المواد السامة في المبيدات تهدد الكليتين والجهاز العصبي وتؤدي إلى العقم

المواد السامة في المبيدات تهدد الكليتين والجهاز العصبي وتؤدي إلى العقم

يتعامل كثير من الناس مع المبيدات الحشرية - وخصوصا المنزلية منها - على أنها مواد آمنة، لا خطر منها، ولا تؤذي سوى الحشرات. وربما أسهم في هذا الظن بعض إعلانات هذه المبيدات التي تظهر المبيد الحشري بمظهر البطل المحبوب صديق العائلة الذي لا يتواني عن حمايتها من أي حشرة "شريرة". لكن الواقع يثبت عكس ذلك، وما شهدته جدة الشهر الماضي من حوادث وفيات أطفال، وقبلها الكويت، يؤكد الخطورة الشديدة لتلك المبيدات. ففي جدة توفي طفلان من أسرة واحدة عقب تسرب مادة كيماوية سامة من إحدى الشقق المجاورة لمسكنهما، فيما أصيب ثمانية أفراد آخرون من عائلة الطفلين وثلاثة من جيرانهما بالتسمم. وبعد التحريات اتضح أن المادة الكيماوية المتسربة عبارة عن مبيد حشري يستخدم في المزارع وضعه جارهم في شقته ثم سافر، ليتسرب المبيد في غيابه ويقتل الطفلين. أما في الكويت فقد توفي أواخر العام الماضي أربعة أشخاص - طفلان وامرأتان - وأصيب أربعة آخرون، إثر استنشاقهم أبخرة غازات نتجت عن تفاعل مبيدات حشرية في أحد منازل العاصمة، وتبين أن الحادث وقع إثر تفاعل كيماوي لمبيدات القوارض في سرداب مؤجر غير مرخص استخدم مخزنا للمواد الغذائية. وليست هذه الحوادث هي الشاهد الوحيد على خطورة تلك المبيدات، إذ حذرت دراسة نشرتها وكالة "رويترز" من أن عديدا من المبيدات الحشرية المستخدمة في دول الاتحاد الأوروبي قد تضر بنمو المخ عند الأجنة والأطفال الصغار، وحثت الدراسة الاتحاد الأوروبي على تشديد القيود على استخدام المبيدات الحشرية. وقال فيليب جراندجان من كلية هارفارد للصحة العامة وجامعة جنوب الدنمارك لرويترز بعد مراجعته لما يقرب من 200 تقرير علمي بشأن المخ والمبيدات الحشرية حول العالم: "نظرا لأن العديد من المبيدات الحشرية مصممة لتكون سامة لمخ الحشرات، فإنه من المحتمل للغاية أن تكون أيضا سامة لعقول البشر". وكتب جراندجان واثنان من زملائه في الدنمارك في دورية "الصحة البيئية" أن نمو مخ الجنين والطفل الصغير أكثر حساسية بكثير لاضطرابات المواد الكيماوية عن مخ الإنسان البالغ. كارثة بيئية ولا تقف مخاطر المبيدات الحشرية على الضرر المباشر، إذ إن أضرارها غير المباشرة أخطر بكثير، ويوضح ذلك الدكتور خالد بن علي المدني استشاري التغذية العلاجية ونائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية، الذي يقول إنه حتى عند قطبي الكرة الأرضية حيث لا تستخدم المبيدات توجد بعض التركزات "على الرغم من قلتها" بما يسمى بالملوثات العضوية الثابتة pop، وتعد هذه ضمن المواد الكيميائية كمادة الـ "د.د.ت" التي ستتسرب إلى المياه الجوفية ومياه البحار، ثم ينتهي بها المطاف إلى الطعام في العالم أجمع، حيث تتسبب هذه الملوثات في قتل ما يقرب من 20 ألف شخص سنويا، وإصابة ما يقرب من ثلاثة ملايين آخرين بالتسمم، حيث إن تلك المواد السامة يمكن أن تصيب الكليتين والجهاز العصبي المركزي، كما يمكنها أن تؤدي إلى الإصابة بالعقم وهناك بعض منها سام إلى حد بالغ الخطورة ويمكن أن تودي نصف ملعقة صغيرة منها بحياة إنسان بالغ. ويضيف الدكتور المدني أن مشكلة المواد الكيميائية مثل مركب الـ "د.د.ت" هي استمرارية  مفعولها، فيظل تلوثها للبيئة مستمرا لعدة عقود. وأبان الدكتور المدني أن كثيرا من عبوات المبيدات تفتقد المواصفات التي تجعل منها عبوات آمنة، وتتلخص تلك المواصفات في أن تكون العبوة متلائمة مع التركيب الكيماوي، وغير قابلة للتآكل بفعل المادة، ولا تسمح بنفاذها إذا كانت المادة على هيئة مسحوق تعفير أو قابلة للبلل، وأن تكون متينة محكمة الغلق مصنوعة من مادة غير قابلة للصدأ إذا كانت المادة على هيئة سائل مركز. ويضاف إلى ذلك أن يلصق عليها بطاقة توضح باللغتين العربية والإنجليزية جميع البيانات الخاصة بالمبيد وطرق الإسعافات الأولية منه. وشدد المدني على ضرورة أخذ احتياطات وقائية قبل استعمال المبيدات - وخصوصا الزراعية - وتتمثل تلك الاحتياطات في قراءة التعليمات المسجلة على العبوة وتفهمها، التأكد من صلاحية المبيد وكمية الجرعة المقررة وفترة الأمان، التأكد من أن المبيد فاعل بالنسبة للآفة التي ترغب في مكافحتها. وعدم استعمال المبيدات المنزلية للأشجار و النباتات. وأسدى المدني عدة نصائح لمستخدمي المبيدات وبخاصة النباتية، مبينا: لا تستعمل المرشة نفسها للمبيدات الحشرية خوفاَ من بقاء آثار المبيد العشبي السابق وتأثيره في النباتات الأخرى، اغسل أي بقعة تصيبك من المبيد فورا، لا تستعمل أغراض المبيد لأي غرض آخر، لا تسمح للأطفال باللعب أو لمس النباتات المرشوشة حديثا، اترك الملابس التي استعملتها في الرش في الشمس والهواء الطلق لمدة 20 يوما على الأقل، إن غسل المنتجات الزراعية من ثمار الفاكهة والخضراوات غسلا جيدا قبل أكلها هو أمر ضروري إذا أنه يزيل في أكثر الحالات قسما كبيرا من الرواسب الخارجية التي تشكل خطرا على الصحة العامة، في حال إجراء مكافحة بالمواد الكمياوية السامة يجب على أصحاب البساتين أن يضعوا إعلاناَ في مكان بارز من البستان يشير إلى أن هذا البستان قد رش بمادة سامة.
إنشرها

أضف تعليق