الصحة

فيتامين (د) ... وأثره في العظام

فيتامين (د) ... وأثره في العظام

لقد أصبح من المسلم به أن لفيتامين (د) دور حيوي في تقوية العظام والحفاظ عليها وذلك بتسهيل عملية امتصاص الكالسيوم من الأمعاء إلى الدم، وهو بهذا يحافظ على مستوى الكالسيوم في الدم ضمن النطاق الوظيفي المحدد، فإذا ما نقص فيتامين (د) فإن مستوى الكالسيوم في الدم ينخفض فيتحرك الكالسيوم من العظام إلى الدم ليحافظ على مستوى طبيعي للكالسيوم في الدم، و هذه العملية تفقد العظام الكثير من الكالسيوم، مما يؤدي إلى لين العظام وضعفها. ويمكن تلخيص أهم الآثار العظمية العضلية الناجمة عن نقص فيتامين (د) بالنقاط التالية: • الكساح عند الأطفال، حيث تضعف العظام وتتشوه لاسيما الأطراف السفلية نتيجة نقص تكلس الأنسجة العظمية ( شكل1) • لين العظام عند الكبار )بعد اكتمال النمو( فإن لين العظام يتظاهر بنقص واضح في كثافة العظام مع وجود كسور في قشرة العظم، ويشتكي المريض من آلام هيكلية متعددة ( شكل2) • كسور العظام: تشير الدراسات إلى أن إعطاء فيتامين (د) بجرعة 800 وحدة يومياً يقلل مخاطر الإصابة بكسور الفقرات وكسور عنق الفخذ بنسبة تصل إلى 18%. • هشاشة العظام: تشير الدراسات إلى العلاقة بين مستوى فيتامين (د) وكثافة العظام، ولا غرابة في ذلك إذ أن نقص فيتامين (د) يؤدي إلى نقص امتصاص الكالسيوم من الأمعاء إلى الدم. • التعرض للسقوط: إن تناول فيتامين (د) بالجرعة المناسبة يؤدي إلى تقليل خطر السقوط لدى كبار السن بنسبة 22%، وهي نسبة تعتبر ذات أهمية بالنظر إلى خطورة السقوط وما ينجم عنه من كسور. ● مصادر فيتامين (د): المصدر الرئيسي لفيتامين (د) هو انبعاثه من الجلد بتأثير أشعة الشمس أو الأشعة الفوق بنفسجية. وتكمن المادة الخام (الكوليسترول) والتي تعطي فيتامين (د) في الطبقات العميقة للجلد، فإذا ما لامست الأشعة فوق البنفسجية هذه المادة الخام، فإنها تتحول بسرعة إلى فيتامين (د) من نوع (Cholecalciferol)، الذي يدخل إلى الدم وسرعان ما يصل إلى الكبد، حيث تتم عملية تنشيط أولى لفيتامين (د) فينتج مركب يعرف باسم (الكالسيديول)، وما يلبث هذا المركب أن يصل إلى الكلية، وهنا تتم عملية التنشيط الثانية فينتج بذلك مركب يسمى (كالسترويول)، وهو الشكل الأخير والنشيط الذي يتوسط عمليات امتصاص الكالسيوم من الأمعاء، المصادر الأخرى لفيتامين (د): تعتبر الأطعمة فقيرة بفيتامين (د)، فباستثناء الأسماك الدهنية وصفار البيض فإن فيتامين (د) يندر وجوده في الأطعمة. والاحتياج اليومي (بالنسبة للأشخاص الذين لا يعانون من نقص فيتامين (د))، هو 400 إلى 800 وحدة دولية، ويذهب بعض الخبراء في هذه المجال إلى 1000 وحده دولية، لاسيما عند كبار السن. والتعرض المباشر للأطراف العلوية والسفلية لمدة 10 دقائق مرتين أو ثلاثة أسبوعياً كفيل بتزويد الجسم باحتياجه من فيتامين (د)، وتختلف هذه المعادلة باختلاف لون الجلد ووقت ومكان التعرض لأشعة الشمس ● العوامل التي تؤثر على انبعاث فيتامين (د) من الجلد: 1- البعد عن خط الاستواء: كلما ابتعدنا عن خط الاستواء، كلما قلت كمية فيتامين (د) المنبعثة نتيجة التعرض للشمس. 2- فصول السنة: يقل تكون فيتامين (د) في فصل الشتاء. 3- وقت التعرض للشمس: تزداد كمية انبعاث فيتامين (د) في وسط النهار من الساعة 10 صباحاً حتى الرابعة ظهراً. 4- لون الجلد: كلما كان لون الجلد داكناً، كلما قلت كمية الأشعة التي تخترق طبقات الجلد. إن ذوي البشرة السمراء بحاجة إلى التعرض للشمس فترة طويلة تصل إلى 10 أضعاف ما يحتاجه ذوي البشرة البيضاء لتصنيع نفس الكمية من فيتامين (د). 5- كمية الدهون الموجودة تحت الجلد: كبار السن والذين تقل لديهم كمية الدهون تحت الجلد، تقل لديهم إمكانية تصنيع فيتامين (د). 6 استخدام الكريمات الواقية من أشعة الشمس: حيث تقلل من إمكانية تصنيع فيتامين (د) بنسبة تصل إلى 95%. ● أسباب اخرىلنقص فيتامين (د): • البدانة: إن مستوى فيتامين (د) يرتفع عند الاشخاص العاديين بنسبة 50% أكثر من البدناء بعد التعرض المتساوي لأشعة الشمس. • سوء الامتصاص: لدى المصابين بأمراض الجهاز الهضمي، ولا بد من التنبيه إلى أن بعض العمليات الحديثة المستخدمة لإنقاص الوزن قد تؤدي إلى نقص في فيتامين (د). • استخدام بعض الأدوية: كالأدوية المخصصة لعلاج الصرع. ● نقص فيتامين (د) وباء عالمي: تشير الدراسات إلى استفحال نقص فيتامين (د) في شتى مناطق العالم، ومن المستغرب أن المملكة العربية السعودية وهي بلاد الشمس الساطعة، تعاني وطأة نقص فيتامين الشمس أكثر من غيرها، ولعل السبب في ذلك أن حرارة الشمس الشديدة تدفع الناس إلى تجنبها، ويثير بعض المختصين احتمالات وجود عامل جيني وراثي وراء هذا النقص، وهو موضوع قيد البحث والدرس. ● علاج نقص فيتامين (د): عندما نتأكد من تشخيص نقص فيتامين (د) عند مريض ما، فإننا نلجأ أولاً إلى تعويض هذا النقص بكميات كبيره نسبياً من هذا الفيتامين، ولا تكفي الجرعات العادية الموصى بها لسد الاحتياج اليومي لعلاج من لديه نقص شديد، فإنك عندما تريد ملأ خزان بالماء فإنك لا تملأه باستخدام الكأس، وإنما تملأه باستخدام الصهريج، فإذا ما تم تعويض النقص الحاد، عندها نرجع إلى الجرعة اليومية الموصى بها. ● النظرة الحديثة لدور فيتامين (د): حديثا بدأت تظهر أدوار متعددة لهذه المادة الحيوية، وما دور فيتامين (د) في العظام إلا قمة جبل جليدي معظمة خاف عن الأبصار، ويكاد المتتبع لأخبار ودراسات فيتامين (د) أن يصاب بالإرهاق من توالي الدراسات التي تربطه بشتى فعاليات أعضاء الجسم، وتربط نقصه بالعديد من الأمراض، فالمؤشرات الأولية والدراسات البيئية المتعددة تشير إلى احتمال ارتباط نقص فيتامين (د) بداء السكري، وأمراض المناعة، وأمراض الروماتيزم، والتصلب اللويحي، وسرطان الثدي، وسرطان القولون، وقابلية السقوط، والتوحد، والآلام العضلية. *نائب رئيس الجمعية السعودية لهشاشة العظام. المشرف على عيادة هشاشة العظام. مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الصحة