مهندس «الاستراتيجية الناعمة».. تمرس السياسة الأمنية في دراسته وعمله
عرفه السعوديون جيدا حين عصفت بمدنهم الوادعة وعلى رأسها العاصمة الرياض قنابل الفكر الضال سنة 2002، وبرزت أنياب الإرهاب تضرب المواطنين أينما كانوا عسكرا أو مدنيين في مواقع عملهم خدمة للوطن أو مقيمين عاهدناهم على الأمن والأمان في بلاد الحرمين.
وعرفه العالم والمتمكنون من أهل السياسة والإعلام بأنه مهندس الاستراتيجية السعودية لمكافحة الإرهاب، التي عرفت دوليا باسم «الإستراتيجية الناعمة»، والتي قوبلت بإشادة كبيرة بعد نجاحها في احتواء الإرهابيين وإعادة تأهيلهم عبر أسلوب المناصحة والاحتواء الذي انتهجه.
ولد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود في مدينة جدة في 30 آب ( أغسطس) 1959 م (25 صفر 1379 هـ)، ودرس مراحل التعليم الابتدائية والمتوسطة والثانوية في معهد العاصمة في الرياض، ثم درس المرحلة الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية وحصل منها على بكالوريوس في العلوم السياسية عام 1401 هـ الموافق 1981م، كما خاض عدة دورات عسكرية متقدمة داخل وخارج المملكة تتعلق بمكافحة الإرهاب.
## حياته العملية
عمل الأمير محمد بن نايف في القطاع الخاص إلى أن أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز أمرا ملكيا في 27 محرم 1420 هـ الموافق 13 مايو 1999 بتعيينه مساعداً لوزير الداخلية للشؤون الأمنية بالمرتبة الممتازة، مددت بعدها خدماته لمدة أربع سنوات اعتبارا من 27 محرم 1424 هـ بموجب الأمر الملكي الصادر في 27 ذو الحجة 1423 هـ.
ثم أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في 4 جمادى الأولى 1425 هـ الأمر الملكي بتعيينه نائبا لوزير الداخلية للشؤون الأمنية بمرتبة وزير.
وعرف عنه أنه يحضر إلى مكتبه ويقوم بزياراته إلى مواقع التفجير أو تعزية أسر شهداء الواجب أو المستشفيات بدون حراسة مشددة، كما أنه يحب العمل بعيدا عن الأضواء.
في 7 رجب 1420 هـ الموافق 16 أكتوبر 1999 صدرت الموافقة من ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الأمير عبد الله بن عبد العزيز حينها بضمه إلى عضوية المجلس الأعلى للإعلام.
يشغل حاليا عضوية الهيئة العليا لجائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة.
تصدى الأمير محمد بن نايف وعلى مدى السنوات الثماني الماضية بحزم ولين مع المئات من الشباب المغرر بهم، فأطلق العشرات من البرامج المتخصصة يأتي على قائمتها «برنامج المناصحة»، الذي سعى من خلاله لاختراق الخلايا القائمة على الفكر الإرهابي بالفكر عبر مناصحتهم بأقوال الصالحين من العلماء والمفكرين في المملكة والذين شارك منهم عديد في هذا البرنامج، انتهت بتفكيك العشرات من تلك الخلايا وإعادة دمجها في المجتمع.
#2#
كما ابتكر الأمير محمد بن نايف أسلوبه الخاص في التعامل مع الإرهابيين بتحقيق عديد من رغباتهم المتنوعة التي وجدها تافهة في سبيل إعادة جمع من الشباب السعودي إلى حضن الوطن فمن إعانة لمتزوج إلى رعاية لأسرة سجين أو شراء منزل وتوظيف لآخر، والعشرات من المواقف التي يذكرها كثير ممن تعاملوا معه والتي يجهلها كثير أيضا.
كان الحضن الأول لكل السعوديين العائدين من معتقل جوانتامو منذ تأسيسه، ولم يشغله انشغاله عن متابعة الأمن داخليا عن تتبع أخبارهم والعمل على إطلاق سراحهم ومن ثم استقبالهم ضمن برنامج أسري أبوي قل مثيله في العالم، بل إنه ذهب شخصياً إلى الجامعات السعودية ليلتقي بعض صغار المتعاطفين من المغرر بهم ليجالسهم ويناصحهم.
ومنذ نهاية 2003، قامت قوات الأمن السعودي بقيادة الأمير محمد بن نايف بإعداد قوائم أمنية للمطلوبين، صدر منها في الأول قائمتان اشتملت الأولى على 19 اسماً، بينما تضمنت الثانية 26 اسماً آخر، حيث تم قتل أو اعتقال جميع الذين وردت أسماؤهم في القائمة الأولى، وكذلك جميع الذين وردت أسماؤهم في القائمة الثانية لاقوا نفس المصير ما عدا ثلاثة منهم، إذ قتل أكثرهم، لحق ذلك قوائم أخرى كانت أقل مواجهة، إذ اتسمت القوائم اللاحقة بتسليم المطلوبين لأنفسهم.
