Author

في ليلة حدّثنا فيها وزير التربية والتعليم

|
تشرفنا في إحدى أمسيات شهر رمضان الماضي بلقاء سمو الأمير فيصل بن عبد الله وزير التربية والتعليم ضمن عدد محدود في منزل صديقنا الأمير سعود بن عبد الله الفيصل في جدة. وكان اللقاء فرصة لنتحاور ولنسمع من الوزير مباشرة عن واقع حال التعليم في بلادنا ونطمئن عن المستقبل كما يراه الوزير. وقد خرجت بعد هذا اللقاء وأنا أشعر بارتياح كبير لسببين: الأول: أن الجميع بات مدركا اليوم بأن نوع ومستوى التعليم هو الذي سيحدد مستقبل بلادنا، وأننا بحاجة إلى تطوير التعليم أسوة بما فعلت الدول الناهضة في الشرق في العقود الأخيرة. الثاني: أن الوزير وكبار مساعديه قد جاءوا للوزارة بدعم كبير من ولي أمرنا -ـ حفظه الله، وأن لدى هذه القيادات رؤية واضحة لما ينبغي عمله. وقد فهمت من الوزير أن خادم الحرمين الشريفين يولي موضوع التعليم وتطويره اهتماما كبيرا لإيمانه بأن مستقبل مجتمعنا مرهون به، وأن التعليم هو الاستثمار الحقيقي الذي يمكن أن نعول عليه - بعون الله - بعد نضوب النفط. إن إدراكنا بوجود بعض القصور في نوعية التعليم في بلادنا، ثم امتلاكنا رؤية واضحة لما نريد أن نفعل، يجعلنا نقول إننا وضعنا أقدامنا على بداية الطريق. ويبقى أمامنا التحدي الأصعب! وهو أن نجبر أنفسنا على عمل ما يجب عمله. قلت للوزير إن العقبات جسام والتحدي كبير لكن المهمة ليست مستحيلة! فتجارب التنمية في مختلف دول العالم أكدت أن الإنسان واحد في كل المجتمعات، والفرق بين بلد وآخر يتركز في وضوح الرؤية وتوافر الإرادة الصادقة والعزيمة الماضية. وأكد لنا الوزير أن الوزارة أصبحت تسير وفق استراتيجية واضحة ومنهجية محددة أطلقوا عليها (منهجية الأغر)، وهي تركز على الاستثمار في الإنسان وتحويل مجتمعنا نحو المجتمع المعرفي المؤسس على كفاءة الإنتاج والتنافسية العالمية بحلول عام 1444هـ. وأضاف أن هذا هو خيارنا الاستراتيجي وليس لنا خيار غيره. وفهمت من الوزير أن قيادات الوزارة ماضية - بإذن الله - بخطى قوية لتنفيذ هذه الاستراتيجية تحفهم متابعة ودعم كبيران من قيادتنا. وأن هذه الاستراتيجية ستسفر عن مبادرات سريعة تغطي جميع مراحل التعليم بدءا من رياض الأطفال حتى التعليم الجامعي. وأوضح الوزير أنه إذا كانت فترة الطفرة الأولى في السبعينيات الميلادية من القرن الـ 20 قد عرفت بتبني الدولة المشاريع التنموية والخدمية الواسعة كما حصل في مدينتي الجبيل وينبع الاقتصاديتين العملاقتين، فإن مرحلة الوفرة الراهنة ستعرف بمرحلة التحولات الكبرى في مجال الاستثمار في الإنسان والفكر والمعرفة. ومن الواضح أن افتتاح خادم الحرمين الشريفين للجامعة الجديدة قبل أسابيع كان إعلانا عن هذه النقلة المهمة. سيصبح لبلادنا شأن، يوم يغدو نظام التعليم عندنا نظاما حديثا يهتم بصورة فعّالة بإكساب المهارات وتعزيز القدرات الأساسية، ويهتم بالتطوير النوعي للتربية العلمية، ويستلهم الثقافة الحديثة المتطورة، فبهذا يصبح هذا النظام قادرا على بناء الإنسان المؤهل والملتزم بأخلاقيات العمل والقادر على المشاركة بفاعلية أكبر في عمليات التنمية. كان الأمير فيصل يحدثنا بابتسامة لا تفارق محياه، كان مفعما بالحيوية مليئا بالأمل، عالما بما يجب عمله، واثقا من المستقبل، فهل يعينه المجتمع على تحقيق هذه الرؤى بحلول عام 1444هـ؟ هذا هو التحدي!
إنشرها