توافر المعلومة سبب للهدر الاقتصادي

من أهم مقومات النجاح لسياسة معينة وجود الإحصاءات الجيدة، فكلما توافرت تلك الإحصاءات عن جوانب محددة لموضوع معين وبعدالة وموثوقية زاد نجاح ترجمة تلك السياسة والخطط إلى واقع، وبالتالي تقليل التباين بين النتائج الحقيقية والتوقعات، وهذا ينطبق على غالب نواحي الحياة العملية ودوائر الأعمال والإنتاج سواء مؤسسات أو أفراد. ولأهمية الإحصاءات بشكل عام قامت على محور هذا الموضوع صناعة خدمية تعنى إما بجمع البيانات من واقع نتائج سابقة وإما استخدام طرق رياضية إحصائية مختلفة في درجات تعقيدها للخروج بتصور معين عمّا ستؤول إليه الحال باستخدام المسوحات البيانية وكذلك الاستشراف المعلوماتي عن طريق العيّنات وما إلى ذلك من الطرق في علم الإحصاء، الذي تزايد دوره في صُنع القرارات مع التطور المدني في العالم وتشعب مصادر الدخل الاقتصادي والتقدم العلمي المذهل. ومن هذا المنظور أصبحت سمة توافر المعلومة هي المحك الرئيس في الحكم على تقدم البلدان وتصنيفها التنافسي، ولذا كلما تتبعت اقتصادا متقدما وجدت أن المعلومة عن أي شيء تقريبا في هذا المجتمع متوافرة أو على الأقل يمكن الحصول عليها حتى وإن كان لذلك تكلفة مالية، فهناك مراكز معلومات واستشراف تقريباً لكل نشاط سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو علميا أو غيره. ولدينا في اقتصادنا المحلي بدأ الاهتمام بالمعلومة والإحصاءات منذ تشكل اقتصادنا على الوجه التنافسي لكن الجهود ما زالت أقصر من تلبية الحاجة الحقيقية، وذلك لكون هذه الصناعة تتجاذبها أطراف متعددة سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، وبالتالي انتهينا إلى تداخل مزدوج في بعض الأحيان تسبب في ضبابية مصدر المعلومة أو وجودها علاوة على سبب فردية الجهد بجمعها. إنني لا أنكر جهود بعض المؤسسات الحكومية المتخصصة في هذا المجال لكنني آمل أن يمتد هذا الجهد لمناحي الحياة وأوجهها المتشعبة، فليس الأمر الإحصائي والمعلومة ستكتفي فقط بالشؤون الاقتصادية بل هناك مئات المواضيع الثقافية والاجتماعية والعلمية وغيرها التي لا تعرف أين يجب أن يكون مصدرها. إضافة إلى ذلك ما زالت بعض المؤسسات الاستشارية الخاصة تقتصر على جوانب اقتصادية محدودة كسوق الأسهم أو أحجام السوق وما إلى ذلك تاركة جزءا كبيرا من المعلومة لتقديرات مؤسسات دولية مثلاً أو ما تفيء به مدارات ساحات النت ومواقعها . إن توافر المعلومة والإحصاءات الموثوقة هو ركيزة غاية في الأهمية لبناء اقتصاد ومجتمع متقدم من أولى نتائجه تقليل الهدر الاقتصادي، الذي يعانيه كل اقتصاد نام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي