سرطان القولون: التشخيص المبكر هو الأمل

سرطان القولون: التشخيص المبكر هو الأمل

القولون مثل كل أعضاء جسم الإنسان معرض للإصابة بالأورام. الحميد منها والخبيث وهناك من أوراق القولون ما يبدأ حميداً عند منبته ويبقى على ذلك، وأورام أخرى تبدأ صغيرة وحميدة ثم تتحول بالتدريج إلى ورم سرطاني في مدة من الزمن قد تصل إلى عقد كامل. وأغلب أورام القولون تكون بلا أعراض على الإطلاق, وفي كثير من الأحيان تؤدي إلى ظهور أعراض مشابهة لبعض الأمراض القولونية الأخرى التي لا يعيرها المريض اهتماما كافياً. وقد حظي سرطان القولون بالاهتمام الشديد عالمياً لسببين: أولاً: كثرة حدوثه وانتشاره, حيث يعد ثالث أنواع الأورام انتشارا على مستوى العالم. (أكثر انتشاره في دول العالم المتقدم في أوربا الغربية وأمريكا الشمالية ونيوزلندا, عن انتشاره في دول شرق أوروبا وآسيا وإفريقيا) ثانياً: لإمكانية تشخيصه واستئصاله مبكراً قبل أو في بداية تحول من ورم حميد إلى خبيث. ولا يصيب سرطان القولون الإنسان عادة قبل سن الـ 35 إلا في حالات الإصابة السابقة بسنوات بمرض الالتهاب القولوني التقرحي وفي الحالات النادرة التي يوجد فيها خلل جيني مورث. ويزيد احتمال حدوث المرض تدريجياً مع تقدم السن, وبالأخص بعد سن الـ 50, ويعد سرطان المستقيم (الجزء الأسفل من القولون) استثناء، حيث سجلت حالات كثيرة في العقد الثالث أو الثاني من العمر. والمريض يصيب الرجال والنساء على حد سواء. وكما ذكر سلفاً يبدأ المرض في الغالبية العظمى من الحالات حميداً في صورة أورام حميدة تسمى السلائل جمع سليلة polyp وهي زوائد لحمية قد تكون مفردة أو متعددة علاوة على أن حجمها قد يتفاوت أو يختلف . فمنها ما لا يزيد حجمه على حجم حبة الحمص. ومنها ما قد يزيد في حجمه على حجم ثمرة الليمون. والسلائل لها أسباب جينية موروثة إلى جانب بعض الأساليب البيئية. والتحول السرطاني فيها وارد إلى حد كبير, وهي تتكون عادة في كبار السن من الرجال والنساء. وتحذير احتمالات التحول السرطاني في السلائل الغدية خصوصاً كلما كثر عددها أو كبر حجمها أو زادت نسبة النسيج الخملي فيها أو طالت مدة وجودها بالقولون والمستقيم, وقد تصل المدة بين نبت هذه السلائل من الغشاء الطلائي للقولون وتحولها إلى ورم سرطاني إلى عشر سنوات. وإن كان سرطان القولون يحدث غالباً دون أعراض على الإطلاق, تجدر الإشارة إلى بعض الأعراض التي تلفت النظر إلى إمكانية وجود مثل: حدوث نزيف شرجي غالباً ما يكون متخفياً في البراز، البراز المدمم, حيث يخرع الدم مختلطاً بالبراز أو على سطحه، النزيف الحاد من الشرج. وهو نادر الحدوث، الآلام خفيفة غير محددة المكان، في بعض الإصابات تكون هناك آلام مبرحة من جراء إنسداد القولون وتختلف أعراض سرطان القولون والمستقيم باختلاف موضعه من القولون. عندما يشكو المريض من الأعراض سالفة الذكر, فإن الوسيلة المثلى للتشخيص في هذه الحالة هي الفحص بمنظار القولون. وبواسطته يمكن أخذ العينات للتحليل من الأماكن المشتبه فيها. كما يمكن أيضاً استئصال السلائل وتحليلها حتى يمكن التعرف في هذه الحالة على نوع السليلة غدية أو غير غدية. وهل يوجد تحول سرطاني من عدمه, مما يكون له انعكاس مباشر على كيفية العلاج . على الرغم من وجود وسيلة تشخيصية على مستوى عال من الكفاءة في تشخيص أورام القولون والمستقيم والإصابة بالسلائل, فإنه وجد أن عددا كبيرا من المرضى قد يصل إلى 40 في المائة, يكون المرض قد انتشر لديهم طولياً في القولون عند اكتشافه, وأن نحو 20 في المائة يكون المرض قد انتشر لديهم خارج القولون إلى الكبد. ويرجع ذلك إلى أنه في غالبية الأحيان يكون المرض بلا أعراض على الإطلاق حتى يصل إلى مراحل متقدمة. ولهذا السبب وعلى الرغم من انتشار استخدام المناظير بكفاءة عالية في تشخيص أمراض القولون وأخذ العينات للفحص الباثولوجي ونجاحها في ذلك, وكذلك استخدامها في استئصال بعض أورامه الصغيرة بنجاح ودون مضاعفات, قام الأطباء والجهات المعنية بصحة الإنسان في بعض الدول المتقدمة بوضع برامج للتوعية وبرامج للمسح الشامل باستخدام المناظير وغيرها من الأدوات بغرض الاكتشاف المبكر لأورام القولون والمستقيم عند منبتها وقبل أي أعراض على المريض, واستئصال الصغير منها بكفاءة قبل تحوله السرطاني. لذلك وضعت بعض البرامج الجادة في الدول المتقدمة, وعلى رأسها الولايات المتحدة. لاكتشاف المرض عند منبته كسليلة صغيرة وقبل تحولها السرطاني, أو في مراحل تكون الورم السرطاني عند منشئه. هناك طريقتان للفحص المبكر: فحص جميع السكان ممكن بلغوا سن الـ 50 من الرجال والنساء. الفحص المحدود لشريحة من المجتمع تكون معروفة بقابليتها للإصابة بالسلائل وسرطان القولون والمستقيم. ولذا يجب تحديد هؤلاء الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمرض في المجتمع, فهناك لا شك بعض العوامل التي تساعد في احتمالات الإصابة وهي على المستوى الشخصي: إصابة سابقة بسرطان القولون والمستقيم، إصابة سابقة بسلائل غدية، إصابة منذ ثماني إلى عشر سنوات بالتهاب القولون التقرحي المزمن أو مرض كزون، إصابة سابقة بسرطان الثدي والمبيضين والرحم في السيدات على المستوى العائلي: إصابة أقارب الدرجة الأولى بسرطان القولون والمستقيم، إصابة أقارب من الدرجة الأولى بالسلائل الغدية قبل سن الـ 50، إصابة أقارب من الدرجة الأولى بالتهاب القولون التقرحي المزمن أو مرض كزون، إصابة السلائل الغدية الموروثة. ويوجد برنامجان للاكتشاف المبكر (المسح): الفحص السنوي للدم الخفي بالبراز لمن تجاوزوا الـ 50 من الجنسين، وفيه تؤخذ ثلاث عينات براز في ثلاثة أيام مختلفة وفي حالة إيجابية أي منهم يكون داعيا لعمل منظار قولوني كامل إضافة إلى ما سبق: فحص منظاري للقولون كل عشر سنوات. وفي حالة وجود سلائل غدية حميدة واستئصالها كاملة بالمنظار ينبغي إجراء فحص منظاري بعد ثلاث سنوات من تاريخه وقد يزيد إلى خمس سنوات في حالة عدم وجود سلائل في المرة التالية. أما في مرضى سرطان القولون والمستقيم والذين تم علاجهم جراحياً أو باستئصال سلائل تحتوي على بؤر سرطانية فينبغي الفحص بالمنظار بعد عام من الاستئصال ثم الفحص كل ثلاث سنوات بعد ذلك. لذا عزيزي القارئ، إذا كنت تعاني من أحد الأعراض المذكورة سلفاً, أو لك تاريخ مرضي يجعلك أكثر احتمالية للإصابة بالسلائل كما ذكر سلفاً أيضاً, أو حتى كنت قد تجاوزت الـ 50 وتنعم بصحة جيدة ولكن حدث لك بعض القلق بعد قراءة هذا المقال فاجعل قلقك إيجابياً ولا تترد في استشارة طبيبك للتعرف على البرنامج المناسب لك للكشف المبكر عن سرطان القولون وحاول الالتزام بواعيده. فالصحة أمانة من الخالق الكريم وتستحق منا مزيداً من الاهتمام. استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد والمناظير في مستشفى المواساة في القطيف
إنشرها

أضف تعليق