من الشعبِ السعودي للرئيسِ أوباما

* أهلا بكم في مقتطفاتِ الجمعة رقم 305، أرجو أن تنالَ رضاكم.
***
* موضوع الأسبوع: زيارة أوباما للمملكة: السؤالان المعلـَّقان في سقفِ الإعلام الدولي حاليا هو لماذا زار أوباما المملكة قبل أن يطلق خطابَه بالقاهرة للعالم الإسلامي؟ ولماذا لم يكن الخطابُ في السعودية بحكم أنها هي مركز العالم الإسلامي؟ وتعددت الإجاباتُ وليس هناك ما يؤيد أيا منها. وما نحن منه أكيدون أنه كان يجب أن يعرّج على المملكة قبل إلقاءِ الخطاب، وقبل بدء محادثاته مع الدول الفاعلة في قضيةِ الشرق الأوسط وفلسطين وأفغانستان وإيران ليأخذ رأيَ ومشورة الملك عبد الله في عددٍ من المواضيع الدقيقةِ حتى لا تتكرّر أخطاءَ إدارة بوش التي تركت جروحاً ملتهبة ونازفة. وللاستفادة من المعلوماتِ والنفوذ السعودي في المنطقة العربية وفي العالم الإسلامي. ونظنّ أن "أوباما" فتح موضوعين مهمين مع خادم الحرمين الشريفين، هما الملف النووي الإيراني، خصوصاً أنّ الرجلين الكبيرين يميلان للحلول الإيجابية، والبعد عن اتخاذ القرارات النهائية كالحرب أو الضرب الجوي الخاطف (وهو ما إسرائيل متأهبة له تماما)، وللحفاظ على العلاقاتِ الجواريةِ الدائمة بين دول المنطقة. والموضوع الثاني، في طبائع الظرفِ والموضوع، أن يكون حول تصدير البترول وأسعاره، مع استعراض الوضع الاقتصادي السائد في العالم. فالدليلُ الاستنتاجي يقود إلى توقع إدارة أوباما أن كثيرا من المفاتيح المتعلقة بقضايا العربِ والمسلمين هي في الرياض. وهنا فمكان الخطاب يأتي بدرجةٍ ثانيةٍ، كما أن مصرَ هي الدولة الكبرى في المنطقة التي علاقاتها مع "كل الأطرافِ" مفتوحة الطرق من كل الجهات.
***
* هل تأخرنا أن نقدم كشعبٍ رسالةً موقـّعة من الملايين إلى الرئيس "باراك أوباما" لإطلاق سراح أخينا المسجون من سنواتٍ في سجنٍ بالولايات المتحدة "حميدان التركي"، خصوصاً أنه أمضى مدة كافية تستحق أن يقـَدِّر لها الرئيسُ الأمريكيُ ضمن صلاحياتِه المطلقة التي منحها له الدستورُ الأمريكي بالعفو عنه. ونضمرُ أن الشعبَ السعودي راضٍ في مسألةِ إطلاق التركي، وإبعاده نهائياً عن أراضي الولايات المتحدة، فالعقابُ قد وقع، وعقابُ الإبعاد النهائي سيقع، فلم يعد هناك مبرّر ولا أمر سائغ في صالح الحكومة الأمريكية نفسها أن يبقى الرجلُ سجيناً لمجرد السجن. إن بقاءَ السيد التركي فيه تعدٍّ على المفهوم الأمريكي للعدالة، وفيه نقدٌ وألمٌ في نفوس الكثير من السعوديين، والمسلمين. وبما أن السيدَ "أوباما" يقود الآن حملة تقاربٍ وتصالح، ومسحٍ للصورة المتطرفة التي كانت عليها الحكومة الجمهورية السابقة، فسيكون من أبلغ الأدلةِ على مصداقيةِ هذا التوجه الديموقراطي الأوبامي أن يُطلـَق سراحُ "التركي" الذي لفـَّتْ محكماته ضبابٌ وأدخنة ثقيلة، أو، على الأقل، يُسَلـَّم للسلطاتِ السعودية المختصة.. السؤالُ كان: هل فات الوقتً؟ لا، أبدا، الوقتُ لا يفوت، فبإمكاننا أن نكتب كشعبٍ عريضة عامة، وأن نعيد الكتابة مراتٍ ومرّات، أمرٌ يجب أن نفعله.. من أجل أنفسِنا أولا!
