محافظة الدرعية.. قاعدة تاريخية متينة.. ماضيها حاضر.. ومستقبلها واعد

محافظة الدرعية.. قاعدة تاريخية متينة.. ماضيها حاضر.. ومستقبلها واعد

تتمتع محافظة الدرعية في العصر الحالي بمزايا متنوعة جعلتها تصنف من أفضل المحافظات المجاورة لمدينة الرياض، والخدمات التطويرية التنموية التي دخلتها قبل عقود من الزمن دفعتها بقوة ومنحتها التميز بدءا بالصحة، مرورا بالتعليم، والصناعة والزراعة ونحوها. وكان في الدرعية مستوصف ضمن مبنى مركز التنمية الاجتماعية، وذلك منذ عام 1381هـ، حتى تم إنشاء مركز مستقل للرعاية الصحية عام 1399هـ، وبدأ تطبيق نظام الرعاية الصحية الأولية في المحافظة سنة 1406هـ، بتعداد سكاني في ذلك العام بلغ خمسة آلاف نسمة، وبلغ عدد المرضى المراجعين في عام 1420هـ 66820 مراجعاً للمركز، ويبلغ إجمالي القوى العاملة فيه 40 موظفاً وموظفة، وعدد الأسر نحو ثلاثة آلاف أسرة، وعدد المراكز الصحية التابعة أو الموجودة في المحافظة يبلغ مستوصفين أهليين بمدينة الدرعية، أربعة مراكز صحية تابعة للمحافظة هي مركز صحي العيينة والجبيلة، مركز صحي العمارية، مركز صحي سلطانة الجديدة، ومركز صحي عرقة. كما تم إنشاء فرع وزارة الزراعة والمياه في الدرعية في 1/7/1421هـ لخدمة المزارعين في المحافظة ومركز العمارية والوصيل، وأهم المحاصيل الزراعية هي زراعة النخيل ويقدر أعدادها فيها 191.104 ألف نخلة المنتج منها نحو 185 ألف نخلة وتقدر الإنتاج السنوي من التمور بنحو 11.1 ألف طن وأهم الأنواع هي الخضري، السلج، نبوت السيف، المنيفي، الصقعي وغيره، وهناك بعض أشجار الفاكهة والخضراوات والأعلاف، ويوجد نحو 25 ألف رأس من الضأن و15 ألف رأس من الماعز وألف رأس من البقر و1650 رأسا من الإبل و100 رأس من الخيول. واكتسبت محافظة الدرعية في عهد الملك عبد العزيز – رحمه الله – مكانة خاصة كأحد الرموز الإقليمية التاريخية، وظلت كذلك إلى الوقت الحاضر، وصنفت بناء على نظام المحافظات فئة " أ "، وتعاقب على إمارتها منذ ذلك الحين عدة أشخاص وهم: إبراهيم بن عبد الله الطويل، ومحمد بن عبد الرحمن بن مسيند، وعبد الرحمن بن محمد بن مبارك، ومحمد بن ناصر بن سالم، وعبد العزيز بن سعد بن مدعوج، ثم محمد بن عبد الرحمن الباهلي. وفي 1/7/1420هـ تولى الأمير عبد الرحمن بن ناصر بن عبد العزيز محافظة الدرعية، وفي عام 1/8/1422هـ تولى الأمير أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود محافظة الدرعية. ويتبع محافظة الدرعية ستة مراكز هي مركز العيينة والجبيلة وتأسس في 15/1/1364هـ تقريباً ويشمل بلدتي العيينة والجبيلة، ويقع شمالي محافظة الدرعية، ويبعد عنها مسافة 30 كيلو مترا تقريبا، مركز سدوس ويقع شمال غرب محافظة الدرعية ويبعد عنها مسافة 50 كيلو مترا وهو آخر الحدود الإدارية لمحافظة الدرعية الحالية من ناحية الشمال الغربي وأنشئ منذ مدة طويلة، مركز العمارية التي تقع شمال غربي محافظة الدرعية ويبعد عنها مسافة 25 كيلو مترا وتأسس عام 1393هـ، ومركز حزوى وتقع شمال غربي محافظة الدرعية يبعد عنها مسافة 45 كيلو مترا، وتأسس عام 1386هـ وتقدم الخدمات له من المركز المجاور له، ومركز سلطانة ويقع شمال محافظة الدرعية ويبعد عنها مسافة 20 كيلو مترا، وهذا آخر الحدود الإدارية لمحافظة الدرعية من ناحية الشمال، وتأسس عام 1410هـ، ومركز بوضه ويقع شمال غربي محافظة الدرعية ويبعد عنها مسافة 35 كم وتأسس ما بين عامي 1395 و1396هـ. ويتوافر في الدرعية عدد من القطاعات الحكومية هي: المحكمة الشرعية، كتابة العدل، مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مركز الشرطة، مركز الدفاع المدني، بلدية الدرعية، مركز التنمية الاجتماعية، مركز التدريب والبحوث الاجتماعية، مركز الرعاية الصحية، مركز الدعوة والإرشاد، مكتب البريد، مكتب الهاتف، مكتب الآثار، فرع مصلحة المياه، نادي الدرعية، وفرع الزراعة والمياه. وتضم الدرعية العديد من الآثار المهمة التي تعطي زائرها دلالة قوية على مكانتها وأهميتها خلال العصور الماضية ومن أهم آثار الدرعية قصر سلوى الذي وضع لبنته الأولى الإمام محمد بن سعود في القرن الثاني عشر، ويقع في منطقة سلوى وكان سكنا للأمير ومنه تدار شؤون الدولة حتى أصبح قصراً للحكم، وتعاقب عليه عدد من الأئمة، مما أحدث فيه الكثير من التعديلات والإضافات بما يتماشى مع الحاجة الحاضرة في كل عهد، ومن يشاهده الآن يدرك ويشعر بقوة دولة هذا مقر قائدها، إلى جانب سور الطريف وهو عبارة عن سور كبير وعليه عدد من الأبراج الضخمة للمراقبة، ويحيط بحي طريف الذي يضم العديد من القصور التي شيدت في عهد الدولة السعودية الأولى. هناك مواقع تاريخية أثرية أخرى كبرج سمحة، والمغيصيبي، وشديد اللوح، وسور قليقل، وحصن الرفيعة، وأبراج القميرية، وقصر الأمير سعد بن سعود، وبرج الحسانية، وقرى عمران، وسمحان، ومسجد الظهيرة، وبرج الفتيقة، وبرج فيصل، والطريف. وبدأ تاريخ الدرعية نحو منتصف القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي ) . ففي عام 850هـ (1446م) انتقل جد آل سعود مانع المريدي بأسرته من شرقي الجزيرة العربية إلى العارض في نجد بدعوة من ابن عمه ابن درع صاحب حجر والجزعة، فمنحهم موضعي " المليبيد " و"غصيبة " فاستقر فيهما مانع بأسرته، وأصبحت بعد ذلك مناطق عامرة بالسكان والزراعة، وأنشأ فيهما بلدة قوية سميت "الدرعية" تخليداً لاسم أسرتهم، وأصبحت إمارة قوية تحت حكم آل سعود. وتطورت ونمت فغدت موطن الدولة السعودية ودعوة التوحيد، وأصبحت قاعدة حضارية وعاصمة عربية إسلامية في قلب الجزيرة العربية، لدولة بسطت نفوذها على معظم الجزيرة العربية معتمدة على عقيدة واحدة وراية واحدة نشرت الأمن والاستقرار، وخلصت الدين الإسلامي الحنيف، مما شابه من خرافات وجهل وبدع في المنطقة. وفي العصر الحالي باتت محافظة الدرعية من المحافظات التي تحتضن العديد من البرامج التنموية التطويرية الحديثة، ما جعلها من المحافظات الأساسية القوية المساندة لمدينة الرياض. وعكفت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وبرنامج تطوير مدينة الدرعية التاريخية، ضمن برنامج نقل مدينة الدرعية لمصاف المدن التراثية العالمية التي تستند إلى مقومات تاريخية وبيئية، على إعادة إعمار الدرعية، وفقا للأنماط العمرانية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية السياحية، وذلك عن طريق إعادة الخصائص التي فقدتها الدرعية، مع الاهتمام بتوفير الاحتياجات والمتطلَّبات المعاصرة، مع تطوير كل جزء من أجزاء المنطقة وِفق الخصائص التي يتميَّز بها، مما يتيح للدرعية الانضمام لقائمة التراث العالمي. ويتمَّ اختيار منهج التطوير التكاملي الذي يستند إلى تفعيل الآليات الاجتماعية والإدارية والمالية والثقافية والسياحية والترفيهية والتجارية باتجاه تحقيق الهدف العام للتطوير، مع إدماج الدرعية في محيطها العمراني والبيئي المحلِّي، فضلاً عن الثقافي والعلمي على المستوى الوطني والعالمي. وحصلت دارة الملك عبد العزيز من الأرشيف الفرنسي على أقدم خريطة للدرعية يعود تاريخها إلى (1808م - 1223هـ) أي قبل عشر سنوات من حادثة سقوط الدرعية الشهيرة، وتركز هذه الخريطة على الموقع العام للمدينة، وأعدها جوزيف روسو القنصل الفرنسي في حلب وبغداد. وبالرغم من الخلاف المثار حول دقة معلوماتها، إلا أن القنصل الفرنسي أخذ معلوماته من أفواه الرواة وزوار الدرعية. وعند دخولك مدينة الدرعية الحديثة تدهشك النهضة العمرانية والتطور الملحوظ فيخيل لك أنك تتجول بأحد أحياء الرياض، حيث تقع مدينة الدرعية شمال غرب مدينة الرياض، على بعد عشرين كيلو متراً من مركز المدينة، وتتمتع باستقلال إداري ضمن إمارة منطقة الرياض. ويقدر عدد سكان الدرعية حسب إحصاء 1426هـ 45.558 ألف نسمة، كما تتمتع الدرعية الحديثة بكل مقومات الحياة العصرية في كافة القطاعات التنموية، ويتبع محافظة الدرعية ستة مراكز هي العيينة والجبيلة، وسدوس، والعمارية، وحزوى، وسلطانة، وبوضه. وتقع الدرعية على ضفاف وادي حنيفة الذي يقسمها إلى نصفين، وتمتاز باحتوائها على العديد من المعالم التاريخية العريقة التي تستقطب الزوار من أبناء المنطقة والسياح سواء من داخل المملكة أو خارجها، وأثناء تجولك في الدرعية تواجهك اللوحات الإرشادية عن مكان الدرعية التاريخية، وفي نهاية الامتداد العمراني للدرعية الحديثة الذي يطل على درعية التاريخ والمجد. والمتوجه للدرعية التاريخية من الجهة الشمالية الشرقية لسور طريف الذي يلف الدرعية التاريخية ويحتضنها عبر الزمن، وكان شاهد عيان على صمود الدرعية في وجه الهجمات الغازية وهو عبارة عن سور أثري قديم وكبير وعليه عدد من الأبراج الضخمة وضعت للمراقبة، ويحيط هذا السور بحي طريف، حيث يضم هذا الحي العديد من القصور التي شيدت في عهد الدولة السعودية الأولى. ويقع هذا الحي فوق الجبل الجنوبي الغربي من منطقة الدرعية، ويشرف من علو بارز على باقي المدينة كما يعد هذا الحي من أبرز معالم الدرعية التاريخية وأقدم أحيائها، واكتسب مكانته كونه مقر الأسرة الحاكمة للدولة السعودية الأولى، ويناشد العديد من المهتمين بالتراث والثقافة أن يقام (سوق ثقافي) في حي طريف على غرار سوق عكاظ التاريخي المتقدم والأسواق العربية المتأخرة مثل المربد وأصيلة وجرش والجنادرية وغيرها. ويلاحظ عند دخول الدرعية وجود حراسات أمنية تنظم زيارات السياح والمتنزهين للدرعية ويمدون بكافة المعلومات عن مواقع الدرعية لإرشاد السياح ويحيط بسور طريف الأثري، بساتين من النخيل التي ظلت لعقود من الزمان وعليها آثار الآبار والقلبان التي اندثرت، وقام برنامج تطوير الدرعية بتطوير منطقة البساتين لكي تكون مكاناً مناسباً لجلوس وافتراش الزوار لمشاهدة آثار الدرعية والقصور الطينية وهي تصافح أشعة الشمس عند غروبها لتقول للإنسان السعودي من هنا بدأ فجر المجد وقصة الكفاح وصلابة الموقف. لقد كان المكان يحفل بالزوار من كل الجنسيات يتجولون بين أزقة الدرعية القديمة التي كانت يوما من الأيام حافلة بالحركة وتفاصيل الحياة اليومية، ثم توجهنا لمسجد الإمام محمد بن سعود الذي يعد ذا طابع مميز بالنسبة للمباني التي أنشئت في عهد الدولة السعودية الأولى، وهذا المسجد كان من الأهمية بمكان، حيث كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب يلقي دروسه في هذا الجامع الذي أصبح إحدى منارات الدعوة السلفية، ومقصدا للطلاب الوافدين من جميع أنحاء الجزيرة العربية وهو الآن يستقطب الزوار بجاذبيته الغريبة وكأنها توقف ساعة الزمن لتقول لها من هنا بدأت حركة التجديد للدين الإسلامي وتنظيفه من البدع والشوائب على يد مجدد الدعوة الشيخ - محمد بن عبد الوهاب. وبداخل الأزقة التاريخية تجد أحد قصور المدينة وهو قصر الأمير ناصر بن سعود الذي يمتاز ببساطة بنائه، حيث يتكون من عدد من الغرف المطلة على فناء مفتوح ويكون شكلا مربعا من طابق واحد. كما في المدينة التاريخية أكبر القصور في حي الطريف وهو قصر الأمير سعد بن سعود ويتكون من طابقين ويمتاز باحتوائه على فناء خارجي استعمل مربطا للخيل. والمدينة تحتوي على قصر للضيافة ويسمى قصر الضيافة وهو في مكان بارز وواضح يتوسط المدينة تقريبا وهو مكون من مبنى تقليدي يوجد فيه عدد من الأفنية الصغيرة التي تحيط بها الغرف، أما الحمّام وهو حمام طريف فيمتاز بأنماط معمارية مختلفة تمثلت في المصاطب الجبسية لعزل جدران المبنى وأساساته عن المياه، ويتم تزويد القصر والحمام بالماء من خلال بئر في أسفل الشعب الذي يطلان عليه. كما كان للقصور التي شيدت باللبن والجريد ومزينة بأشكال جبسية مميزة النصيب الأوفى، وكان هذا الطراز هو السائد في تلك الحقبة، ومن هذه القصور قصر سلوى وهو مقر أمراء وأئمة آل سعود طوال حكم الدولة السعودية الأولى، ويعد من أكبر قصور الدرعية. ويوجد في الدرعية عدد من السدود وهي سد العلب وتم إنشاؤه عام 1394هـ وهو خرساني ويبلغ طوله 200م وارتفاعه 9.5 كيلو مترا وسعته التخزينية 300 ألف متر مكعب، سد صفار تم إنشاؤه في عام 1390هـ وهو ترابي ويبلغ طوله 325 مترا وارتفاعه أربعة أمتار وسعته التخزينية 300 ألف متر مكعب، سد غبيرا تم إنشاؤه في عام 1390هـ وهو ترابي ويبلغ طوله 170 مترا وارتفاعه ستة أمتار وسعته التخزينية 900 ألف متر مكعب، سد الحريقة تم إنشاؤه في عام 1390هـ وهو ترابي ويبلغ طوله 190 مترا وارتفاعه ستة أمتار وسعته التخزينية 800 ألف متر مكعب، سد المطيرفه تم إنشاؤه في عام 1406هـ وهو ترابي ويبلغ طوله تسعة أمتار وارتفاعه 4.5 متر وسعته التخزينية 2.500.2.500 مليون متر مكعب، وأخيرا سد المزيريعة تم إنشاؤه في عام 1406هـ وهو خرساني ويبلغ طوله ستة أمتار وارتفاعه 3.5 متر وسعته التخزينية 1.500 مليون متر مكعب.
إنشرها

أضف تعليق