جنيف: بدء مؤتمر مبادرة خادم الحرمين وأثرها في إشاعة القيم الإنسانية
شدد الدكتور بندر العيبان رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية على أن مبادرات الملك عبد الله بن عبد العزيز تسعى لإنهاء النزاعات والحروب والصراعات وبؤر التوتر التي تهدد السلام الإقليمي والعالمي ومواجهة الأزمات الحادة التي تهدد أسس التنمية والاقتصاد العالمي.
ورأى أنها المدخل الحقيقي لإزالة الظلم وإقامة سلام عادل ودائم ولتحقيق خير الشعوب.
#3#
وقال العيبان في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر مبادرة خادم الحرمين الشريفين لحوار أتباع الأديان والثقافات وأثرها في إشاعة القيم الإنسانية التي بدأت أعماله في العاصمة السويسرية جنيف أمس وتنظمه رابطة العالم الإسلامي برعاية هانس رودلف ميرز رئيس سويسرا: «إن مسألة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة تحظى بأهمية بالغة ومكانة متميزة لدى خادم الحرمين الشريفين كونها نموذجا لثقافتنا الإسلامية الثرية وموروثا حضاريا زاخرا، وإيماناً منه - حفظه الله - بالأهمية القصوى التي يكتسبها هذا الموضوع في عالم اليوم الذي يعيش في ظل أجواء ملبدة بغيوم من التوتر، واتساع دائرة التحديات التي تواجه البشرية، وإدراكاً منه لخطورة مظاهر التعصب العقائدي والعرقي ، وما يصاحبها من مظاهر العنف ورفض الآخر، مشيرا إلى أن خادم الحرمين الشريفين كان قد أوضح في كلمة لـه أن التركيز عبر التاريخ على نقاط الخلاف بين أتباع الأديان والثقافات قاد إلى التعصب، وبسبب ذلك قامت حروب مدمرة، وسالت فيها دماء كثيرة لم يكن لها مبرر من منطق أو فكر سليم».
وقال الدكتور العيبان:»إن الظلم وغياب العدل يتنافى مع قيم الإنسان ومثله العليا في السعي لتحقيق الأمن والسلام ، وصور انتشار الظلم متعددة في العالم ومن أبرزها ما يتعرض لـه الشعب الفلسطيني من عدوان واحتلال وغياب لأبسط حقوق الإنسان مما يتعارض مع أبسط القيم الإنسانية ، ويدفع بالمنطقة إلى مزيد من العنف والابتعاد عن السلام العادل».
وأبان أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين جاءت بعد تعاظم ظاهرة القلق من العنف والإرهاب والاعتداء على الآخرين - لتشكل حدثاً من أهم الأحداث التاريخية التي يشهدها العالم المعاصر، لأنها تهدف إلى مساعدة العالم على التخلص من حالة التوتر التي يعيشها، وترسم صورة جديدة للفكر البشري في العالم نحو التآلف والتسامح والتعاون لمواجهة الأزمات المتلاحقة التي يعيشها .
#2#
واقتبس الدكتور العيبان قاعدة أعلنها خادم الحرمين الشريفين في المؤتمر العالمي للحوار في مدريد بقوله: «إننا جميعاً نؤمن بربٍ واحدٍ، بعث الرسل لخير البشرية في الدنيا والآخرة واقتضت حكمته سبحانه أن يختلف الناس في أديانهم ولو شاء لجمع البشر على دين واحد، ونحن نجتمع اليوم لنؤكد أن الأديان التي أرادها الله لإسعاد البشر يجب أن تكون وسيلة لسعادتهم».
وأوضح رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية أن خادم الحرمين الشريفين قرن الأقوال بالأفعال من خلال إيجاد أرضية مشتركة بين أتباع الديانات لمساعدة العالم على التخلص من حالة التوتر التي يعيشها والعمل على حل الاختلافات والخلافات بروح الإنسانية بعيدة عن التعصب والتطرف وبمزيد من التعاون لمواجهة الأزمات المتلاحقة وحماية البشرية مما يتهددها من أخطار تمس مصالح شعوبها وبلدانها ، والسعي إلى عالم تسوده قيم العدالة والإنسانية .
وقال الدكتور العيبان «إن مبادرة الملك الإنسان خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة لم تكن الأولى في عالم مبادراته الإنسانية.
فقد قرن خادم الحرمين الشريفين الأقوال بالأفعال فقدم مبادرته للسلام في الشرق الأوسط التي تبنتها القمة العربية في بيروت عام 2002م ، ومبادرة الطاقة من أجل الفقراء في حزيران (يونيو) 2008م، وبادرت المملكة حكومة وشعبا بتقديم العون والمساعدة للدول الأشد فقراً، ودعم المنظمات المعنية بمكافحة الفقر على المستوى العالمي، ودعم صناديق الأمم المتحدة الائتمانية ، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة ، وإسقاط الديون الرسمية عن الدول النامية، ودعم هيئات الإغاثة الدولية في مواجهة الكوارث.
وأكد رئيس هيئة حقوق الإنسان على عدة نقاط رئيسة هي أن الحوار يهدف إلى إشاعة السلام ومكافحة ثقافة الكراهية والعنف والإقصاء وأن شرط الحوار الصحيح هو احترام الآخر وحفظ مصالحه وخصوصياته وأن مسؤولية إعمار الأرض وإحلال السلام فيها مسؤولية مشتركة بين بني البشر.
واستشهد بقول خادم الحرمين الشريفين في دعوته للحوار بين أتباع الأديان والثقافات:»إن حوارنا الذي سيتم بطريقة حضارية كفيل بإحياء القيم السامية ، وترسيخها في نفوس الشعوب والأمم، ولا شك - بإذن الله - أن ذلك سوف يمثل انتصاراً باهراً لأحسن ما في الإنسان على أسوأ ما فيه ، ويمنح الإنسانية الأمل في مستقبل يسود فيه العدل والأمن والحياة الكريمة على الظلم والخوف والفقر».
ووصف الدكتور بندر العيبان مبادرة خادم الحرمين الشريفين بأنها مبادرة فريدة من نوعها، تحمل بين طيّاتها الكثير من المعاني والرموز القيّمة معبرا عن الأمل في أن يعمل المشاركون في المؤتمر من رجال الدين والعلماء والأكاديميين والخبراء على سبر أغوار هذه المبادرة ، ويظهروا آثارها في إشاعة القيم النبيلة ، ودورها في إرساء قواعد الحوار وترسيخه بين المجتمعات، وتعزيز التعاون على القواسم المشتركة بين الشعوب والثقافات لكي نفتح صفحة جديدة في تاريخ الإنسانية في القرن الـحادي والعشرين، ضمن حوار ديني ثقافي حضاري مشترك.
وعبر عن تفاؤله في أن يخرج المؤتمر بنتائج إيجابية تعزز التفاهم والتآخي بين بني البشر.
#4#
وألقى الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي كلمة أكد فيها أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في سلسلة الجهود التي تبذلها الرابطة في موضوع الحوار والتي تعطيها أولوية واهتماما خاصا في برامجها وأعمالها استجابة للدعوة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى أتباع الأديان والحضارات والثقافات لمد جسور الحوار فيما بينهم في مجال المشترك الإنساني العام والتعاون في بحث سبل معالجة المشكلات التي تعانيها شعوب العالم ومواجهة التحديات التي تؤرقها وتهدد أمنها في مختلف المجالات.
وأوضح أن من أبرز جوانب مبادرة خادم الحرمين الشريفين دعوة المجتمعات الإنسانية إلى الاهتمام بالقيم الإنسانية التي دعت إليها الرسالات الإلهية من العدل والتعاون والأمن والاستقرار وأداء الحقوق والواجبات بدءا بحق الله على عباده في عبادته وطاعته وفق ما شرع والحفاظ على الأسرة ومواجهة الصراع بين البشر وتحكيم الأهواء والمصالح والانهماك في الملذات والأهواء من دون ضوابط مشروعة .وقال الدكتور التركي «إن المملكة العربية السعودية منذ تأسست وهي ترعى هذه القيم وتحرص على تطبيقها داخل المملكة وعلى التعاون مع مختلف الشعوب والأمم في الاهتمام بها والدعوة إلى التقيد بها حقا إنسانيا شرعه الله لعباده».
وأبرز الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي التجاوب العالمي الذي وجدته مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار على المستويين الرسمي والشعبي تمثل في الأصداء المشجعة للمؤتمر العالمي للحوار الذي نظمته الرابطة في مدريد كما تمثل في الجلسة الخاصة التي عقدتها الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة مما يبرز أهمية هذه المبادرة والتعبير عن تأييدها وإشادة المجتمع الدولي بها .
وأبان رئيس هيئة حقوق الإنسان أن لجنة متابعة قرارات وتوصيات مؤتمر مدريد عقدت اجتماعا لها في النمسا أوصت فيه بتجديد الالتزام بمبادرة خادم الحرمين الشريفين مشيدة بما تضمنته من دعوة مخلصة لاحترام كرامة الإنسان والحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات وأكدوا في الاجتماع أن الترحيب العالمي الذي نالته المبادرة يحملهم مسؤولية العمل المشترك لمتابعتها حتى تكون منطلقا للاهتمام بالقيم الإنسانية وترسيخها في الشعوب.
وأفاد الدكتور عبد الله التركي أن رابطة العالم الإسلامي تتطلع لأن تتحول هذه المبادرة إلى مشروع إنساني يتم تنفيذه من خلال سلسلة من المؤتمرات والندوات والبرامج تشترك في إنجازه الهيئات والشخصيات التي تسعى إلى سعادة الأسرة البشرية وتحرص على إسداء الخير للإنسانية جمعاء دون تمييز وبلورة قيم ومبادئ مشتركة تخدم التعاون والتفاهم بين دول العالم وشعوبه ومنظماته .
وأشاد بخطاب رئيس أمريكا باراك أوباما للعالم الإسلامي الذي ألقاه في جامعة القاهرة وتأييده لمبادرة خادم الحرمين الشريفين المتمثلة في حوار أتباع الأديان، ورأى أنه يسهم في تهيئة الأجواء إلى مزيد من التفاهم بين أتباع الأديان والثقافات .
#5#
وكانت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر قد بدأت بكلمة المشاركين ألقاها الدكتور صامويل كوبيا الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي هنأ في مستلها المسلمين بعيد الفطر المبارك، مثمنا مشاركة الجميع في المؤتمر الذي يجمع ويؤلف بين الناس.
وهنأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لمبادرته للحوار وسعيه إلى نشر قيم التسامح والتعاون بعيدا عن الاختلاف والتنازع.
وشدد على ضرورة الحوار الذي يعنى بالاحترام للاختلاف من مبدأ أن لدى كل شيء يقدمه مما يقوم على قيم إنسانية مشتركة بين الجميع وعلى تفاهم صادق فلا بد من الاعتراف بالفروقات والاختلافات التي هي ليست حتما تؤدي إلى صراح حضاري .
وأضاف «عندما ندخل الحوار بصدق يصبح الاختلاف مصدرا للإثمار، فجميع الأديان تعنى بالحياة الإنسانية الكريمة وهو يفرض واجبا معاملة الآخر كما يجب أن يعاملونا، فالحوار طريق لعلاقات أفضل بين بعضنا بعضا، إننا نجدد الدعوة لكرامة الإنسان وحفظ البيئة وتجنب الحروب ولا سيما الصراعات».
وجدد ترحيبه بمبادرة خادم الحرمين الشريفين ودعوته للحوار البناء بين أتباع جميع الأديان والحضارات والسعي إلى إشاعة العدالة والسلام والتفاهم مؤكدا أن الاختلافات ينبغي أن لا تؤدي للمواجهة لأن ما يجمع ويوحد هو أكثر مما يفرق .
#6#
ودعا الله أن يبارك هذا اللقاء ويوفق الجميع . بعد ذلك ألقت المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافانثيم بيلاي كلمة شكرت فيها رابطة العالم الإسلامي على تنظيم هذا المؤتمر ودعوة المفوضية السامية للمشاركة بما يسهم في تعزيز القيم الإنسانية عالميا .
ورحبت بمبادرة خادم الحرمين الشريفين التي انطلقت من المملكة العربية السعودية وقالت: «إن هذه المبادرة تتيح لنا الفرصة للحوار بهدف التثقيف وتأمين مزيد من التفاهم بين الأديان، فالقيم الإنسانية واحترام حقوق الإنسان والحياة بكرامة تشكل الأساس في جميع الأديان وهذه القيم الأساسية موجودة في جميع الكتب السماوية المقدسة لجميع الأديان».
ورأت أن المبادئ الأساسية مشتركة بين جميع البشر حاثة المشاركين في المؤتمر على تناول مسألة معالجة موضوع التمييز بين الناس على أساس الدين أو الاثني أو الرأي وغيرها من أسباب التمييز نظرا لأنها من أسباب النزاعات والتوترات.
ولفتت إلى أنه رغم القيم المشتركة بين الشعوب فإنه مازال هناك كثير من الشك والجهل وسوء الفهم وعدم التسامح بين الناس ما يخالف القيم الإنسانية المشتركة ويولد انقسامات مصطنعة، معربة عن الأمل أن يسهم هذا المؤتمر في معالجة جوانب من ذلك.
وتمنت التوفيق والنجاح للمؤتمر الذي وصفته بأنه مبادرة خيرة نابعة من إنسانية عالية وإسهام في تعزيز التعايش المنسجم بما يفتح المجال لمشاركة المجتمع المدني ويعزز التعاون والصداقة بين الأمم .