للهند لا تتعلق بالاختيار. سيظل الفحم أساسا لكن ما سيتغير هو أنه ستكون هناك دفعة أكبر تجاه تكنولوجيا الفحم النظيف''.
إنشرها

أضف تعليق