***
* زميلـُنا في مجلس الشورى الدكتور "عبد الملك الخيال" مثالٌ أراقبه بدقة. وذلك لأنه من المثابرين على الاجتهادِ في كل موضوع بطرح الأفكار والتوصيات الإضافية بلا كللٍ ولا تهاون. وهو في مهمتِهِ الكأداءِ هذه لا يتوانى ولا يدقق في مسألة القبول أو الرفض لأفكاره ومقترحاته، فهو في معزلٍ نفسيٍّ حصين عن ذلك. إن الرجلَ أمامه هدفٌ واضح، وهو أن يجتهد حسب ما يمليه عليه رئيساهُ الأكبران عقلـُه وضميرُه وبعد ذاك لا تقف أمامه العقباتُ. الدكتور "عبد الملك" واحدٌ من أقدم جيولوجيي البلاد، وأظن أن لعلماءِ طبقاتِ الأرض ولعا بتحري ما تحويه الطبقات من ثروات.. فينقبون مهما طال الوقت، ومهما أخفق البحث.. سرّهم الكبيرُ كنزٌ اسمه: الإصرار!
***
* الدكتور "ساتيش" بروفيسورٌ إنجليزي متقاعد من أصلٍ هندي، صادفته يوما في طائرة، ونشرتُ مقالاً عنه.. أما كيف وصل لبريطانيا، فهو قد سار 80 ميلا على قدمِه من قريته حتى وصل مومباي، وعمل حمّالا في باخرةٍ ذاهبةٍ إلى لندن مقابل أكله وشربه ونومه، وحُجـِزَ في منطقة القادمين لبريطانيا غير الشرعيين. وتعلم القراءةَ والكتابة بالإنجليزيةِ في معسكر الحجز من الجرائد التي تـُلف بها العطايا والهبات.. ولما سُرِّح من المعسكر عكف على القراءةِ والتعلّم والتحصيل بينما كان يعمل في الشوارع منظفاً ومتسولا.. حتى تبوأ أعلى كراسي الفلسفةِ في أرفع جامعاتِ بريطانيا.
***
* وقعتُ على شاعرٍ عظيم وأنا أتصفح كتاباً فخماً عن الشعراء اللاتين بالإنجليزية، وهو شاعر الأرجنتين الكبير "الـْمافيورت" الذي كتب:" للضعافِ الصِّعابُ بابٌ مسدودٌ، وللأقوياء بابٌ ينتظر أن يُشْرَع. الصِّعابُ تعيقُ تطوّرَ الضعفاءِ، وللأقوياء فهي أبوابٌ تخفي وراءها الفرص الكبرى لمستقبلٍ مشرق. كل شيء يقرَّر عن طريق رؤيتنا وتصميمنا. فقلوبُنا هي صاحبة القرار".
***
* عرض علي مديرٌ مسؤولٌ خطاباً من عرض خطاباتٍ أتتْهُ لملءِ وظيفة "مدير التدريب"، وكان الخطابُ من شابٍ يقول: "أنا فلانٌ ابن العائلة الفلانية الكبيرة، ولي صلةٌ بالشخصيةِ الكبيرة الفلانية، جميلُ الشكل، وفزتُ باختبارات ذكاءٍ، وتخرجتُ في أرقى المدارس". دون أن يذكر حرفاً عن العمل الذي سيملأه ولا عن رؤيته له.. فسألني المديرُ: بماذا أرد عليه؟ قلتُ: قـُلْ له: "إننا لا نستطيع قبولَ طلبِك، لأننا نريد مديراً للتدريب، لا مديراً لتحسين النسل!"

في أمان الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي