أمريكا اللاتينية .. هل تكون أحد الخيارات الخليجية للاستثمار الزراعي؟

أمريكا اللاتينية .. هل تكون أحد الخيارات الخليجية للاستثمار الزراعي؟

أوضح مستثمرون ومستوردون أن دول أمريكا اللاتينية تمتلك مواد خام ذات جودة عالية، إلى جانب كونها تعد من أفضل دول العالم فيما يتعلق بجودة الأراضي الزراعية، حيث تتوافر فيها مميزات جغرافية وطبيعية فريدة تساعد على جذب المستثمرين الأجانب من دول العالم. كما تعد دول أمريكا اللاتينية من أكثر دول العالم في الثروة الحيوانية. ويدور في الأوساط الخليجية حديث كثير عن أهمية الأمن الغذائي من خلال الاستثمار الزراعي في دول أخرى نظرا لندرة المياه، وتطرح دول أمريكا الجنوبية مثل البرازيل والارجنتين كأحد الخيارات خاصة في ظل التقارب الذي توج بالقمة الأولى بين المجموعتين عام 2005. ويتوقع أن تحظى قضية الاستثمار الزراعي في هذه الدول بأهمية بالغة ضمن أجندة قمة الدوحة التي تعقد هذا الأسبوع بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، خاصة أن دول مثل البرازيل والارجنتين وتشيلي تغطي حصة من احتياجات دول الخليج الغذائية من اللحوم والدواجن والفواكه. وفي هذا السياق، قال لـ"الاقتصادية" عبد الله الخلف مستورد لحوم ومواد غذائية من دول أمريكا اللاتينية، إن البرازيل والأرجنتين وتشيلي والبراجواي والأرجواي، تمتلك مادة خام ممتازة، كما أنها تعد من أفضل دول العالم التي تمتلك أراضي زراعية جيدة. وأشار الخلف إلى أن الكميات الزراعية الموجودة في البرازيل تحديدا ذات جودة عالية، لافتا إلى أن هناك مشكلة لدى بعض الدول كالأرجنتين والأرجواي والبراجواي متعلقة بمصانع بالتعبئة التقليدية القديمة، وهذا راجع إلى ضعف أداء وزارة التجارة الغرف التجارية الصناعية في هذه الدول. ومعلوم أن البرازيل من البلدان التي تتوافر فيها مميزات جغرافية وطبيعية فريدة تساعد على جذب المستثمرين الأجانب. وتتميز البرازيل التي تقع في قلب قارة أمريكا الجنوبية، بتنوعها المناخي الذي أعطاها تميزا اقتصادياً فريداً. ومنذ مطلع عام 1994 شرعت البرازيل في تنفيذ برنامج استند إلى عدد من الإصلاحات المالية التي تلت عدداً من الخطوات التي اتخذتها الحكومة البرازيلية من أجل تشجيع قطاع الاستثمار الذي توليه أهمية قصوى. ومن أهم الإصلاحات الأساسية التي قامت بها الحكومة البرازيلية بهدف زيادة الفرص الاستثمارية، إعطاء الأولوية لتأهيل البنية الأساسية، إعطاء قدر من المرونة للقطاعات التي كانت تسيطر فيها الحكومة كقطاعات الاتصالات والكهرباء والبترول والغاز الطبيعي، منح صلاحيات توسعية للشركات الأجنبية، فتح الأنشطة التعدينية والاستثمار في مجال الطاقة الكهربائية أمام المستثمرين الأجانب. ومن أهم القطاعات الاستثمارية في البرازيل القطاع الزراعي الذي تتمثل أهم منتجاته التسويقية في البن (القهوة) التي تبلغ عائدات صادراتها السنوية نحو ثلاثة مليارات دولار، ثم يأتي الموز الذي تنتج منه البرازيل ثاني أكبر إنتاج في العالم بعد الهند، إذ تنتج نحو ستة ملايين طن، وتبلغ عائدات صادراته نحو خمسة مليارات دولار، كما تعد البرازيل أكبر مصدر للبرتقال في العالم إذ تصدر نحو 800 ألف طن سنويا. وتمثل الصادرات الزراعية نحو 40 في المائة من مجموع الصادرات، وقد شهد القطاع الزراعي زيادة في معدل الاستثمار بلغت نحو 104 في المائة. ومن أهم القطاعات التي تحظى بقبول استثماري في الاقتصاد البرازيلي قطاع الصناعة الذي يجتذب 58 في المائة من الاستثمارات، ثم يأتي قطاع الكيماويات بنسبة 11 في المائة. وتمثل صادرات الورق نسبة كبيرة من مجموع الصادرات إذ يبلغ عائدها نحو ثلاثة مليارات دولار من مجموع قيمة الصادرات البالغة نحو50 مليار دولار، والتي تنوي الحكومة البرازيلية رفعها إلى معدل 100 مليار دولار بحول 2002. وتحظى البرازيل باستثمارات أجنبية ضخمة، حيث تبلغ الاستثمارات الأجنبية في البرازيل نحو 74 مليار دولار وتعمل الحكومة البرازيلية على مضاعفتها من خلال التشجيع الفعلي للمستثمرين. ومن أجل زيادة المشاريع الاستثمارية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، رسمت الحكومة سياسات مالية تشجيعية كبيرة، منها منح الامتيازات وتخفيض الضرائب في الكثير من الاستثمارات كالاستثمارات الزراعية والصناعية. كما تبنت الحكومة البرازيلية سياسات مالية هدفت إلى تيسير انسيابية الإجراءات المالية من خلال شبكة مصارفها الممتدة عبر 233 مصرفاً. وفي وقت سابق عرض وفد برازيلي على رجال الأعمال السعوديين الفرص الاستثمارية في البرازيل، من خلال عرض نشاطات المؤسسات المالية وإمكانية الاستثمار السعودي ماليا في الهيئات والمؤسسات التي تعمل في استقطاب وتيسير دخول المستثمر السعودي للبرازيل. وأوضح الحميدان أن الوفد بين أن هناك مجالا أكبر للمستثمرين السعوديين، إلى جانب استثمارات خليجية مالية لكنها لا تصل إلى الاستثمارات الأمريكية والأوروبية والشرق آسيوية في البرازيل. يشار إلى أن مؤشرات التبادل التجاري بين السعودية والبرازيل خلال الفترة 2000 إلى 2003 توضح أن الميزان التجاري حقق فائضا لصالح المملكة باستثناء عام 2001، نتيجة لارتفاع معدل صادرات المملكة إلى البرازيل عن وارداتها. يذكر أن دول منطقة أمريكا الجنوبية سجلت في نهاية القرن الماضي، نمواً بلغ متوسطه 4 في المائة من إجمالي الناتج الوطني في مقابل جمود شبه تام تقريباً في 1999. ووفقا للكثير من المراقبين الاقتصاديين فإن ذلك التطور يعتبر بمثابة مؤشر طيب لتشجيع ونمو الاستثمارات الأجنبية في دول المنطقة التي تتميز أصلا بوجود موارد اقتصادية وطبيعية ضخمة تؤهلها لجذب المزيد من الاستثمارات الرساميل الخارجية. وتعد اقتصادات شيلي والبرازيل والمكسيك من أفضل وأميز اقتصادات الإقليم، وتتميز كل دولة من تلك الدول بوجود مخزون استراتيجي من الموارد الطبيعية، فبالنسبة للمكسيك والبرازيل فإن الموارد الزراعية والغابية شكلت بنية صناعية أولية أدت إلى تطوير الكثير من الصناعات، مما جعل اقتصاداتها تتحول من الاعتماد على تحويل الموارد الأولية إلى الدخول في صناعات أشبه بالصناعات الثقيلة. أما بالنسبة لشيلي فإن مخزونها من المعادن والنفط أعطاها تميزاً اقتصادياً فريداً. ووفقا لمسؤول في اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية والكاريبي، فإن الانتعاش الذي تشهده تلك الدول يعد انتعاشا راسخا رغم استمرار الكثير من المشكلات والعقبات الاقتصادية. وجاء الانتعاش في إطار من استقرار الاقتصاد الشامل الذي يترافق مع تدني نسبة التضخم ومتوسط للفائدة بنسبة 5 في المائة وهو مستوى لم تعرفه تلك الدول منذ فترة طويلة ـ وخفض كبير للعجز في دول عدة. لكن المنطقة ما زالت تعاني الكثير من نقاط الضعف، وأشدها تعقيداً في رأي صندوق النقد الدولي، تبعيتها للتمويل الخارجي الناجم عن عجز كبير في حساباتها الجارية والتكلفة المرتفعة لخدمة الدين الخارجي. ويميز جيايرمو بيري كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك الدولي ثلاث مجموعات من الدول في المنطقة، وتضم المجموعة الأولى الاقتصادات التي تسجل نمواً كبيراً وقوياً في الناتج القومي الخام، وهي المكسيك 7 في المائة وتشيلي 56 في المائة، والبرازيل 4 في المائة، وتضم المجموعة الثانية بيرو 4 في المائة، وكولومبيا 3 في المائة، وفنزويلا 2.5 في المائة، التي يبقى انتعاشها غير أكيد بسبب الشكوك المحيطة بالنظام السياسي أما المجموعة الثالثة فتضم الدول المتواضعة النمو أي الأرجنتين والإكوادور والأرجواي ومعظم الاقتصادات الصغيرة في المنطقة. وعلى ضوء تلك التطورات فقد اتجهت الكثير من الرساميل نحو تلك الدول التي توعد مواردها المتوافرة ومؤشراتها الاقتصادية الجيدة بنجاح استثماري كبير خلال السنوات القليلة المقبلة.
إنشرها

أضف تعليق