قاب أم أذية؟

 
أحاول من خلال قراءة سريعة لنهج العقاب أن أصل إلى الحقيقة هذه الأداة التأديبية التي تتشكل في الأساس كنتيجة لفعل، وكم هو مزعج أن يتم التعامل مع هذه الوسيلة كأداة دون هدف سواء العقاب في المدرسة أو في المحكمة أو في أي مكان، حيث إنها لن تحقق الهدف ما لم ترتبط بتناغم شديد مع الفعل الذي نتجت عنه، فالمدارس لدينا ما زالت ترخي العنان لبعض منسوبيها كي يتعاملوا "بالأذية" من أجل ردع سلوك معين وهذا خطأ، باعتبار أن المدرسة يجب أن تسهم في تخريج نماذج قادرة على الإنتاج من خلال توازن نفسي، أما المحاكم فيما يخص ممارسة القضاء كذلك من واجبها "الردع" وتنظيم السلوك من خلال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، إلا أن السجن والجلد في بعض القضايا لم يعدا مجديين
أحد الأصدقاء حدثني عن عقوبة مدرسية وقعت عليه في إحدى مدارس مانشستر في بريطانيا تتلخص في "الدخول على الفصل المجاور وإفشاء سر خاص أو تقديم القهوة والدونات لجميع طلاب الفصل" والجميل أنه خيّر بين عقوبتين، ولست أعلم إن كانت هذه العقوبة ستؤدي غرضها عوضا عن الضرب أم لا.
للعقاب ثقافة لم يلامس أساسياتها الكثير من المعلمين وعليهم بالتالي مراجعة الحسابات والطرق والوسائل.
ومن هذا المدخل تذكرت تماما قاضي المويه الشيخ محمد العبد الكريم، حيث تشكل أحكامه في الغالب تعزيزا لثقة "المتهم" بنفسه وترسخ حضوره في المجتمع بشكل منهجي ومدروس حيث أصدر حكما على أحد المتهمين بتنظيف 26 مسجدا والعمل في مكتب الأوقاف 100 ساعة، أليس هذا الحكم "عقابا" يدخل ضمن سلطة القاضي التقديرية التي استغلها لمصلحة أطراف عديدة منها المتهم ومنها الوطن؟
خلاصة القول: ملامح العقاب بحاجة إلى تغيير وتأسيس جديد ينبني على معطيات هذا الوقت وسلوك العامة.
والله ولي التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي