الملك وحديث عن: الاقتصادين المحلي والعالمي

الحديث الاقتصادي الضافي الأخير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله-، لصحيفة "السياسية" الكويتية، الذي نشرت "الاقتصادية" نصه كاملا في العدد 5707، جاء ليؤكد للعالم أجمع، قوة ومتانة الاقتصاد المحلي، وبالذات على قدرته في التعامل مع إرهاصات وتداعيات الأزمة المالية العالمية، ولا سيما أن النظامين المالي والنقدي، بما في ذلك النظام الاقتصادي، قد تمكنوا من التعامل مع إفرازات تلك الأزمة، بمرونة عالية، مما ساعد بشكل كبير على التقليل من تأثيراتها السلبية المباشرة، وجنب تلك الأنظمة، وبالذات الاقتصاد السعودي الدخول في حالة من الانحسار أو الركود أو الانكماش الاقتصادي.
تأكيدات الملك بمتانة الاقتصاد السعودي لصحيفة "السياسة" الكويتية، جاءت مدعمة بالأرقام وبالحقائق وبالمؤشرات وبالدلائل الاقتصادية، التي لا تقبل للتأويل أو حتى للشك، حيث أكد ـ حفظه الله ـ أن الميزانية السعودية الجديدة المعلنة للمملكة (2009)، قد زاد حجم الإنفاق فيها على نظيره في الميزانية السابقة، بما يقارب 40 مليار ريال، أو ما يوازي نحو عشرة مليارات دولار، كما قد جاء هذا الرفع في الإنفاق مقروناً بالفعل، حيث إن هناك عديدا من المشاريع الضخمة الخاصة بالبنية التحتية، قد تم التوقيع على بدء العمل فيها، والتي جاءت في طليعتها شبكة طرق يصل أطوالها إلى أكثر من ثمانية آلاف كيلومتر، هذا إضافة إلى سكك حديدية طولها يناهز أربعة آلاف كيلومتر، والتي ربما ستكون هي الأطول في العالم، كما أنه سيعلن في القريب عن مشاريع أخرى كبرى، تشمل البنية التحتية والإعمار والصناعة في مدينة ينبع، إضافة إلى مشاريع مياه تبلغ تكلفتها قرابة تسعة مليارات ريال في العاصمة الرياض وحدها.
كتأكيد إضافي على متانة الاقتصاد الوطن، ووضع السيولة المالية للمملكة، أكد الملك استمرار الدولة في تنفيذها للمشاريع، التي تضمنتها خطط التنمية الموضوعة، وأن حجم الإنفاق لن يتقلص، كما أن المملكة لن تكون في حاجة إلى ديون داخلية أو خارجية، وبالتالي سيتم الإنفاق على المشاريع بالشكل الذي لا يعيد حالة التضخم إلى المملكة، التي قد تم السيطرة عليها، بالتراجع بشكل ممتاز.
بالنسبة إلى وضع الاستثمارات السيادية الخاصة بالحكومة السعودية، فقد أكد الملك للصحيفة المذكورة، أن تلك الاستثمارات لم تتأثر من جراء الأزمة المالية العالمية، وأن المملكة لم تبع أياً منها، وأن الانخفاض الذي طرأ عليها أخيرا، كان بسبب تراجع في أسعار القليل منها، بما لا يحمل في طياته أية خسارة محققة، لكونه تراجع في القيمة الدفترية فقط، وأما إذا كان هناك بيع، فإنه سيكون بيعا بهدف تصحيح مراكز الاستثمار من أجل أداء أفضل ومردود تستفيد منه المملكة، وكل ذلك يجري وفق دراسات وتحليل عالي التقدير من قبل جهاز الدولة المالي.
بالنسبة إلى أسعار النفط العالمية، فقد رأى الملك أن السعر العادل لبيع البرميل من النفط هو ما بين 75 و80 دولارا أمريكيا، مستنداً في هذا الرأي إلى أن النفط لا يزال مادة استراتيجية مهمة، ستزداد حاجة العالم إليه في السنين القادمة بشكل أكثر من الأعوام الماضية، كما أنه سيظل هو عنصر الطاقة الأهم الذي لا بديل عنه.
بالنسبة إلى وضع الاقتصاد العالمي ووضع الأزمة المالية العالمية، فقد أبدى الملك ـ حفظه الله ـ في حديثه لصحيفة "السياسة" الكويتية، تفاؤلا كبيراً بحالة الاقتصاد العالمي، عندما أكد أنه يشهد الآن تشافيا، مستشهدا في ذلك بتعافي اقتصادات الدول الكبرى من آثار الأزمة المالية العالمية، وأن إرهاصات هذا التعافي قد بدأت جلية أثناء انعقاد قمة العشرين الأخيرة، التي عقدت في مدينة لندن، كما أن هذا التعافي يسير بوتيرة أسرع مما تم تداوله وتوقعه بذلك الاجتماع، وأن الذعر الذي انتاب أوساط الاقتصاديين في معظم دول العالم إبان وقوع الأزمة المالية العالمية قد اضمحلت تأثيراته وخفت وتيراته.
بالنسبة إلى وضع الاقتصاد الخليجي، فقد أوضح الملك أنه ببداية الأزمة المالية العالمية، كان هناك تخوف في لقاءات القادة الخليجيين، ولكن بعد بحث الأمر مرارا، استقر الرأي على ضرورة زيادة التلاحم الاقتصادي والربط المصلحي لدول المنطقة، بشكل أسرع وأفضل، بما يوفر الحماية لاقتصاداتها، بما في ذلك التحرك دوليا كطرف واحد خصوصاً من أجل المساهمة في إيجاد أو طرح الحلول، مع زيادة الانفتاح الاقتصادي البيني بما في ذلك الاتفاق على الوحدة النقدية، حيث إن ذلك سيجد لدول المنطقة، قوة اقتصادية على الصعيدين الإقليمي والعالمي، خصوصاً وأن لدى دولنا مخزوناً نفطياً تشكل نسبته قرابة 30 في المائة من الاحتياطي النفطي في العالم.
خلاصة القول، إن حديث خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله - الأخير لصحيفة "السياسة" الكويتية، الذي طمأن من خلاله العالم على حالة الاقتصاد السعودي ووضع الاقتصاد العالمي، يجب أن يتعامل معه بالجدية المطلوبة، لكونه يعكس صورة حقيقية لمستقبل مشرق لاقتصادات دول العالم، بما في ذلك الاقتصاد المحلي، وبالذات في ظل بدء تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات الأزمة المالية العالمية، والتحسن الذي طرأ على أسعار النفط العالمية خلال الآونة الأخيرة، يتطلب كذلك من وسائل الإعلام المختلفة، تحري الدقة المتناهية لدى تحريرها الخبر الاقتصادي، بالشكل الذي يعكس حقيقة وضع الاقتصاد العالمي، بعيداً عن الإثارة الصحافية غير المبررة، وبالذات في ظل التفاؤل الذي أكد الملك بمستقبل أداء الاقتصاد المحلي والعالمي للصحيفة المذكورة، وبالله التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي