أوباما والمائة يوم الأولى .. وقابلت أوباما!
ذكرني صديق عزيز بأنني متخصص في الرئيس أوباما وأنني قد وعدت بأن أكتب عنه بعد المائة يوم الأولى وها أنا أتجاوب مع الرغبة الثانية، أما الأولى التخصص فإنني قد أقفلت هذا الملف" والحقيقة أن أداء الرئيس أوباما في هذه الفترة قد أزعج من كان لديهم الشك في قدرات الرئيس، فقد أبلى بلاء حسناً في هذه الفترة وأصدر كثيرا من القرارات التي وعد بها في فترة الانتخابات وشارك بمهارة فائقة في اجتماع العشرين في لندن وأدى انحناؤه التاريخي لقامة الملك عبد الله مع ما يمتلكه من شعور التقدير والإعجاب لخادم الحرمين الشريفين، إلى تناول الصحف الأمريكية مثل هذا الحدث بكثير من التحليل ولا شك أن القارئ المهتم قد تابع ذلك، وفي الفترة نفسها سار بركبه إلى عدد من الدول الأوروبية في زيارة قصيرة ثم انتهى به المطاف في برلمان تركيا ليلقي خطاباً يؤكد احترامه للمسلمين ورغبته في فتح باب التعاون مع الدول الإسلامية التي يكن لها كثيرا من التقدير والاحترام، وها هو يعد العدة لإلقاء خطاب تاريخي آخر في البرلمان المصري في الرابع من حزيران (يونيو) المقبل، لقد كان التقييم العام من قبل الرأي العام رصيداً آخر من الفخر يضاف إلي المسيرة المهنية للرئيس أوباما بما في ذلك قياس شعبيته التي ارتفعت بشكل كبير بل إنها فاقت أسلافه الذين تم انتخابهم خلال الـ 30 عاما الماضية والتي كان أدناها في البداية والنهاية الرئيس بوش الابن الذي ودع الرئاسة بأسوأ تقييم ربما كرئيس أمريكي، تجاوزت شعبية الرئيس أوباما 70 في المائة وهو رقم مرتفع بكل المقاييس وتجاوز ذلك شعبية الكونجرس، كما أن عائلته في البيت الأبيض والمكونة من السيدة الأولى وبنتين وكلب هي الأخرى تحظى بشعبية كبيرة، وكان في مقدمة إنجازاته الحصول على موافقة الكونجرس على الميزانية وخفض الضرائب على الدخل ومنح أفضلية لإنفاق البرامج الصحية والبنية التحتية والتعليم وتخصيص مبالغ كبيرة لحماية المنازل التي وقعت ضحية الرهن العقاري المبالغ فيه وللسيارات ولإنقاذ البنوك وإرغام بعض الشركات الكبيرة والبنوك بطريقة مباشرة وغير مباشرة على تخفيض مخصصاتها لكبار الرؤساء وكذلك التعويض والمكافآت، كما ألزم شركتي السيارات جنرال موتر وكرايسلر على التوجه نحو الإفلاس أو خروج رئيس شركة جنرال موترز ووقع عددا من المراسيم أكثر من أسلافه، كما أعاد بمهنية عالية التواصل مع المجتمع الأمريكي والمجتمع الدولي فأرسل إشارات إيجابية إلى بعض الدول "المارقة" بحكم تصنيف واشنطن السابق مثل إيران وفنزويلا ورفع الحذر من السفر إلى كوبا وأمر بإغلاق السجن سيئ الذكر جوانتنامو وفتح أبواب التحقيق في وسائل التعذيب التي أقرتها الإدارة السابقة، وكانت رؤوس القرار فيها إضافة إلى الرئيس بوش الابن ونائبه ديك تشيني ووزيرة الخارجية ومستشارة الأمن القومي السابقة كوندوليزا رايس وسيئ الذكر وزير الدفاع السابق رامسفيلد، وقد بالغ كثير من الصحف ومراكز مسوحات الرأي العام في تتبع أعمال الرئيس بشكل يومي بما في ذلك تاريخ إلحاق الكلب الجديد بالبيت الأبيض. إن العرب والمسلمين لديهم مقياسان لا ثالث لهما للحكم على هذه الإدارة وتصنيف أدائها في المساهمة في إيجاد الحلول العادلة طبقاً لخطة السلام العربية وخريطة الطريق مع الكيان الصهيوني وكذلك الاحتواء للبرنامج النووي الإيراني. إن الحاجة ملحة لتدخل الإدارة السريع خاصة أن الرئيس على وشك بدء لقائه الماراثوني مع الرئيس مبارك ورئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس محمود عباس، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي وعد بمفاجأة مدوية عند لقائه بالرئيس الأمريكي، وآمل أن أكون خاطئاً في إلحاق سوء الظن والشكوك والريبة في سلوكيات ومبادئ ومهنية ووعود رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولا شك أن تتخبط الرئاسة الإسرائيلية في مواقف متناقضة ووعود وهمية براقة، ولعل المفاجأة المدوية التي أشار إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي هو مطالبته بالاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية وفي عدم التفاوض على الجولان مع عدم استعداده، كما أشار إلى التفاوض مع الجانب الفلسطيني "وشمس تطلع خبر يبان"، كما أن إرسال الرسائل الإيجابية لإعطاء إيران الطعم للجلوس على طاولة المفاوضات دون أن يكون ذلك على حساب علاقات أمريكا مع دول الخليج، خاصة أن إيران أرهقت خاصرة أمريكا بإيذائها المستمر في العراق وأماكن أخرى مثل "حماس" و"حزب الله" والنشاط الإيراني الكبير في إفريقيا وبعض دول آسيا.
قابلت أوباما
في الجانب الشخصي برهن الرئيس أوباما عن خفة الدم وكشف مواهب هزلية واعدة في عشاء مراسلي البيت الأبيض، وأشار إلى أن المائة يوم "الثانية" المقبلة ستكون ناجحة نجاحاً باهراً إلى حد أنه قال سننجزها في 72 يوماً ويرتاح في اليوم 73، وأشار إلى أن علاقته مع هيلاري الآن أقرب ما يكون الواحد للآخر إلى حد أنها ما عادت من المكسيك حتى عانقتني وقبلتني، وقالت إنه يجدر بي الذهاب إلى المكسيك بنفسي .. ربما حتى يصاب بإنفلونزا ـ كما انتقد غياب فوكس نيوز عن العشاء، وأذكر بالمناسبة انطلاقاً من هذا المبدأ أن الرئيس أوباما قد أخذ زمام المبادرة للسلام عليّ وعلى بعض أفراد أسرتي عندما كنا في شيكاغو في كانون الأول (ديسمبر) 2007 في أشهر شوارع شيكاغو وهو شارع متشنجقن الذي توجد فيها أكبر المتاجر والفنادق، وقد كنا في مركز تسوق فندق الفورسيزنز عندما كنا نتناول القهوة وسمع حديثنا باللغة العربية جاء إلينا ليقدم نفسه ولم نكن نعرف الكثير عنه آنذاك، وأشار إلى أنه يعمل محامياً ومستشاراً لشركة الجميح السعودية، وقد أكد لي ذلك الشيخ إبراهيم الجميح وهذا يدل على مبادرته الإيجابية وخفة دمه والشجاعة الاجتماعية الكبيرة التي تمتع بها قبل الانتخابات وها هو يمارسها علانية بعدها ـ وسترينا الأيام ما كنا نجهله. والله الموفق.