الفتق عند الأطفال يلاحظ بسهولة .. ويمكن علاجه بعمليات اليوم الواحد

الفتق عند الأطفال يلاحظ بسهولة .. ويمكن علاجه بعمليات اليوم الواحد

قد لا تكون كلمة "فتق" غريبة على مسامعنا كمصطلح، إلا أن العديد من الناس لا يفهم معنى هذا المصطلح الطبي، ولا يعرفون إلى أي نوع من الأمراض ينتمي، وقد لا يدركون أعراضه وعلاماته، في حين أن الشيء المعروف هو أن الفتق يصيب الكبار وله أنواع متعددة وقد يصيب الأطفال أيضا. الدكتور عبد الرحمن البسام استشاري الجراحة العامة في مركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي، تطرق إلى هذا الموضوع وأعراضه وتشخيصه. الفتق هو حالة تنجم عن خروج جزء من أعضاء الجسم من مكانه الطبيعي وتوجهه إلى مكان آخر داخل الجسم أو خارج حدوده، وغالباً ما يكون السبب هو عدم انغلاق ذلك المكان الذي يفترض به أن يشكل حاجزاً طبيعياً يمنع الانفتاق، أو أن يكون هذا الانغلاق غير كامل لسبب أو لآخر، وفي أحيان أخرى قد يكون الأمر متعلقاً بضغط زائد في مكان ما يدفع بأحشاء ذلك المكان نحو مكان آخر أقل ضغطاً أو غير ذلك. والفتوق، إضافة إلى إشكالياتها الطبية، فإنها تحمل إشكاليات اجتماعية ونفسية وتجميلية وبالطبع منها البسيط ومنها الخطير، لذا سنلقي الضوء على واحد من أهم الفتوق التي تحصل عند الأطفال ألا وهو الفتق الإربي. أسباب خلقية وأعراض واضحة وماهو الفتق الإربي؟ عند الجنين وقبل أن يولد الطفل تكون الخصيتان أو المبيضان في بطن الطفل مع وجود رباط خاص يربط كل منها بالصفن عند الذكور والأشفار عند الإناث، ومع اقتراب موعد الولادة يشد هذا الرباط تلك الأعضاء باتجاه مكانها الطبيعي النهائي حيث تنزل الخصيتان باتجاه الصفن والمبيضان باتجاه الحوض، هذا النزول يتم عبر قناة خاصة هي القناة الإربية وبعده تنغلق القناة لوحدها وبشكل دائم خلال أسابيع من بعد الولادة، أما في حالة عدم انغلاق هذه القناة يصاب الطفل بالفتق الإربي، فالذي يحدث أن جزءاً من الأمعاء يدخل ضمن القناة التي لم تنغلق ويبرز هذا الجزء بين فترة لأخرى على شكل كتلة أو انتفاخ "أعلى الفخذ وأسفل البطن" في الناحية الإربية تسمى كتلة الفتق، ويعتبر الفتق الإربي عند الأطفال من أكثر الأمراض الجراحية انتشارا وعليه يمكن القول أن الفتق عند الأطفال سببه خلقي من الولادة. هل يتم ملاحظة الفتق الإربي بسهولة وكيف نتعرف عليه؟ أكثر حالات مشاهدة الفتق تكون مبكرة بعد الولادة وأعراضه سهلة الملاحظة غالبا، والأهل عادة هم أول من يرى الفتق من خلال نوبة بكاء للطفل حيث يظهر انتفاخ أعلى الفخذ وأسفل البطن ويكون الأمر طبيعياً بالظاهر خلال نوم الرضيع أو راحته أو استرخائه، وهي لا تسبب عادة إزعاج للطفل إلا في شكلها غير الطبيعي، ولكن أحيانا عند اختناق الفتق قد تسبب الألم والغثيان والبكاء المستمر وذلك نتيجة انسداد الأمعاء الذي قد يتطلب تدخلاً جراحياً، أما بالنسبة للأطفال الأكبر سناً فإن مجرد وقوفهم قد يجعل الفتق يظهر بوضوح. ما مدى انتشار الفتق الإربي بين الأطفال؟ تحدث الفتوق الإربية بنسبة ما بين عشرة إلى 20 مولودا من بين كل ألف حالة ولادة وتصيب الذكور بأربعة أضعاف ما تصيب الإناث، ونصف حالاتها تظهر قبل سنة من العمر بينما معظمها ترى في الأشهر الستة الأولى من عمر الرضيع، و توجد هذه الفتوق عند الجهة اليمنى في (60 في المائة) من الحالات وعند اليسرى في (30 في المائة) وتكون ثنائية الجانب في (10 في المائة) من الحالات، أما الخدج أو المولودون قبل الأوان فنسبتهم كبيرة قد تصل إلى (30 في المائة) منهم، ويكثر الفتق الإربي عند الأطفال الذين يعانون داء (التليف الكيسي) أو الذين لديهم خلع ورك ولادي أو خصية غير نازلة أو يعانون أعضاء تناسلية مبهمة أو الإحليل التحتي أو الفوقي، بالإضافة إلى الذين لديهم تجمع سوائل داخل البطن (الحبن) أو عيوب خلقية في جدار البطن. وبم يختلف الفتق الإربي عند الإناث؟ يختلف الفتق الإربي عند الإناث من ناحية قلة حدوثه مقارنة بالذكور إضافة إلى احتمالية وجود المبيض في كيس الفتق، وعليه إذا وجد المبيض في كيس الفتق وجب الإسراع بالعملية الجراحية حتى لا يتعرض للانسداد وهذا يشكل خطورة على الدم المغذي للمبيض. التفريق بين الفتق والقيلة المائية ما مخاطر الفتق الإربي بشكل عاما وهل يمكن شفاؤه من تلقاء نفسه؟ بالطبع لايمكن أن يشفى الفتق الإربي لوحده بدون العلاج بالتدخل الجراحي، وهناك خطران رئيسيان من الممكن أن يحدثا أولهما اختناق الفتق وما يسببه من ألم وغثيان وبكاء مستمر عن الطفل وقد يصل الأمر إلى انسداد الأمعاء. والخطر الثاني يتمثل في الغصص أو انضغاط الفتق وهو انقطاع التروية الدموية عن جزء الأمعاء المنفتق ليسبب ألما واحمرار الفتق وارتفاع درجة حرارة الطفل وتسارع نبضات القلب مما يتطلب التدخل الجراحي الفوري . كيف يشخص الطبيب حالة الفتق الإربي؟ يكون التشخيص أولاً من خلال سماع ما يقصه أهل الطفل عن الحالة ومن ثم فحصه وكشف الفتق عنده، وأحياناً يجب التفريق بين الفتق والقيلة المائية التي هي عبارة عن تجمع سائل حول الخصية بعد الولادة إلا أنها غالباً تشفى من تلقاء نفسها دون علاج، وما يميز الفتق هو أنه يظهر ويختفي بالتناوب بينما تكون القيلة المائية مستمرة، ويساعد اختبار الشفافية الضوئية بتسليط الضوء على الصفن في التمييز بينهما. نتائج ممتازة ومضاعفات منعدمة هل يشفى الفتق الإربي بسهولة؟ لا يشفى الفتق الإربي دون جراحة لكنها عملية بسيطة وسريعة ومن أكثرها إجراءاً عند الأطفال، ويجب أن تجرى الجراحة في أقرب وقت بعد التشخيص لأن اختناق وانضغاط الفتق قد يتطلب جراحة إسعافية. وعن اختلاطات هذه الفتوق نذكر انحشار المحتويات فيها وما يعقب ذلك من انسداد في الأمعاء مع تقيؤ وإمساك وانتفاخ في البطن، وقد ينحشر المبيض عند الإناث كما قد ينحشر أي عضو آخر داخل البطن وحالما يضطرب وصول الدم للعضو يحدث ما ندعوه بالاختناق الذي يستدعي الجراحة الإسعافية. ويحدث الانحشار في مابين 9 في المائة إلى 20 في المائة من الحالات وخصوصاً في السنة الأولى من العمر، أما الخدج فيظهر على شكل كتلة ثابتة مؤلمة تكدر مزاج الطفل فلا يحتمل الإرضاع ويبكي بشدة. ويمكن للجلد فوق الكتلة أن يتبدل لونه قليلاً ولكنه لا يحمر ولا يؤلم كما يحدث في الفتق المختنق فينبغي في هذه الحالات رد الفتق بشكل محافظ ويحدث ذلك في 95 في المائة من الحالات، ومن غير المعتاد أن تلزم الجراحة الإسعافية في هذه الحالات وبعد الرد و خلال يوم أو يومين تجرى الجراحة بعد زوال الوذمة، أما بالاختناق فيتسارع نبض القلب وتحدث الحمى وتحمر كتلة الفتق و يشتد ألمها، فلا يكون هناك مفر من جراحة فورية رغم ندرة ذلك، وبشكل عام فإن نتائج الجراحة عند الرضع و الأطفال ممتازة ومضاعفاتها لا تتجاوز 2 في المائة ولا يعاود الفتق إلا في أقل من 1 في المائة من الحالات.
إنشرها

أضف تعليق