## أسرته
للأمير محمد بن نايف الذي تربى على يد رجل الأمن الأول في المملكة الأمير نايف بن عبد العزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية منذ عهد الملك خالد،(1395هـ) ثلاثة إخوة أشقاء وهم الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، والأميرة نورة بنت نايف بن عبد العزيز آل سعود، والأميرة سارة بنت نايف بن عبد العزيز آل سعود.
الأمير محمد بن نايف متزوج من الأميرة ريم بنت سلطان بن عبد العزيز آل سعود، ولهما من الأبناء بنتان هما الأميرة سارة بنت محمد بن نايف آل سعود، والأميرة لولوة بنت محمد بن نايف آل سعود.
صورته في الإعلام الأجنبي
وفق تقارير دولية لعدد من مراسلي القنوات الفضائية العالمية وتصريحات المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين الذين التقوا الأمير محمد بن نايف في إطار التعاون السعودي الدولي لمكافحة الإرهاب، فإنه قائد إحدى أكثر العمليات فعالية، إن لم تكن أكثرها فعالية في مكافحة الإرهاب في العالم. يقول بالتاسار كارزون Baltasar Garzon المدعي الإسباني لمكافحة الإرهاب ـ في تقرير لـ NBCالإخبارية ـ ، والذي التقى الأمير محمد بن نايف في ديسمبر 2005 في الرياض، «البرنامج السعودي لمكافحة الإرهاب يعد في الوقت الحاضر من أفضل برامج مكافحة الإرهاب في العالم»، كما نقل عن جان لويس بروجير Jean Louis Bruggiere المدعية الفرنسية لمكافحة الإرهاب قالت «يجب أن أقول إن ما تقوم به المملكة العربية السعودية شيء رائع...نعم».
وقال أحد الدبلوماسيين الغربيين في الرياض «إنه رجل راقٍ ـ يقصد الأمير محمد بن نايف ـ يؤمن بأن محاربة الإرهاب في السعودية تستدعي اتخاذ خطوات أبعد من الإجراءات الأمنية، وهو يستخدم تأثيره لمحاربة الإرهاب ودعم الإصلاح».
ونقل عن السير شيرارد كوبر كولز Sherard Cowper-Coles، السفير البريطاني في السعودية منذ عام 2003، وهو ضيف متكرر على الأمير، أنه لا يكتفي بالإشادة بجهود الأمير وحده، بل يثمن جهوده في مكافحة الإرهاب وجهود السعودية بشكل عام، يقول «السيئ في الأمر أن هذه مشكلة مزمنة وخطيرة، ويحتاج حلها إلى سنوات، وأعتقد أن السلطات السعودية أول من يتعرف على ذلك. ولكن الشيء الجيد أنهم قاموا بتنظيم حملة رائعة جداً لمكافحة الإرهاب. لقد قاموا بإرباك شبكة القاعدة هنا، وأضعفوها، ولذلك فإن الإرهابيين الآن على أرجلهم الخلفية».
يقول أحد التقارير الدولية إنه ألقى الخطاب الرئيسي في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي انعقد في السعودية في فبراير 2005، ودعا فيه كبار المسؤولين من جميع أنحاء العالم للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب ، كما أنه دفع بالحملة الثقافية التي تدعو إلى أن الإرهاب خطر على الجميع، إلى جانب تزويد وسائل الإعلام الأجنبية بالمقابلات والبيانات الصحفية المصورة عن نجاح عمليات ملاحقة القاعدة.
## بعض قراراته وأحاديثه
على الرغم من أنه كان على رأس هرم الداخلية في محاربة الإرهاب إلا أنه كان شديد التحفظ في التصريح لوسائل الإعلام، مفضلا العمل وتحقيق النتائج على الحديث في الفضائيات أو وسائل الإعلام.. وهنا نذكر ببعض أشهر تصريحاته الإعلامية.
في لقائه بأسر الشهداء كان يتحدث عن مسؤولية الدولة في رعاية واحتضان أبناء الشهداء ويصر على أنهم محل عناية الدولة، ويقدم كل مظاهر العزاء لأسر هؤلاء الشهداء.
ومن قراراته الإنسانية إصداره أمراً قبل أشهر قليلة بتعيين رشيد زامل الهمزاني وسيف فدعوس الشمري في المديرية العامة للدفاع المدني وترقيتهما استثنائيا ومنحهما وزميلهم عمر أحمد الفقيه نوط الإنقاذ، وذلك لما قدموه من عمل بطولي تمثل في إنقاذ امرأة من الغرق في وادي مشار في حائل.