إدارة الابتكار أسلوب جديد للشركات لتحقيق النجاح

إدارة الابتكار أسلوب جديد للشركات لتحقيق النجاح

ماذا تعني كلمة الابتكار؟ كانت تُستخدم في العادة للإشارة إلى المنتجات، وذلك لا يزال مهماً. ولكن مع مرور العقد الماضي أو نحو ذلك، بدت النشاطات العملية تضع المزيد والمزيد من التركيز على ابتكار الخدمات الجديدة ونماذج النشاطات العملية كذلك. وفي ضوء ذلك، فقد حان الوقت للشركات لكي تأخذ نظرة مغايرة على كيفية إدارة الابتكار.
إن الابتكار واحد من أقل المجالات ذات الإدارة الجيدة في معظم الشركات"، كما يقول ديفيد ميدجلي، أستاذ التسويق، ومؤلف كتاب "كتيب الابتكار – The Innovation Manual". "إن هذا يؤدي إلى تبديد الموارد، وإلى أخطاء مكلفة. إنه ليس المجهود الذي تضعه الشركات في الابتكار هو الذي يقرر النجاح، ولكن بدلاً من ذلك، فإنها الطريقة التي تتبعها الشركات في كيفية القيام بالابتكار الذي يميّز القادة عن غيرهم".
وأغلب المعلومات المتوافرة اليوم، والمتعلقة بإدارة الابتكار وُجدت للغرض نفسه، حيث تعالج بعض مسائل محددة مثل التكنولوجيا، أو المالية. ولكن بينما تتسع حدود الابتكار، سيحتاج المزيد من المديرين إلى معرفة عملية، وأدوات تعمل على تجاوز تلك الصوامع الوظيفية.
أكثر من مجرد إلكترونيات جيدة:
إضافة إلى تزويد المعرفة العملية، وعدة الأدوات التي تتماشى معها، يدرس كتاب "كتيب الابتكار – The Innovation Manual"، ما يُعرف بإدارة الابتكار، ويتساءل ما إذا كانت صالحة للتطبيق اليوم, في حين من الممكن أن يكون الابتكار بالفعل منتجاً، ولكنه منتج بخدمة ملحقة به، ويدفعه نموذج نشاط عملي مختلف تماماً عما كان عليه قبل عدة أعوام.
ومن أجل تصوّر الفكرة، يستخدم ميجدلي مثالاً عن جهاز آيبود من أبل. لقد باعت أبل مئات الملايين من أجهزة الآي بود منذ طرحها في السوق في عام 2001. ولكن، كما يقول، إن ذلك النجاح ليس لأن جهاز الآي بود منتج ابتكاري نظراً إلى أن هنالك عدة أجهزة أخرى مماثلة. وإن النقطة الفعلية بشأن جهاز الآي بود هي الخدمة التي تسمح للزبائن بتحميل الأغاني بسهولة، ونموذج النشاط العملي لكل من أبل، وصناعة الموسيقى من أجل تحقيق الربح من عمليات التحميل تلك.
"وفاوضت أبل بشأن نموذج عملي بخصوص صناعة الموسيقى التي سمحت للجميع بالحصول على ما يريدونه، وأن تحصل صناعة الموسيقى على حقوقها الملكية، وأن تبيع أبل تحميل الأغاني، وجهاز الآي بود نفسه، وأن يكون الزبون قادراً على اختيار الأغاني التي يريدها، بدلاً من التكيّف مع مجموعات طرحتها الصناعة بسبب نموذج نشاط عملها السابق"، كما يقول ميدجلي. "هذه هي ابتكارات أبل الحقيقية، والباقي ما هي سوى إلكترونيات جيدة".
لم يعد الأمر بسيطاً:
في الماضي حين كان الابتكار مرتبطاً بالمنتجات فقط، كان من الأسهل بالنسبة للشركات إدارته، حيث تصمم مجموعة من الموظفين منتجاً، وتمرره إلى مجموعة أخرى لكي تبيعه. ولكن الحدود الأوسع للابتكار تتسم بأمور أكثر تعقيداً بالنسبة لمديري الشركات المسؤولين عن توصيل الابتكارات إلى عالم الأسواق.
إن تطبيق الابتكار اليوم قد يتطلب القيام بتغييرات رئيسية على مستوى المؤسسة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يعني تطبيق الخدمات الابتكارية تحقيق التغييرات في برامج تدريب الموظفين، وإجراءات الشركة. وإن ابتكار نموذج النشاطات العملية يستلزم أن يفهم الجميع الطريقة الجديدة لتحقيق الأرباح، أو، إن لم يكن ذلك ممكناً، إنشاء وحدة نشاط عملي جديدة.
ومن أجل فهم نوع التغييرات التنظيمية اللازمة للابتكار، فإن المدير بحاجة أولاً إلى فهم نوع التحديات التي سوف يفرضها الابتكار. وبالنسبة لميدجلي، هنالك ثلاثة أنواع من التحدي: الزبون، والتكنولوجيا، ونموذج النشاط العملي. إن فهم النوع الذي يُدرج تحته الابتكار هو مفتاح فهم الخطوات التي تحتاج الشركة إلى اتخاذها فيما بعد.
"إذا كان الأمر متعلقاً بتحدي الزبائن، فأنت بحاجة إلى تكييف ذكائك وخدماتك بطريقة معينة"، كما يفسّر ميدجلي. "إذا كان التحدي على الجانب التنظيمي، فأنت بحاجة إلى طريقة أخرى. وإذا كان التحدي عبارة عن اختراق ثلاثي الجانب، فربما عليك أن تفكّر بالأمر كخطورة كبرى".

ويعالج تحدي الزبائن إلى أي مدى يمكن أن يكون هذا الابتكار بعيداً عن الطريقة التي يفكّر بها الزبون عادةً. فعلى سبيل المثال، صممت شركة نينتيندو قنصولة "وي – Wii" لألعاب الفيديو من أجل أن تروق لقاعدة زبائن بالكامل، وبالأخص الناس الذي لا يفكرون بالعادة بلعب ألعاب إلكترونية.
"إن الأمر المثير المتعلق بـ "وي" ليس التكنولوجيا، حيث تُعتبر مباشرة بصورة محلوظة"، كما يقول ميدجلي، "إنه ليس نموذج النشاط العملي، لأنه في الواقع نموذج نشاط عملي تقليدي إلى حدٍ كبير بالنسبة لعالم الألعاب، بل إن الأمر الابتكاري، والإبداعي حقاً هنا هو ابتكار ألعاب تروق للجدات، أو العائلات، أو الناس الذين لا يلعبون الألعاب البسيطة "للتصويب على الأشياء الطائرة (مثل الكرات)" على بلاي ستيشن 3".
أما النوع الثاني، وهو التكنولوجيا، فيتساءل عن التحدي الذي سيفرضه الابتكار على المؤسسة. فقد فرضت التكنولوجيا التقليدية لبلاي ستيشن 3 تحدياً على سوني لأن الشركة كانت تبتكر معالجاً جديداً لكنصولة اللعب، وقاعدة الزبائن الموجودتين أصلاً. ويعالج تحدي النموذج العملي كيفية عمل الشركة على تحقيق الربح من سلسلة القيمة القائمة أصلاً، وذلك ما تمكنت أبل من التغلب عليه فيما يتعلق بجهاز الآي بود.
البداية هي النهاية:
إن الهدف الأسمى لأي ابتكار هو تحقيق قيمة في أذهان الزبائن. ويحدد ميدجلي خمس مهام بالغة الأهمية بحاجة للقيام بها من أجل إنجاز ذلك، وتزويد أدوات للمديرين ليستخدموها في إنجاز المهام. وتشمل المهمة الأولى تحديد الاتجاه، وتحديد قواعد التنفيذ. وأما المهمة الثانية، فهي تأسيس فريق عمل. إن الفرق بالغة الأهمية للنجاح، وبالتالي فإن الشركة بحاجة إلى انتقاء أكثر الفرق ملاءمة لنوع الابتكار.
أما المهمة الثالثة فتشمل العمل مع الزبائن كمبدعين مشاركين. "تحصل على المزيد من المنفعة بالعمل مع الزبائن الصحيحين في الوقت الصحيح بالظهور فجأة، والقول: "ها هو ابتكارنا البرّاق والجديد، فهل يروق لك؟"، كما يقول ميدجلي.
وبمجرد أن تم تحديد الهدف، وتم انتقاء الفريق الصحيح، وحُدد الحل الذي يتفق مع حاجة إلى زبون متحمس، فإن المهمة الرابعة هي اتخاذ التغييرات التنظيمية الضرورية من أجل توفير الحل. وذلك صحيح بصورة خاصة بالنسبة لابتكارات الخدمات، أو نموذج النشاط العلمي.

أما المهمة الخامسة، فهي بناء قوة دافعة في السوق من أجل الحل. وإن المديرين بحاجة إلى تصميم، وابتكار أسواق للابتكارات بفهم عميق حول كيفية موافقة الزبائن، أو رفضهم لها، وهو أمر لا تقوم به الشركات بصورة صحيحة دوماً.
على سبيل المثال، فإن المساعد الرقمي الشخصي – PDA ((Personal Digital Assistant، كان منتجاً عالي الابتكار تخبّط حين تم التعريف به لأول مرة من قبل أبل، وتاندي، وموتورولا. وإن تلك الشركات لم تختر الزبون المستهدف الصحيح من أجل العمل على دفع السوق، ولم تفهم كيف يمكن لأولئك الزبائن الحصول على أفضل قيمة من الابتكار. ونتيجة لذلك، انتهى المطاف بالشركات الثلاث إلى التركيز على المواصفات الخاطئة للمنتج.
ومن ثم عرّفت بالم بالمنتج نفسه جوهرياً، ولكن بدراسة كيفية استخدام الزبائن له، وكانت الشركة قادرة على تسويق مواصفات ذات مغريات شرائية عالية بالنسبة للزبائن. وفي النهاية، فإن نسختها عالية النجاح لجهاز PDA "المساعد الرقمي الشخصي" بيعت بالملايين.

الأكثر قراءة