مقياس التعايش بين الأديان يوصي بردم الفجوة في نظرة الغرب للمسلمين

مقياس التعايش بين الأديان يوصي بردم الفجوة في نظرة الغرب للمسلمين
مقياس التعايش بين الأديان يوصي بردم الفجوة في نظرة الغرب للمسلمين
مقياس التعايش بين الأديان يوصي بردم الفجوة في نظرة الغرب للمسلمين
مقياس التعايش بين الأديان يوصي بردم الفجوة في نظرة الغرب للمسلمين
مقياس التعايش بين الأديان يوصي بردم الفجوة في نظرة الغرب للمسلمين
مقياس التعايش بين الأديان يوصي بردم الفجوة في نظرة الغرب للمسلمين
مقياس التعايش بين الأديان يوصي بردم الفجوة في نظرة الغرب للمسلمين

عادة ما يشار إلى الدين كعامل مهم في السلم والحرب بين الثقافات المختلفة، وما زلنا نذكر مقولة البروفيسور صموئيل هنتنجتون عن "صدام الحضارات" مع أن البعض سخر من نظريته وأسماها "صدام الجهالات" في سياق التقليل من شأنها لأنها استعملت من قوى سياسية في الولايات المتحدة لتبرير استهداف الإسلام كمصدر تهديد بعد زوال الخطر الشيوعي إبان الحرب الباردة.

وبالفعل استغل تيار عريض في واشنطن أحداث 11 من أيلول (سبتمبر) لإظهار الإسلام كعدو للغرب وهي محاولة فشلت بعد أن طوى أوباما في خطابه الأخير صفحة صدام الحضارات وأسس لعلاقات شراكة وتعاون بين أمريكا والمسلمين.

ولأن المسلمين هم من يعانون بشكل عام من التمييز ضدهم ولأن الإسلام يتعرض لحملة مبرمجة من قبل القوى الفكرية والسياسية في الغرب، فربما تفويت الفرصة على الآخرين يأتي عن طريق تعزيز عملية اندماج المسلمين في مجتمعاتهم والتركيز على القيم الإنسانية للدين الإسلامي وهو ما يقوم به خادم الحرمين الشريفين عندما أطلق مبادرة حوار الأديان حتى تتم عملية تعزيز القيم الإنسانية النابعة من الدين الإسلامي والتي تحث على التسامح بدلا من الصدام وهي إن رأت طريقها للنجاح فإنها ستسهل كثيرا على مسلمي أوروبا في العيش بسلام في مجتمعاتها،حيث يصادف انعقاد المؤتمر العالمي في جنيف منتصف الشهر المقبل للتعريف بالمبادرة وأثرها في إشاعة القيم الإنسانية بتاريخ 16-17 /7/2009.

وفي إطار إثراء النقاش العام والجدل الدائر حول دول الدين في العلاقات البشرية، قامت مؤسسة غالوب بالتعاون مع مؤسسة التعايش بإجراء وإطلاق أول تقرير سنوي يتناول العلاقات بين الأديان.

وللتوقف على حقيقة المواقف المختلفة بين أتباع مختلف الديانات، قامت مؤسسة غالوب بإجراء مسوحات في الدول الأوروبية الرئيسة مثل بريطانيا، فرنسا، وألمانيا للتعرف على درجة اندماج الجاليات المسلمة في مجتمعاتها.

على أن أهم ما جاء في الدراسة الثرية هو التوصيات التي تحدثت عن كيفية المضي قدما في العلاقات بين الأديان، وتكمن أهمية الانتباه لضرورة ردم الفجوة إلى حقيقة أن النظرة الغربية للمسلمين امتازت بالسلبية وبخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتفجيرات لندن ومدريد، وأكثر من ذلك أصبح هناك من بين الأوروبيين من يرى أن الجماعات المسلمة في البلدان الأوروبية كجماعات غير موالية وبالفعل برزت ظاهرة الإسلامو- فوبيا التي تشكلت بفعل خوف الأوروبيين من المسلمين ومن الإسلام ولا سيما في دول مثل هولندا إذ بدأت ترى في وجود المسلمين بأعداد كبيرة كمصدر رئيس لتهديد هوية البلد.

وبلغ الخوف من المسلمين حد الطلب من بعضهم إظهار القيم الليبرالية المتعلقة بالجنس كإثبات على أنهم مواطنون مخلصون للبلاد التي يوجدون فيها وهو أمر يثير الاستغراب وبخاصة إذا ما علمنا أن كثيرا من المسيحيين يرفضون قيما بهذه الطريقة! وبالنظر إلى نتائج استطلاعات غالوب نجد أن المشكلة الرئيسية المتعلقة بالتعايش أي مربط الفرس تتمثل في غياب الاحترام المتبادل وهذا يقودنا إلى النظر إلى مسألة الاحترام المتبادل كأحد أهم شروط الاندماج والتعايش بين أتباع مختلف الديانات في البلدان التي يتعايشون فيها بالرغم من صعوبة تطابق الهوية الدينية مع الهوية الوطنية.

الأسئلة الرئيسية

هناك عدد من الأسئلة التي تساعد على فهم الظاهرة بكليتها، فمثلا قام معدو الدراسة بأخذ رأي المستطلعين للإجابة عن خمس مقولات رئيسية هي: أولا، أنا دائما أتعامل مع أتباع الديانات الأخرى باحترام، ثانيا، أغلب الأديان تساهم إيجابيا في المجتمع، ثالثا، لا أعارض أن يسكن بجواري شخص من ديانة أخرى، رابعا، أتباع الديانات الأخرى يعاملوني باحترام دائما، خامسا، في السنة الماضية تعلمت شيئا من شخص آخر من ديانة أخرى.

طلب من المستطلعين أن يجيبوا عن هذه المقولات وراوحت إجاباتهم بين أوافق بشدة إلى أعارض بشدة.

من هذه الإجابات تمكن معدو الاستطلاع من تصنيف الجماعات ضمن فئات هي:

الانعزاليين، وهم الأفراد الذين لا يبدو أنهم ينتمون إلى دين معين وإن حصل هذا فهم عادة ما يشعرون بصواب وجهات نظرهم وهم لا يريدون أن يتعرفوا على الديانات الأخرى وهم لا يحترمون ولا يشعرون بالاحترام للديانات الأخرى.

الفئة الثانية هي ما يمكن تسميته فئة المتسامحين، وهي مجموعة من الأفراد الذين يتبنون أسلوب "عش ودع غيرك يعيش"، ومع أنهم لا يبدون ميلا للتعلم من الديانات الأخرى إلا أنهم يحترمون أتباع الديانات الأخرى.

أما المجموعة الأخيرة فهي فئة المندمجين، وهي مجموعة تريد أن تتعرف أكثر على الديانات وأتباع الديانات الأخرى وهم يعتقدون أن غالبية الأديان تساهم إيجابيا في المجتمع وهم في الغالب يحترمون الأديان الأخرى ويشعرون بتبادلية الاحترام.

مؤشر التعايش في الولايات المتحدة وأوروبا وكندا

بشكل عام، يمكن القول إن مستويات الاندماج في الولايات المتحدة وكندا هو أعلى من الوضع في القارة الأوروبية، والسبب ربما يعود إلى حقيقة دور الهجرات المتعددة في عملية بناء الدولة في كل من الولايات المتحدة وكندا، وهذا الوضع لا ينطبق على المهاجرين إلى أوروبا لأن دورهم في بناء الدولة الأوروبية الحديثة هو متواضع قياسا بالوضع في كل من كندا وأمريكا.

كما أن هناك إشكالية تتعلق بصعوبة تصنيف المهاجرين إلى الولايات المتحدة لأنهم ينتمون إلى ديانات مختلفة في حين أن الهجرات إلى أوروبا هي في جلها هجرات للمسلمين، وهذه عوامل مهمة تؤثر في درجة الاندماج والتسامح أو الانعزال.

الجدول رقم واحد يبين التفاوت بين الدول الأوروبية وأمريكا وكندا في الفئات المعتمدة لتصنيف الجماعات الدينية المختلفة.

#2#

يكشف الجدول رقم واحد أن 35 في المائة من البريطانيين و38 في المائة من الألمان يمكن وضعهم في فئة الانعزاليين وهي نسبة عالية إذا ما قورنت بـ 15 في المائة من الأمريكان و20 في المائة من الكنديين التي يمكن إضافتها إلى الفئة ذاتها.

في أوروبا النسبة أعلى بين الفرنسيين والهولنديين في قبول أن يكون هناك جار لهم من أتباع الديانات الأخرى، لكن الهولنديين هم من بين أعلى النسب التي تعتقد أن الناس من ديانات أخرى لا يساهمون إيجابيا في مجتمعاتهم وهم كذلك من بين أعلى النسب التي تفيد أنهم لا يتعلمون من أتباع الديانات الأخرى.

الجدول رقم 2 يعطي فكرة عن الفوارق بين الدول الأوروبية وكندا والولايات المتحدة ومعدلاتها حسب المقياس من واحد إلى خمس.

#3#

مؤشر التعايش في إفريقيا

ترتفع نسبة الانعزاليين لتصل إلى 42 في المائة في النيجر و44 في المائة في كل من تشاد وجيبوتي.

وهذه النسبة تختلف كليا عن دول أخرى بلغت فيها نسبة الانعزال معدلات متدنية، فمثلا بلغت النسبة في السنغال 12 في المائة وفي سيراليون 12 في المائة وفي جنوب إفريقيا 17 في المائة.

المفاجأة حقيقة في سيراليون لأنها شهدت حربا أهلية على امتداد عقد من الزمان، مع أنها حرب دارت حول الاقتصاد وليس حول الدين.

في جنوب إفريقيا الوضع مختلف لأن نظام الفصل العنصري الابرتهايد انتهى مع عام 1990 وكان هناك نزاع على أسس إثنية وليست دينية.

وفي الكثير من الحالات التي تكون فيها المجتمعات مندمجة تقوم الحكومات بتشجيع قضايا مثل التسامح وتعترف بالأعطال الدينية لمختلف الديانات، وهي تحترم التعددية الدينية كما جاءت في دساتيرها (أنظر الجدول رقم 3).

#4#

مؤشر التعايش في آسيا

ترتفع نسبة الانعزاليين في كل من إسرائيل وأفغانستان إذ بلغت النسبة 71 في المائة و84 في المائة حسب الترتيب.

فأفغانستان عانت من سنوات طويلة من الحرب الأهلية التي دارت على خطوط إثنية وطائفية، وهذا يعني من جملة ما يعني أن التوتر المدني وحده لا يستطيع أن يشرح الانعزال الديني.

أما فيما يتعلق بالوضع في إسرائيل فهو في غاية التعقيد، فاستمرار الصراع العربي الإسرائيلي وتنكر إسرائيل لحقوق الفلسطينيين الوطنية المشروعة في حق تقرير المصير يرسم خطوطا إثنية وربما دينية بين الوسط اليهودي والوسط العربي في إسرائيل.

فالعنف الذي ميّز علاقات إسرائيل مع الفلسطينيين وبخاصة حرب غزة الأخيرة ساهم في تأجيج المشاعر وأدى إلى صعود اليمين الإسرائيلي وأحزاب توصف بأنها عنصرية فاشية مثل حزب إسرائيل بيتنا الذي يقوده وزير الخارجية الإسرائيلي آفيغدور ليبرمان الذي يؤيد سياسات عنصرية تجاه عرب إسرائيل.

فالإسرائيليون اليهود هم من أكثر النسب التي لا تشعر باحترام للأديان الأخرى ولا تشعر باحترام اتباع الديانات الأخرى وبخاصة العالم المسلم والسبب بطبيعة الحال ليس معادة للسامية متجذرة في العقل الجمعي العربي والمسلم وإنما الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية والجولان السوري (انظر الجدول رقم 4)

#5#

الانطباعات الشعبية إزاء الاندماج

لم يكن النسيج الاجتماعي في أوروبا أكثر تنوعا في تاريخه، وحدث التنوع بسبب الهجرات من المستعمرات الأوروبية السابقة إلى دول أوروبا وهو أمر ساهم في تأجيج النقاش والجدل حول مكانة المهاجرين المسلمين إلى دول أوروبا المختلفة.

لكن من اللافت أن المهاجرين المسلمين إلى أوروبا لا يمكن وضعهم في خانة واحدة وهم مختلفون عن بعضهم البعض، فثمة خلافات اقتصادية واجتماعية وسياسية ومذهبية بين الجاليات المسلمة في أوروبا، بمعنى وإن كان من الممكن الإشارة إلى مسلمي أوروبا إلا أن وضعهم في الفئة نفسها فيه تضليل.

وبسبب التنوع يمكن طرح سؤال فيما إذا كانت الهوية الوطنية يجب أن تكون أحادية التكوين، أم أن الأمر أكثر تعقيدا من ذلك.

فأحد أهم الأسئلة التي تشكل جوهر الجدل حول عملية الاندماج هو قضية التطابق بين الهوية الوطنية والدين.

فعادة ما ينظر إلى علمانية أوروبا كمناقض للدين وبهذا المعنى يمثل الدين عاملا محبطا ومعيقا لعملية الاندماج بين مكونات المجتمع الأوروبي الواحد.

اللافت أن نتائج استطلاعات غالوب تشير إلى أن نسبة الذين يرون في الدين أو في الآخر كمصدر تهديد هي أقلية، ومع ذلك تشير الأرقام إلى أن نسبة عامة الجمهور بشكل عام في الدول الأوروبية ترى أكثر من الجماعات المسلمة في الآخر عامل تهديد (انظر الجدول رقم 5)

#6#

هل يهدد الناس الذين يقومون بممارسات دينية تختلف عنك نمط حياتك؟

لا يتوقف الأمر عند هذا, إذ إن نسبة الذي يتماهون مع الدين الإسلامي بدلا من الوطن مرتفعة بين مسلمي أوروبا وهذا صحيح في كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا (انظر جدول رقم 6)

#7#

درجة التماهي مع البلد أم الدين؟

مسألة الاندماج في غاية التعقيد إذ يشير كثير من المحللين إلى أن المسلمين الأوروبيين وعامة الجمهور في الدول الأوروبية لديهم خيارات أخلاقية متناقضة.

فتظهر نتائج الاستطلاع أن المسلمين الأوروبيين في العديد من القضايا التي تم اختبارها يكونون أكثر محافظة في وجهات نظرهم الأخلاقية مقارنة بعامة الجمهور في البلد التي يعيشون فيها، حيث يعبر عامة الجمهور عن مجموعة عريضة من الآراء حول القبول الأخلاقي لقضايا تشمل المثلية الجنسية والإجهاض والعلاقات خارج إطار العلاقة الزوجية.

هل هناك أرضية مشتركة للتعايش؟

هناك تباين بين المحللين حول لماذا لا ترتفع نسبة الاندماج لأنه جوهر القضية كما أسلفنا, هي مسألة التدين والعلمانية، فالبعض ينظر إلى عامل التدين كسبب في منع مسلمي أوروبا من الاندماج في مجتمعاتهم، وهنا نشير إلى أن هناك فهما مختلفا لماهية الاندماج أو شروطه، فمثلا هناك في بريطانيا من يرى أن الاندماج يعني أن يقلل الواحد من مظاهر التدين، وهنا يرى ما نسبته 42 في المائة من البريطانيين مقابل 13 في المائة من مسلمي بريطانيا أن أحد ضرورات الاندماج هي أن يكون الواحد أقل تعبيرا عن التدين.

أما في فرنسا فقد عبر 40 في المائة من الفرنسيين مقابل 20 في المائة من مسلمي فرنسا النتيجة ذاتها أما في ألمانيا فكانت النسبة 30 في المائة من العامة مقابل 18 في المائة أفادوا بالمقولة ذاتها.

ويخلص القائمون على الدراسة أن الاحترام المتبادل هو ما يوفر أرضية مشتركة للتعايش.

ما من شك أن العمليات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر أدت إلى تزايد فجوة عدم الثقة وساهمت في انعدام الثقة نحو المسلمين الأوروبيين بحيث أصبح أمراً ملموساً.

وعبرت قطاعات واسعة من المجتمعات الأوروبية على نحو صريح بشكوكها في وطنية مواطنيها من المسلمين.

ويقوم هذا التشكك العام على فهم قاصر للإسلام والعلاقة المزعومة بين الإسلام والإرهاب وهي علاقة تعمل بعض القوى المعادية للعرب والمسلمين على تأكيدها على الرغم من افتقادها أي أدلة ملموسة.

كما يطلب أحيانا من الجاليات المسلمة إثبات أنهم مختلفون عن الصور النمطية من خلال إظهار إيمانهم بالقيم الجنسية المتحررة التي توجد في أوروبا لكي يصبحوا أعضاء كاملي الأهلية في المجتمع، وخلال ذلك يتم تجاهل حقيقة أن الكثيرين من الأوروبيين يرفضون هذه القيم.

وتشير النتائج المستقاة من مؤشر غالوب – مؤسسة التعايش إلى أهم جانب في التعايش هو قضية الاحترام المتبادل، حيث إن نجاح وجود مجتمع متماسك يتطلب جهوداً من جميع قطاعات المجتمع المتنوعة حتى نضمن النتائج المرجوة.

بيد أن الأمر لا يقف عند حد الاحترام المتبادل لأن الجانب الاقتصادي مهم أيضا، فتهميش أي جالية اقتصاديا يجعلها تشعر بالعزلة وهو أمر لا يساعد على بناء دولة على أسس سليمة، وهنا يمكن الإشارة إلى عدد من العوامل مثل التعليم والظروف الاقتصادية وسياسة توظيف الأقليات لتلعب دورا مهما في عملية الاندماج الاقتصادي للمسلمين أو الأسوأ أنها قد تسهم في التهميش إن لم يحسن الانتباه لأهمية هذه العوامل.

على أنه وعلى الرغم من التوجه الرسمي لدى كثير من الدول الأوروبية للتسامح مع مسلمي أوروبا إلا أننا نجد أن هناك حالة من الاستياء فيما يتعلق بارتداء المرأة المسلمة الحجاب، وهو أمر أشار إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما عندما ألقى خطابا في القاهرة وأشار بشكل صريح لمن يحاول منع المسلمات من ارتداء ما يرونه مناسبا.

وبالفعل تحول ارتداء المرأة المسلمة إلى قضية نقاش عام وشكل إصرار المرأة المسلمة على ممارسة حقها في ارتداء الحجاب إلى عاصفة من النقد والنقد المضاد في دول أوروبية تدعي أنها تتبنى القيم الليبرالية ومن ضمنها طبعا حرية التعبير واللباس.

والمثير للاستفزاز من وجهة نظر مسلمات أوروبا أن هناك حكما قيميا على من ترتدي الحجاب مثل وصفهن بالجهل أو التخلف ورفض القيم ما بعد الحداثية .. إلخ. وما زالت الإشكالية التي رافقت منع الحكومة الفرنسة الطالبات المسلمات في فرنسا من ارتداء غطاء الرأس ودخول المدارس العامة الحكومية ماثلة أمامنا.

وعلى الرغم من الموقف من الحجاب إلا أن مسلمي أوروبا لهم موقف مختلف فيما يتعلق بحق المرأة في ارتدائه، فمثلا هناك 30 في المائة من بين مسلمي فرنسا و40 في المائة من مسلمي ألمانيا يعتبروا إصرار المرأة على حقها في ارتداء غطاء الرأس هو تعبير عن جرأة.

كما أن هناك غالبية في كل الدول تقريبا ترى أن ارتداء الحجاب يأتي كتعبير عن حالة التدين، هو أمر تفيده تقريبا ثلاثة أرباع مسلمي فرنسا على وجه التحديد. المعاني المرافقة لارتداء الحجاب هي مختلفة فمنهم من يربطها بالحرية ومنهم من يربطها بالقمع ومنهم من يرى فيها تهديد للثقافة الغربية.. إلخ، من تفسيرات مختلفة.

العزل والاندماج والتسامح هي مزايا مهمة للتفاعل بين مكونات البلدان الغربية المختلفة، فالاندماج هو عملية معقدة وذات أبعاد عديدة، وتتم بوتيرة مختلفة لكل فرد.

وتوجد في أوروبا أرضية مشتركة يمكن من خلالها إقامة حوارات جادة عن اندماج الأقليات العرقية والدينية. فالمسلمون الأوروبيون يقبلون المؤسسات الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان كوحدات بناء أساسية لمجتمعاتهم.

وعلى أي حال وعلى الرغم من وجود مخاوف فيما يتعلق بالعثور على وظيفة وتوفير الطعام للأسرة وتوفير مدارس جيدة ورعاية صحية لأفراد الأسرة، وهي تحديات تواجه كافة سكان ومواطني أوروبا، إلا أن هذه القضايا أكثر صعوبة للأقليات، حيث تشير نتائج الاستطلاع إلى أن التهميش الاقتصادي الذي يواجهه بعض المسلمين الأوروبيين قد يكون له تأثيره في رفاهيتهم.

وهذا بدوره يوجد حواجز نفسية تمنعهم من أن يصبحوا أعضاء ناشطين في مجتمعاتهم. ونتيجة لذلك يصبح من الضروري توسيع نطاق قضية الاندماج والانتقال إلى ما هو أبعد من مجرد حدود الأمن والدين والتركيز بدرجة أكبر على الصراعات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين أتباع مختلف الديانات وكذلك الذين لا ينتمون إلى أي دين معين.

ما تقدم يعكس بالطبع حالة من الازدواجية الغربية فعلى الرغم من القبول الإيجابي بالاندماج والتعايش الديني إلا أن كثيرا من القوانين تحول دون ذلك فعلى الرغم من أن القيم الديمقراطية والليبرالية تحكم المجتمع الأوروبي إلا أن التسامح الديني ممكن في قضايا ولكنه متشدد في قضايا أخرى وقد لاحظنا ما حدث في الدنمارك كيف لم يتم احترام المعتقدات الدينية بحجة ممارسة الحرية والديمقراطية وكذلك ما أثاره موضوع الحجاب في فرنسا وفي كثير من المجتمعات الأوروبية إلا أن هذا لا ينفي أن المجتمعات الأوروبية تظل مجتمعات متمدنة وتحتكم إلى منظومة من القوانين والمؤسسات ما يجعل الاندماج والتعايش ممكنا!!

الأكثر قراءة