دعم الوقود يستنزف 30 مليار ريال من خزانة الدولة.. الإسكان أولى بها

دعم الوقود يستنزف 30 مليار ريال من خزانة الدولة.. الإسكان أولى بها
دعم الوقود يستنزف 30 مليار ريال من خزانة الدولة.. الإسكان أولى بها
دعم الوقود يستنزف 30 مليار ريال من خزانة الدولة.. الإسكان أولى بها

لم تمر التقارير التي تنشرها هذه الجريدة حول استيراد البنزين للسوق المحلية وينقلها موقعها الإلكتروني بالتزامن، على القراء مرور الكرام، فمعظم التعليقات التي تم رصدها على الموقع خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة والتي تأتي تفاعلا مع تقارير الاستيراد تبدي في الغالب استغرابها بأن واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم بل إنها (البنك المركزي العالمي للنفط)، تستورد بعض مشتقاته لتلبية الطلب المحلي المتزايد بصورة مقلقة.

ما علاقة معدل استهلاك البنزين بارتفاع معدلات استهلاكه وبالتالي تغطية الطلب من المستورد، وهل يدفع هذا السعر المتدني للسلعة محليا إلى عمليات تهريب لبيعها في الأسواق المجاورة؟ في السلسلة التي تبدأ “الاقتصادية” نشرها اعتبارا من اليوم، يحاول اقتصاديون ومختصون الإجابة عن تلك الأسئلة.

نشير في البداية إلى أن هناك تقديرات تقول إن دعم الطاقة منذ خفض أسعار الوقود يستنزف من خزانة الدولة 30 مليار ريال سنويا, وهو مبلغ كبير كان يفترض توجيه لقنوات أكثر نفعية للمواطنين مثل مشاريع الإسكان لذوي الدخل المحدود والمتوسط.

في أيار (مايو) الماضي نشرت ''الاقتصادية'' سلسلة من التقارير ضمن ملف الشهر حول مستوى استهلاك الطاقة وعلاقته بالأسعار السائدة، وفتحت حوارا عن الكيفية التي يتم بها ترشيد هذا الاستهلاك باعتباره يشكل ضررا كبيرا على الاقتصاد, ويمثل استنزافا خطيرا للنفط وبالتالي إلحاق تأثيرات سلبية بحقوق الأجيال المقبلة.

هذه المرة سيركز الملف على استهلاك البنزين انطلاقا من أن المملكة أكبر منتج في العالم للنفط الخام تستورد بنزينا لمواجهة الطلب المتزايد على هذه السلعة.

إلى الحلقة الأولى التي تعطي تصورا عاما عن الاستهلاك وتعرج على ظاهرة تهريبه للخارج. ونعرض اليوم أيضا بعض الحقائق والملامح من الملف الأول.. استهلاك الطاقة وأسعارها في المملكة.

تشير معلومات موثقة إلى أنه يتم تهريب 15 في المائة من البنزين الموجه للاستهلاك في السوق المحلية سواء المنتج في المصافي السعودية أو المستورد عبر شركة أرامكو لتلبية الطلب الداخلي.

#2#

ويوصف التهريب، بأنه يتم عبر طريقتين، إحداهما يمكن أن يقال عنها ''شرعية'' والثانية ''غير شرعية''.

وتتمثل الطريقة الأولى في دخول سكان بعض الدول المجاورة بشكل نظامي إلى داخل الحدود السعودية وشراء كميات كبيرة من البنزين لاستخدامها في دولهم.

يحدث هذا التهريب في الوقت الذي يتدنى سعر البيع لدينا إلى مستويات منخفضة إلى 45 هللة للتر من البنزين نوع أوكتين 91 و60 هللة للتر من نوع أوكتين 95.

وينشط التهريب بصورته الشرعية باتجاه السوق الإماراتية حيث يدخل مواطنون ومقيمون في الإمارات إلى الأراضي السعودية بصورة شرعية ويعبئون سياراتهم بالوقود مع كميات إضافية في جوالين، فيما ينشط التهريب غير الشرعي باتجاه اليمن والأردن على وجه التحديد.

أما الطريقة غير الشرعية فيتم من خلالها تخزين البنزين داخل سيارات نقل وإخفاؤه داخلها لعبور الجمارك وبيعه في دول مجاورة يزيد فيها سعره عن السعر في سوقنا المحلية بمستويات عالية تصل إلى 70 في المائة.

ويتم أيضا التهريب بهذه الصورة من خلال خلط البنزين بالزيت المحروق بحيث تتم التصفية بعد عبور المنافذ الحدودية.

#3#

وفق تقرير صدر عن '' مجلة ''بيزنس ويك'' الأمريكية في 2008 احتلت السعودية المركز الثالث ضمن قائمة الدول التي تتمتع بأدنى أسعار الوقود في العالم حيث بلغ متوسط سعر جالون الوقود 47 سنتا، بعد فنزويلا متصدرة القائمة بـ 12 سنتا للجالون ثم إيران في المركز الثاني بـ 41 سنتا وتأتي الكويت في المركز الرابع بـ 92 سنتا، ثم مصر في المركز الخامس بـ1.29 دولار للجالون.

وأشار التقرير إلى أن الإمارات جاءت في المرتبة السادسة، حيث بلغ متوسط سعر جالون الوقود 1.7 دولار, وبلغ متوسط استهلاك الوقود نحو 80.5 برميل يوميا لكل ألف شخص بمتوسط عدد سيارات بلغ 193 سيارة لكل ألف شخص.

وجاءت المكسيك في المرتبة السابعة بـ 2.62 دولار, ثم الصين في الثامنة بـ 3.4 دولار، تلتها الأرجنتين في المرتبة الثامنة بـ 3.56 دولار, وتذيلت كوبا القائمة بـ 3.75 دولار.

ويضع الاستهلاك المحلي للنفط والمشتقات النفطية السعودية من ضمن أكبر عشر دول مستهلكة للنفط في العالم بمعدل استهلاك بلغ عام 2008 نحو 2.224 مليون برميل يوميا تمثل نحو 2.6 في المائة من حجم الاستهلاك العالمي.

وأقيم حتى الآن في المملكة سبع مصاف لمقابلة الاستهلاك المحلي من الوقود بطاقة إجمالية تبلغ 2.1 مليون برميل يوميا، نصيب شركة أرامكو السعودية فيها 1.7 مليون.

كما أن للشركة حصة في طاقة تكرير خارجية تبلغ مليوني برميل يوميا، الأمر الذي يضعها في المرتبة السادسة عالميا فيما يتعلق بصناعة التكرير.

وترشح مصادر وجود خطة استراتيجية تتطلب استثمارات تصل إلى 70 مليار دولار تهدف إلى زيادة طاقة التكرير المحلية إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا، وإضافة ما بين مليون إلى مليوني برميل يوميا إلى طاقة التكرير الخارجية، وذلك لمقابلة الطلب المتنامي على أن تكتمل هذه الخطة في عام 2011، أي بعد عامين، علما أن العديد من المشاريع تم تأجيلها أو أعيد النظر فيها بسبب الارتفاع الحاد الذي شهدته أسعار النفط العام الماضي وانعكس على مختلف مجالات الصناعة، ثم جاء التراجع الأخير ليتيح الفرصة لإعادة النظر في بعض جوانب تكاليف المشاريع المقترحة لخفضها.

وتوقعت شركة بي إف سي إنرجي للاستشارات تراجع واردات السعودية من البنزين نحو 15 ألف برميل يوميا هذا العام.

وأضافت «بي إف سي إنرجي» أن الطلب على وقود المحركات الذي يجري دعمه بصورة كبيرة ارتفع 6 في المائة إلى مستويات قياسية تقارب 400 ألف برميل يوميا في نيسان (أبريل) مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

ويبلغ حجم الإنتاج المحلي من البنزين قرابة 351 ألف برميل يوميا، في حين أن الطلب سجل 400.4 ألف برميل يوميا، وهذا يعني حدوث عجز بمقدار 49 ألف برميل يوميا تعوضه شركة أرامكو السعودية بالاستيراد من الخارج لضمان الحصول على تكلفة مثالية، خاصة أن السعودية تعد ثالث أرخص بلد في بيع منتجات البنزين بعد إيران وفنزويلا. وتقدر في المتوسط واردات السعودية من البنزين بنحو 70 ألف برميل يوميا.

وأمام هذا الطلب المتنامي على المنتجات النفطية في المملكة بما فيها البنزين، تفيد مصادر أن وزارة البترول والثروة المعدنية وشركة أرامكو السعودية تعكفان على تصميم حملة ضخمة لحث المواطنين والمقيمين على ترشيد استهلاك البنزين والديزل.

وتواجه ''أرامكو السعودية'' ضغوط ارتفاع حجم الطلب المحلي من خلال الاستيراد من الخارج وتعتبر تكلفة شراء البنزين من الخارج أقل بكثير من تكلفة إنتاجه في المملكة بالنظر إلى أسعار البيع المحلية. 

ويبلغ حجم الإنتاج المحلي من البنزين قرابة 351 ألف برميل يوميا، في حين أن الطلب سجل 400.4 ألف برميل يوميا، وهذا يعني حدوث عجز بمقدار 49 ألف برميل يوميا تعوضه أرامكو بالاستيراد من الخارج لضمان الحصول على تكلفة مثالية خاصة أن المملكة تعد ثالث أرخص بلد في بيع منتجات البنزين بعد إيران وفنزويلا.

لماذا التهريب؟

يتفق مراقبون واقتصاديون – بل ومواطنون – أن السلع المدعومة، تحرض في الغالب على التلاعب فيها والاستفادة منها بصورة غير مشروعة، فناهيك عن أن قطاعات كبيرة تستفيد من دعم البنزين لدينا، ممثلة في أسطول عدد كبير من الشركات التجارية التي تتساوى في الدعم مع المواطنين، فإن البعض يلجأ إلى نقل البنزين من الداخل إلى الأسواق الخارجية لبيعه بسعر مضاعف عدة مرات.

ولا يستبعد المراقبون أن يتنامى استهلاك البنزين لدينا في الإبقاء على المستويات الحالية للأسعار دون أن تصاحبها حملة ترشيد واسعة النطاق وذات مردود فعلي أو أن تتم إعادة النظر في توجيه هذا الدعم بحيث يصل إلى المستفيدين مباشرة مع اتخاذ إجراءات تضمن عدم الاستغلال أو الاستفادة غير المشروعة.

ويتفق المراقبون على أن مسألة إعادة النظر في تسعيرة الوقود حاليا ضرورة ملحة لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى، وهذا الجانب سيتم التطرق إليه بالتفاصيل في الحلقات التالية من الملف.

الأكثر قراءة