المضاربة وتأثير العوامل الأمنية والسياسية مؤشرات جديدة لتحرك أسعار النفط

<p align="right">عودة المضاربة والمضاربين الى السوق هي العامل الرئيسي الذي سيحكم تحركات أسعار النفط خلال هذا الأسبوع مثلما فعل الأسبوع الماضي وأدى الى أن تصل الأسعار عند الإغلاق إلى أعلى معدل لها منذ أربعة أشهر ونصف الشهر.<br>
فالعوامل الأساسية المتعلقة بهيكلية السوق من جانبي العرض من ناحية والطقس من الناحية الأخرى كان ينبغي أن تدفع الأسعار إلى أسفل، لكنها اتخذت وجهة معاكسة، ويعود السبب إلى بروز العوامل السياسية والأمنية وتأثيراتها على الساحة النفطية للارتباط الوثيق بين الجانبين. وأسهم بروز مواجهة الدول الغربية مع إيران، رابع أكبر منتج للنفط، واستمرار الاضطرابات في نيجيريا التي تعاني منها المرافق التي تديرها شركة رويال دتش/شل، وإغلاق بعض مرافقها الإنتاجية هناك، ثم الشريط الإذاعي لقائد تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي يهدد فيه الولايات المتحدة بهجمات جديدة أدت كلها إلى بروز حالة من القلق حول احتمال تعرض الإمدادات إلى خطر في الوقت الذي لا يزال الطلب يبدو فيه مرتفعا والطاقة الإنتاجية الفائضة ضعيفة، وهو ما دفع بالأسعار إلى أعلى معدل لها منذ الأول من أيلول (سبتمبر) الماضي عقب إعصار كاترينا الذي ضرب مناطق الإنتاج النفطية الأمريكية في خليج المكسيك.<br>
ويظهر تأثير مناخ المضاربة هذا وبروز الجانب السياسي والأمني بصورة جلية إذا أخذ في الحسبان بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الصادرة قرب نهاية الأسبوع الماضي، وأوضحت فيه نمو المخزون وما أشارت إليه توقعات الطقس من اتجاه درجات الحرارة إلى الارتفاع.<br>
فإدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأسبوعية أوضحت حدوث نمو في المخزون بمقدار 2.7 مليون برميل لترتفع إلى 321.4 مليونا خلال الأسبوع المنتهي في 13 من الشهر الحالي. مخزونات الجازولين من جانبها قفزت بنحو 2.8 مليونا إلى 211.6 مليون برميل في الفترة نفسها، وكذلك الوضع بالنسبة للمقطرات التي زاد مخزونها بنحو 900 ألف برميل يوميا إلى 134.7 مليون برميل يوميا.</p><p align="right">من الجانب الآخر، فإن التوقعات الخاصة بالطقس ومع أنها ظلت مفتوحة على اتجاهي ارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها خلال الشهر المقبل تضيف بعدا جديدا إلى عامل عدم الوضوح، إلا أن هناك ميلا في بعض المناطق إلى انخفاضها كما في الولايات الشمالية الشرقية ومنطقة البحيرات في الولايات المتحدة، بالرغم من أن كندا إلى الشمال تتجه إلى طقس أدفأ في مجمله.<br>
وفي هذه الأجواء حققت عقود شباط (فبراير) المقبل بالنسبة للخام الأمريكي ويست تكساس قفزة بنحو 1.10 دولار إلى 66.83 دولار للبرميل في نهاية الأسبوع الماضي في نيويورك. كما قفزت شحنات آذار (مارس) 94 سنتا إلى 67.19 دولار للبرميل. أما وقود التدفئة فارتفع 4.14 سنتا إلى 1.80 دولار للجالون، والغاز الطبيعي بالنسبة لشحنات الشهر ذاته حقق زيادة 21.1 سنت إلى 8.91 لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. أما بالنسبة لخام برنت فإن عقودات آذار (مارس) المقبل فحققت زيادة 1.04 دولار ليباع البرميل بسعر 65.23 دولار.<br>
من ناحية ثانية أشارت بيانات معهد النفط الأمريكي إلى أن معدلات الأسعار العالية العام الماضي أدت إلى الإسهام في خفض الطلب، وهو ما عبر عن نفسه بتراجع طفيف بلغ 0.6 في المائة إلى 20.16 مليون برميل يوميا وفق بيانات المعهد التي نشرها الأسبوع الماضي. فمتوسط تدفق الجازولين مثلا بلغ في المتوسط خلال العام الماضي 9.15 مليون برميل يوميا، متراجعا 1.9 في المائة عما كان عليه في متوسط السنوات الثلاث الماضية. ويلاحظ أن العام الماضي بدأ بمتوسط 40 دولارا لسعر برميل النفط، قافزا من 33 دولارا للبرميل في مطلع عام 2004.<br>
وأوضحت بيانات المعهد أنه من جملة 27 إعصارا معروفا نجحت عشرة منها في تطوير نفسها بصورة قوية، وقامت سبعة منها بأحداث مختلف أنواع التأثيرات على منطقة خليج المكسيك المعروفة بمرافقها لإنتاج النفط والغاز، خاصة أن ثلاثة من هذه الأعاصير وصلت إلى المرتبة الخامسة، وهي أعلى مرتبة في تقييم قوة وعنف الأعاصير وهي: كاترينا، ريتا، وويلما، وأسهمت في تحطيم العديد من المرافق وأبقت بعضها مغلقا حتى الآن وهو ما دفع الأسعار داخل الولايات المتحدة الى أعلى معدلاتها في نهاية آب (أغسطس) ومطلع أيلول (سبتمبر) الماضيين.  <br>
وتزامنت هذه الأرقام الخاصة بتأثير أسعار النفط المرتفعة مع ما أوردته الإحصائيات الخاصة بمكتب العمل التي أوضحت أن معدل التضخم في كانون الأول (ديسمبر) الماضي زاد بنحو 3.4 في المائة عما كان عليه قبل عام بسبب عنصر الوقود الذي قفز بنحو 17.1 في المائة، رغم أن تأثير الجازولين في الحزمة العامة لعوامل التضخم تراجع ثقله إلى 3.9 نقطة من جملة 100 نقطة في الوقت الحالي من ثماني نقاط كان يحتلها عام 1981 مثلا، وهو ما يشير إلى تحسن القدرة العامة للوضع الاقتصادي على تحمل عبء أسعار النفط المرتفعة.<br>
ومع هذه الصورة العامة تبرز المخاوف من انقطاع الإمدادات مجددا بسبب ما تردد من صعوبة تواجهها بعض الصادرات النفطية الروسية من سيبيريا، لكن التركيز الرئيسي على ما تشهده مرافق شركة رويال دتش/شل العاملة في نيجيريا. فبنهاية الأسبوع الماضي أكدت الشركة مقتل أحد العاملين كمقاول للتموين فيها في هجوم على منصة لإنتاج النفط في جنوب نيجيريا، الأمر الذي رفع إجمالي عدد القتلى في الاشتباكات الأخيرة إلى 14 قتيلا. وهذه الحوادث إلى جانب ما تعرض إليه خط الأنابيب من عملية تخريبية دفع شركة شل إلى إجلاء نحو 300 من العاملين لديها من مواقعهم التي تخشى أن تكون معرضة لعمليات هجوم مستقبلية، وهو ما أدى في النهاية إلى إغلاق مرافق إنتاجية بحجم يبلغ 221 ألف برميل يوميا.<br>
هذه العوامل بعناصرها الأمنية والسياسية مجتمعة خاصة وملف المواجهة مع إيران يبدو أنه سيبقى مفتوحا طوال هذا العام وستحكم المزاج العام للسوق بصورة تجعله أقرب إلى سوق يتحكم فيها المضاربون أكثر من حقائق الصناعة التي تتحكم فيها عناصر العرض والطلب مثلا.  <br>
فمنظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" قامت في تقريرها الشهري الصادر الجمعة الماضي بتقليص حجم الطلب بنحو 100 ألف برميل يوميا إلى 84.83 مليون برميل يوميا، لكن رغم ذلك يتوقع أن يعود التركيز إلى سعر بيع الجالون للمستهلك في محطات التعبئة للمستهلكين ويصبح قضية حيوية، خاصة والبعض لا يستبعد في ظل أجواء المضاربات التي بدأت تسود أن يتجه سعر الجالون إلى الارتفاع ليبلغ 2.75 دولار بحول أيار (مايو) المقبل. </p><p align="right">&nbsp;</p><p align="right"><font size="1">تقرير أسبوعي تعده "الاقتصادية" تزامنا مع استئناف التعاملات في أسواق النفط العالمية اليوم.</font></p>

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي