Author

بائعو زيت الثعبان والمالية

|
من المتوقع أن يتزايد انتشار بائعي زيت الثعبان في وطننا نتيجة الطفرة في أسعار النفط، والتي صاحبها تخمة في ميزانيات معظم القطاعات. وهو مصطلح غربي يستخدم للإشارة إلى الشركة التي تبالغ في تعظيم قدرات منتجها من أجل الترويج له. فبالإضافة إلى بائعي زيت الثعبان السعوديين، والمقيمين، فإنك تلاحظ اكتظاظ فنادق الخمس نجوم بذوي الياقات والعيون الزرقاء من بائعي زيت الثعبان، فلا تكاد تجد لك مكاناً. ومن المؤكد أن يتزايد توافدهم إلى وطننا نتيجة الطفرة في أسعار النفط. ويعود أصل التسمية إلى العمّال الصينيين الذين كانوا يعملون على مد خط السكة الحديد في أمريكا في أوائل التسعينيات. حيث كانوا يستخدمون زيت الثعابين الصينية في علاج أمراض المفاصل، وكان ذا فعالية جيدة، نظراً لخصائص تركيبية، وليست مجال مقالنا هنا. وبدأ الأمريكان بتصنيعه والترويج له، وأصبحوا يروجون له في أوروبا وأمريكا على أنه علاج لكل الأمراض رغم عدم فاعليته، لذا أخذت توصم المنتجات المبالغ في إمكانياتها بذلك. والسؤال هنا كيف يستطيع هؤلاء البائعون خداع المستهلكين، خصوصاً في القطاع الحكومي، ليسوقوا منتجاتهم تحت شعار أنها ذات قدرات فائقة في حل مشكلاتهم، والتي يصبح مصيرها بعد الاعتماد الإهمال أو المستودع الحكومي؟. وإجابة هذا السؤال لها عدة عناصر، منها ما يتعلق بكفاءة الجهاز الاستشاري للجهاز الحكومي، والقدرة على تحديد المشكلة المطلوب علاجها، والشفافية وغيرها من العناصر الأخرى. وما أرغب في التركيز عليه هنا هو ما يتعلق بجانب تمويل هذه المشتريات. فوزارة المالية تخصص لكل جهاز حكومي ميزانية تتناسب مع المشاريع المزمع تنفيذها في كل عام. ويحرص كل جهاز حكومي على تعميد الشركات قبل انتهاء السنة المالية ليتمكن من الاستفادة من هذه المخصصات. وهنا يصبح بائع زيت الثعبان ذو الوعود الوردية طوق النجاة لهذا القطاع الحكومي لتنفيذ مشاريعه دون تمحيص كافٍ لمنتجه أو تاريخه في السوق. ولكن ماذا لو كان متخذ القرار في القطاع الحكومي يعلم أن الميزانية لهذه المشاريع سترحل إلى حساب وزارته وتضاف إلى ميزانية العام المقبل إذا ارتأى أن مشروعا أو منتجا ما بحاجة إلى تخطيط و تمحيص ودراسة مستفيضة أكثر. ومقترحي هنا أن تخصص وزارة المالية لكل قطاع حكومي حسابا خاصا لديها ترحل إليه فائض ميزانيتها الخاصة بالمشاريع التي لم تنفذ، بحيث تستطيع الاستفادة منه في السنوات المقبلة دون أن تتأثر خططها في الأعوام التالية بعدم استنفاد ميزانية الأعوام التي تسبقه. كما أن وجود إدارة تهتم بتنسيق المشاريع الحكومية تحوي أقساما مختلفة كالتقنية والطبية والإنشائية، سيكون مفيداً لمساعدة القطاعات الحكومية على إدارة المفاوضات مع القطاع الخاص وترشيد الاستهلاك، فعلى سبيل المثال في المجال المعلوماتي، نجد آلاف المشاريع الصغيرة المتعلقة بتصميم نظام للاتصالات الإدارية أو القوى العاملة في القطاعات الحكومية وكل قطاع يستنزف من ميزانيته مبالغ، ومن عامليه أوقاتا طويلة لتصميم وبناء واختبار هذه البرامج، رغم أن هذا النظام واحد في جميع القطاعات الحكومية، ويمكن تأمينه من قبل المالية لكافة الجهات وبشكل يوفر الوقت والمال. كما أن من الضروري الاحتفاظ بقاعدة بيانات تاريخية لكل المشاريع السابقة تحكي بالتفصيل دورة حياة كل مشروع، خصوصا العقبات والمصاعب وكيفية تلافيها ليتمكن الجميع من الاستفادة منها، بحيث يتم تدارك الأخطاء وتعظيم المنافع، ويساعد على تقييم أداء الشركات المنفذة للمشاريع. ودمتم بخير. * دكتوراة في المعلوماتية الحيوية وحوسبة الأحياء مؤهل عالٍ في حوسبة العلوم الاجتماعية [email protected]
إنشرها