شمسٌ تطوعيةٌ جديدةٌ تُشْعِلُ الشموس

.. برأيي أن الجهةَ الرسميةَ التي تُشرف على القطاع الاجتماعي بأيةِ أُمّةٍ من أهم الجهات تأثيراً مباشراً في تطور المجتمع، الذي يعني تطور مجمل الأمّة.. جهةٌ بالغة الحساسيةِ، لكونها مهمازٌ للتقدّم، ومتى تراخى هذا المهمازُ في تنشيط سباق التقدم والنمو، تراختْ مفاصلُ الأمة، وترهّلتْ عضلاتُها، وكلما زاد بالتنشيطِ والتحفيز لبثّ هرمونات العمل الاجتماعي لإيقاد الطاقة في عضل الأمة كانت أقوى استعداداً لنيل المراكز المتقدمة في سباقٍ عالمي لا يعرف الوقوف.
وبما أن لكل عملٍ، أو مشروع، أو ظاهرة مقياسا.. فمقياسُ الجهاتِ المشرفةِ على القطاع الاجتماعي، هو عددُ فعاليات العمل المدني التطوعي في المجتمع بمختلف أشكالِهِا ومظاهرها وأعمالِهِا وأهدافها التي تسعى لإكمال دور الدولة في الإنماء ونشر الخير والمعرفة والخدمة لأهل البلاد. كلما زاد عددُ المناشط الاجتماعية المدنية بفاعلية علميةٍ وعمليةٍ وإنسانيةٍ زادَ نجاحُ الأداءِ في هذا القطاع الرسمي.. وكلما قلّ وتلاشى فضحَ عن فشلٍ في هذه المهمة السامية، مهمةُ ضخّ الدماءِ المؤكسدة لتنشيط طاقة وحيوية الجسد العام للدولة بتنشيط فعاليات المجتمع المدني.
ونزفّ اليومَ خبراً زاخراً بالوعد الجميل في اكتمال الإجراءات والموافقة الرسمية لجمعية العمل التطوعية بالمنطقة الشرقية، وهي جمعية من صفاتِها الشمولية والمرونة لتضفي تصوراً عاما للعمل التطوعي يمكّنها استمداد القوةِ للخدمة الاجتماعية المدنية، وضمّ أعمالٍ حالية قائمة، وأعمال قادمة، متى أراد القائمون عليها، في مختلف أطيافِ العمل التطوعي.. ونستلهم هذه المناسبة لنشرِ أملٍ جديد، وإظهار تفاؤلٍ عميم، بدور وزارة الشؤون الاجتماعية وتبنيها مفهوم العمل الميداني العلمي والعملي المدني التطوعي في البلاد، والذي سيحدث ارتقاءً نوعياً بالخدمة العامة، وبإشعال الذهنيةِ الشبابيةِ لبناتنا وأولادنا للتطبيقات البناءة والخيّرةِ الابتكاريةِ الهادفة.
وستكون جمعيةُ أعمالٍ تطوعية مدنيةٍ متشكلةِ الألوان، تخدم مجتمعَ المنطقة ومدنَها ضمن طيفٍ واسعٍ من التخصصاتِ، وتكفلُ مرونتُها الواسعة لاحتواءِ الأعمالِ التطوعيةِ ذاتِ الفائدة والقيمة المضافة في المستقبل.. وستكون رافدا ومعيناً لكل جمعية موجودةٍ في ميدان العمل التطوعي بالإمداد بالأفراد، ولن تشكل هاجساً تنافسيا لهم، بل تعزيزاً وتمكيناً لأدوارهم التي يقومون بها، وسترفدهم متى استحسنوا ذلك بالعقليات الشابة المبتكرة وبالمشاركة المادية والعددية لإنجاز المشاريع ، ونؤكد: متى رأتْ وأرادتْ أي جمعية.
كما أنّ هذه الجمعية، اكتمالاً لما بدأت بهِ فرقُ شبابِ المدن التطوعية، متكاملة ومتفاعلة ومكمّلة ومعاونة لبرامج الأجهزة العامة الاجتماعية ، والمصالح والشركات، والوزارات بفروعها فيما يخص العمل الميداني المدني، إضافة إلى مشاريع الجمعية الخاصة بها. وستعمل فرقُ النساءِ الشابات لرفع القيمة العملية الاجتماعية، ليست فقط تلك الخاصة بالنساء، بل بكل ما يمكن أن تتقدم به نوعياً ومهارياً المرأةُ السعودية لتعزيز دورها ومكانتها من خلال تعزيز دورها في خدمة ناسِ مجتمعها.. وتجاربُهن ماثلة وواضحة وناجحة في هذا المجال، ولكن النجاحَ لا يعترف بالكمال ولا الاكتمال، فلا سقفَ نهائيا له، هو سعيٌ بطريقٍ يبدأ ولا ينتهي لتحقيق الأفضل، ثم يليه الأفضل، ليليه الأفضل.
وصفةُ الجمعيةِ الكبرى أنها تحملُ الروحَ الشبابية، ويصرّ الشبابُ أنفسُهم على الاستفادة من الحنكة الإدارية والذخيرة الزمنية التي سبقهم بها جيلٌ أكبر، فهناك الآن من هم أصحاب خبراتٍ في مناصب مهمة، ويحملون علماً زاخراً، وعقولاً متجددة العطاء، يشاركون في وضع خطط وأساليب وإجراءت الجمعية، ويزرعون بأرضِها بذرةً مهمة، هي بذرةُ النموِّ وتجدّد العطاء..
كلّ عملٍ تطوعيٍّ حاضرٍ أو في ضمير القادم من الأيام باختلاف توجهاته وأنواعه سيكون مرحّبا به تحت ظلّ شجرةِ الجمعية، وله أن يضيف لها ثمرةً من الثمراتِ على أغصانِها، وأن يجني ما يكون وراءَ الثمر. وسيعمل القائمون على هذه الجمعية بأن يكونَ لكل عملٍ ينضوي تحت مظلتها استقلالاً معنوياً تنظيمياً بتكوينه ودوافعه وأهدافه الأصلية إدارياً ومالياً، طالما أنه يخضع للنظام التطوعي العام للدولة، ويراعي ضرورة الإشراف الظرفي العام للجمعية وأهدافها العامة.
ومن أهمّ أعمالِ الجمعيةِ تفريخ أعمالٍ تطوعيةٍ جديدة، حاضناتٌ اجتماعيةٌ مثيلة لحاضناتِ الأعمال بالفلسفة العملية والمنظومة العلمية، فكم من فكرةٍ تطوعيةٍ مبتكرة تضمحلّ وتتلاشى لأن لا راعي لها، ولا سند، ولا تدريب ولا تمويل.. عندما تخرج هذه الأعمالُ التطوعية الجديدة من طورِ الحضانة.. لها أن تستمر تحت مظلةِ الجمعيةِ، أو أن تستقل بنفسِها بعد أن اكتملت للعملِ التطوعي الجديد. وهنا بادرةُ هذه الجمعيةِ الأولى، أنها لن تكتفي بالإشراق كنجمةٍ وحيدةٍ في سماءٍ مفتوحة، بل ترصيع السماءِ بالنجوم!
يعقدُ قريباً الاجتماعُ التأسيسي للجمعية ليتشكل مجلسُ الإدارةِ في دورتِهِ الأولى.. ويتطلع القائمون على الجمعيةِ أن تُعلن على العموم بحفلٍ افتتاحيٍّ يكرِّسُ في مضمونِهِ وبذاتِهِ رسالةً وفلسفةً واضحتين من مقرٍّ مهمٍّ بالمنطقة ليحقق تلاحماً وإعادة ترتيبِ وضعٍ عادل للأدوار في قطاعٍ مهم.. المكانُ الذي سيُعلن به استهلال أعمال الجمعية سيكون خاصّاً الآن، لسبين: أولا، لم يتم بعدُ التواصل مع الجهةِ المقصودة، مع أننا مؤمنون بحماستهم لاستضافة انطلاق الجمعية..
وثانياً، كي تبقى المفاجأةُ مفاجأةً!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي