الآلية التنسيقية والمسار التخطيطي والمطارات الإقليمية تهدف إلى خدمة منطقة الرياض
رئيس تحرير جريدة ''الاقتصادية''
أشير إلى مقال الكاتب الدكتور تركي بن عبد العزيز الثنيان، المنشور في جريدتكم الموقرة، تحت عنوان ''إنماء القرى بالقروض والمشاريع'' في العدد 5796 ليوم الإثنين 3 رمضان 1430هـ الموافق 24 آب (أغسطس) 2009.
حيث تناول الدكتور تركي في مقاله موضوع تنمية القرى من خلال تشجيع الهجرة المعاكسة من الرياض إلى المدن الصغيرة والمتوسطة القريبة لمدينة الرياض، والتي يتوافر فيها كثير من الخدمات والمرافق العامة، في الوقت الذي لا تحتضن فيه كثافات سكانية موازية، مقترحا لتحقيق التوازن في توزيع الخدمات والسكان في المنطقة، تحويل ''بوصلة'' القروض والمشاريع الحكومية إلى القرى، وإعطاء القطاعات الاقتصادية ميزات وتسهيلات للاستثمار فيها، لتحفيزها على الاستثمار خارج المدن، وبالتالي خلق فرص وظيفية للمواطنين هناك.
أود الإشارة إلى أن خطط التنمية في منطقة الرياض، تسير وفق مسارات متوازية تتفق جميعها في تحقيق هدف نشر التنمية وتوزيعها بشكل متوازن في مختلف أنحاء المنطقة، وبما يساهم في الحد من هجرة سكانها إلى مدينة الرياض، وهذه المسارات تتجسد في مسار تنفيذي، وآخر تنسيقي وثالث تخطيطي.
المسار التنفيذي يتجسد في المشاريع المختلفة التي تشهدها أجزاء منطقة الرياض، والتي توجت بجملة من المشاريع التنموية الكبرى التي دشنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – أيده الله – في يوم الثلاثاء الموافق 29 ربيع الأول 1428هـ، عندما وضع حجر الأساس لأكثر من 1800 مشروع بتكلفة إجمالية تبلغ 120 مليار ريال غطت مختلف المجالات.
وخلال العامين الماضيين تزايدت هذه المشاريع التي تشهدها المنطقة، حتى بلغ إجمالي قيمتها أكثر من 280 مليار ريال، تغطي أرجاء منطقة الرياض، وتشمل جميع محافظاتها الـ 19، ومعظم المراكز الإدارية التابعة لها والبالغة 455 مركزا.
هذه المشاريع التي يجري تشييدها حاليا، تشمل قطاعات التعليم العام والتعليم العالي والصحة والإسكان والطرق والبيئة والمياه والكهرباء والصرف الصحي والاتصالات والخدمات العامة وغير ذلك من المشاريع.
ستشكل هذه المشاريع بإذن الله، ركيزة أساسية لإحداث تنمية مستقبلية كبيرة ومتوازنة في مدن ومحافظات المنطقة على أساس مبني على التكامل فيما بينها، وسيكون لها دور كبير في تلبية احتياجات المنطقة المستقبلية، وتوفير وتوزيع الخدمات والمرافق العامة في جميع مدنها ومحافظاتها، إلى جانب ما تمثله من توظيف متوازن لمقومات المنطقة من حيث موقعها الجغرافي وعدد سكانها ومواردها الطبيعية وثرواتها المعدنية وإمكاناتها الزراعية، فضلا عما ستحدثه، إن شاء الله، من توفير فرص عمل واسعة للمواطنين في شتى القطاعات، وما تمثله من أساس متين لتشكيل قاعدة اقتصادية منتجة ومتنوعة في المنطقة.
وامتدادا للنهج ذاته، جاءت موافقة خادم الحرمين الشريفين، أيده الله، يوم الأحد الثالث من شهر رمضان الحالي، على إنشاء أربع جامعات جديدة في المملكة، ثلاث منها في كل من الخرج والمجمعة وشقراء، وتشتمل على كليات في تخصصات مختلفة، ومستشفيات جامعية، وهو ما سيعزز التوجه المتعلق بتنمية المحافظات والقرى، وتحقيق التوزيع السكاني المتوازن، نتيجة ما سينشأ من فرص اقتصادية جديدة في هذه المحافظات، وما يترتب عليه من توفير فرص وظيفية لأبنائها.
كما أن العمل الجاري حاليا على تطوير مدينتين صناعيتين في كل من سدير بمساحة 257 كيلو مترا، والخرج بمساحة نحو 100 كيلو متر مربع، سيسهم بإذن الله في تحقيق نشر التنمية وزيادة فرص العمل والأنشطة الاقتصادية في محافظات المنطقة المختلفة.وبتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله، وضعت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض آلية لمتابعة سير العمل في الخطط والبرامج والمشاريع التي يجري العمل على تنفيذها في كل من مدينة الرياض ومنطقة الرياض، إلى جانب عقد اجتماعات دورية لمجلس الهيئة، مع مجلس منطقة الرياض والمجلس البلدي لمدينة الرياض ومجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، ونخبة من رجال الأعمال، لطرح قضايا المنطقة واحتياجاتها وتطور العمل في تنميتها.
هذه الآلية التنسيقية انطلقت في الاجتماع الذي عقد برئاسة سمو رئيس الهيئة يوم الثلاثاء 13 رمضان 1428هـ، وتتابع أعمالها وفق برنامج زمني محدد، يرصد ويتابع سير العمل في مختلف المشاريع التنموية التي تتعدد القطاعات التي تتبع لها من الجهات الحكومية أو الخاصة، ما يسهم، بعون الله، في تذليل ما يواجه هذه المشاريع من عقبات، ويوحد جهود هذه الجهات ويجنبها الازدواجية، في الوقت الذي توفر فيه هذه الآلية معلومات فورية عن هذه المشاريع تدعم اتخاذ القرارات على مستوى المدينة والمنطقة، إلى جانب ما تسهله من وضع الخطط والبرامج التي تقوم بها كل جهة، وما تحققه من كفاءة في تنفيذ المشاريع عبر التنسيق المتبادل بين الجهات ذات العلاقة.
أما المسار التخطيطي، فيتمثل في ''المخطط الإقليمي لمنطقة الرياض''، الذي تعده الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بالتنسيق مع مجلس المنطقة، وبالشراكة مع مختلف الجهات الحكومية والأهلية والخاصة، ويعمل على صياغة التوجهات المستقبلية للمنطقة في القطاعات كافة، ونشر التنمية وتوزيعها بشكل متوازن في مختلف أنحاء المنطقة، وذلك عبر توزيع مرافق التعليم العام والعالي والخدمات الصحية في المنطقة، وتعزيز قطاعات النقل والمياه والصرف الصحي والطاقة الكهربائية والاتصالات.
وقد عالج المخطط الإقليمي مسألة التركز السكاني وتوزيع الكثافات من خلال تأكيده على مبدأ محاور التنمية في المنطقة، عبر إيجاد تجمعات لهذه المحاور تساند المحور الذي تمثله العاصمة، بحيث تضم هذه المحاور تجمعات سكانية مختلفة الأحجام في نطاق عدة محافظات، تتميز بالترابط فيما بينها، وبتنوع اقتصادها ومواردها الطبيعية والمائية.
كما اعتمد في جانب البنية التحتية للمنطقة، على تطوير وتحسين ورفع مستوى أجزاء كبيرة من شبكة الطرق القائمة، عبر إنشاء عدد من الطرق الإقليمية الرئيسة لربط أجزاء المنطقة بشكل أكبر، وطرق أخرى تربط تجمعات المراكز فيما بينها، إضافة إلى إنشاء نظام نقل فعال داخل مراكز النمو الكبيرة وفيما بينها.
وفي الإطار ذاته، اتجه المخطط نحو تعزيز النقل الجوي في المنطقة عبر إضافة مطارات إقليمية لخدمة التجمعات السكانية في الشمال والجنوب والشرق، إضافة إلى إمكانية إقامة مطارات محلية صغيرة في أرجاء المنطقة وفقا لاحتياجات التنمية.
وفي جانب آخر، يعمل المخطط على تحسين القدرة التنافسية الاقتصادية لمحافظات المنطقة، من خلال وضع برامج عمل إقليمية يتم تنفيذها بالمشاركة بين القطاعين العام والخاص، تغطي جوانب البيئة الإنتاجية لمختلف القطاعات في المنطقة. ومن المقدر أن توفر برامج العمل الإقليمية في المنطقة بمشيئة الله، فرصا وظيفية تزيد على 630 ألف وظيفة جديدة بحلول عام 1445هـ، 60 في المائة من هذه الفرص سيوفرها القطاع الخاص.
وفي الختام، أود التنويه إلى أن ما سبق الإشارة إليه، جرى نشره مرارا في وسائل الإعلام المختلفة ومنها جريدتكم الموقرة، كما يتم نشر كل ما يتعلق بتنمية وتطوير مدينة الرياض ومنطقة الرياض في مواقع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض على الإنترنت وفي مطبوعاتها المختلفة. وتسعد الهيئة بتزويد الكاتب وكل مهتم بقضايا التنمية في المنطقة، بكل التفاصيل المتعلقة بالتنمية في المنطقة، وما تحقق من ذلك وما هو قيد التحقيق بمشيئة الله.
أشكر جريدتكم الموقرة على اهتمامها المتواصل بقضايا التنمية في هذه البلاد المباركة، كما أشكر الدكتور تركي الثنيان على طرحه، متمنيا للجميع دوام التوفيق.
عبد اللطيف بن عبد الملك آل الشيخ
عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض
رئيس مركز المشاريع والتخطيط في الهيئة