الأنف الإلكتروني (1 من 2)

المرض ذلك العدو اللدود للإنسان والذي يحاول أن يحاربه بكل ما أوتي من قوة, أو منعة قبل وقوعه، فالوقاية دائما خير من العلاج مستخدما بذلك طرقا مختلفة يختار منها أسرعها وأكثرها أمانا. ومن أكثر الطرق أمانا وأقلها تكلفة استخدام الخواص التي منحها الله سبحانه وتعالى للحيوانات، فعالمها عجيب مليء بالأسرار والمعجزات، فمهما بذل الإنسان من جهد ودراسة وأبحاث في سبيل اكتشاف عالمها فإنه يبقى عاجزا عن تفسير بعض السلوكيات الغريبة التي تصدر منها. ولا يملك الإنسان إلا أن يقول (سبحان الله).
الحيوانات هي الملهم الأول للإنسان البدائي، فمنذ بدء الخلق تعلم الإنسان منها كيف يتعايش مع بيئته، وحين قتل هابيل أخاه قابيل بعث الله غرابا ليعلمه كيف يدفنه. وتعلم منها كيف يعالج أمراضه، فالحيوانات بفطرتها حين تمرض تتجه لأعشاب معينة تأكلها لتشفى، كما تتجنب النباتات السامة، ونحن نظلم هذه المخلوقات حينما نضعها دائما في قفص الاتهام ونركز فقط على الأمراض التي تنقلها لنا، والتي نحن في الغالب السبب الرئيسي فيها مثل حديث الساعة اليوم إنفلونزا الخنازير قبلها إنفلونزا الطيور وأحدثها إنفلونزا الكلاب وغيرها كثير.
فالدراسات والأبحاث المتواصلة من قبل العلماء أثبتت أن الحيوانات لها حواس إضافية أو بالأحرى أنها تملك قوة في الحواس أكثر من التي يمتلكها بنو البشر. فهناك في الصين عام 1975 تم إفراغ مدينة هيجنك من سكانها بسبب التصرفات الغريبة للكلاب والقطط في المدينة وذلك قبل عدة أيام من حدوث زلزال مدمر ضرب المدينة، وبذلك تم إنقاذ حياة 150 ألف شخص من سكانها كان من الممكن أن يتعرضوا لموت محقق في حال بقائهم في المدينة. فالتصرفات الغريبة التي صدرت من الحيوانات قبل حدوث الزلزال المدمر بوقت يسمح باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية الأرواح من خلال النباح غير الطبيعي للكلاب وتصرفات الطيور الغريبة التي تنم عن الفزع والخوف، وخروج الفئران والسحالي من جحورها بكثرة وبطريقة مخيفة. وهناك حيث راح مئات آلاف البشر تحت أمواج تسونامي في ذلك اليوم الذي سيبقى خالدا في أذهان أبناء شرق آسيا عاشت الحيوانات نتيجة جهاز الإنذار المبكر لديها.
وفي بلدة فيبيرج الألمانية يقام تمثال لذكر أوز في وسط البلدة كان يسبح في نافورة الميدان ولاحظ الناس أنه يصدر أصواتا هستيرية تسبق صفارات الإنذار من الغارات الجوية في أثناء الحرب العالمية الثانية سنة 1944 وذات يوم حين تعطلت صفارات الإنذار أصدر أصواتا هستيرية لمدة ربع ساعة فهرب الناس القريبون منه ونجوا من القنابل التي دمرت البلدة ومات هو نتيجة إصراره على التنبيه. يعتبر سمك السلور أفضل إخصائي في رصد الزلازل قبل حدوثها بست ساعات وهذا مالا تستطيعه أحدث أجهزة الرصد، وينصح علماء يابانيون باقتناء هذه الأسماك لإنقاذ سكان البيت من الزلازل و كما نصح رئيس مركز الزلازل في كاليفورنيا على شاشة الـ CNN قبل فترة كل من يخشى الزلازل عليه أن يقتني فأراً في منزله!!!).. وقد اختار الفئران بالذات لأنها - على حد قوله - أكثر حساسية للتقلبات الجيومغناطيسية التي تسبق الزلازل والبراكين. وما أدهش الناس فعلاً هو صدور هذه النصيحة (وبهذه البساطة) من أكبر مركز لأبحاث الزلازل في العالم. كما استخدمت الفئران للكشف عن الألغام حيث إن لها ميزات تفوق الكلاب أحيانا في هذه المهمة نتيجة لحساسيتها وخفة وزنها وقلة تكلفة تربيتها وتدريبها.
وحاول العلماء كثيرا فهم هذه الظاهرة، ففي مركز أبحاث الزلازل أقيم مؤتمر لبحث ماهية القوى الغامضة في الحيوانات والحشرات والتي تمكنها من الشعور بالخطر قبل وقوعه، وخلصوا إلى ثلاثة أسباب: 1- حساسيتها البالغة للتغيرات في المجال المغناطيسي. 2- حاسة السمع التي تنفذ إلى باطن الأرض. 3- حاسة فوق العادة (الحاسة السادسة).
كما تمتلك الحيوانات القدرة على إدراك حالة ما قبل المرض, قام مجموعة من العلماء من جامعة جنيف في سويسرا بإعلان اكتشافهم نوعا من المستقبلات في جسم الفئران تنبههم بوجود البكتيريا والفيروسات في الوسط المحيط بها وذلك باكتشاف ما يسمى قدرة (شم المرض) لدى الجرذان والفئران والتي تتجنب الاختلاط بالحيوانات المريضة.
كما تمكن فريق العالم إيفان من اكتشاف خمسة أنواع من الجينات تدخل في تكوين حاسة الشم لدى الفئران وتنبه جهاز المناعة لمسببات المرض الموجودة في الدم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي