جازان تنتظر مرحلة استيطانية جديدة

بعد أن يخمد صوت السلاح على حدودنا الجنوبية ويتوقف المتسللون عن العبور إلى أراضينا وتنكسر شوكة المتسللين ــ بإذن الله ــ وتتوقف أطماعهم وأهدافهم في جرنا إلى حرب استنزاف طويلة فإن هناك معارك أخرى ليست أقل من المعارك العسكرية وهي معركة التنمية على طرفي الحدود السعودية واليمنية ومعركة القضاء على فكر التشدد الديني الحوثي والقاعدة.
شريط الحدود السعودية ــ اليمنية يحتاج إلى تنمية تعليمية وصحية واجتماعية واقتصادية, فالصور التي تأتي من تلك المناطق تكشف عن الحاجة إلى تدعيم التنمية كما أن عوامل الفقر والجهل والوضع الصحي في القرى اليمنية تحتاج إلى مشروع تنمية شامل تشارك فيه دول الخليج والاتحاد الأوروبي والمنظمات العالمية والأمم المتحدة: التعليم والصحة والاجتماعية من أجل تطوير أنماط المعيشة لدى القرى اليمنية على طول الحدود السعودية. كما أن جانبي الشريط الحدودي بين السعودية واليمن يحتاج إلى إعادة النظر في توزيع الاستيطان وانتشار القرى المتفرقة في جيوب جبلية يصعب في بعض المواقع وصول الخدمات العامة لها من تعليم وصحة ورعاية اجتماعية, وهذا يتطلب إنشاء مدن رئيسية جديدة بمواصفات استيطانية حديثة من حيث سهولة وانبساط الموقع وقربها من مصادر الطاقة الكهربائية والمياه ومناسبتها لوسائل المواصلات.
بعد أن تضع الحرب أوزارها ستبقى لدينا مشكلة النازحين الذين غادروا قراهم وبلداتهم وأريافهم وحقولهم الزراعية ومراعيهم وهؤلاء يحتاجون إلى برنامج طويل من إعادة الاستيطان وتغيير أنماطهم الاقتصادية إذا تم الإقرار لهم بمدن جديدة لأسباب ودواع أمنية, وما سيرافق ذلك من تغيير الأنماط الاقتصادية والاجتماعية وأسلوب المعيشة الجديد الذي سينتقل من نمط إلى آخر, وحسب المعطيات والأحداث على الحدود أن هناك متغيرات ستفرض نفسها, وهذا يتطلب أن يتم التحضير له بدراسة استيطانية وبلدية واجتماعية وهندسية شاملة للتحضير لما ستكون عليه القرى الحدودية التي فرضت الدواعي الأمنية نفسها على المخطط وصاحب القرار الإداري.
وهذا التطور ليس بسبب الحرب فقط وإنما هو أمر طبيعي بعد تقسيم الحدود ووضع نقاطها رسميا أصبح من الضرورة إعادة النظر في الاستيطان, خاصة تلك القرى التي قسمها خط الحدود, وأيضا القرى التي كانت روابطها الحضارية داخل الحدود اليمنية فيتم فك الارتباط التنموي من خلال إيجاد مدن حضارية داخلية بديلة عن المدن التي يفصلها خط الحدود .. وهذا يتطلب تنمية تأخذ في الحسبان تعزيز الروابط مع مقار المناطق والمحافظات التي تقع عليها مسؤولية التنمية الحضارية.
الحرب على المتسللين، وأيضا الانتهاء من إنجاز الخط الحدودي, فرضا واقعا استيطانيا وتنمويا جديدا يدعو إلى التوجه إلى جازان لتطويرها وجعلها في أولويات مشاريع الدولة.

المزيد من الرأي