Author

الملك وصناعة الغد السعودي المزدهر

|
كعادته دائما وبكلمات قليلة بالغة العمق والدلالة، يجدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ يحفظه الله ـ لشعبه ولأمته الآمال في المستقبل الذي يظل هو ـ بحكمته ـ أحد أبرز صنّاعه.. ففي كلمته ـ رعاه الله ـ في افتتاح السنة الأولى من الدورة الخامسة لمجلس الشورى أمس الأول، وضع خادم الحرمين الشريفين، إطار المشهد العام بالإشارة إلى تلك التحديات على صعيدي الوطن والأمة، والتي قال إنها تفرض يقظة لا غفلة، وتستدعي مسؤولية مضاعفة لمواجهتها، ابتداء من عدوان إسرائيل الغاشم على قطاع غزة، ثم خلاف الإخوة الفلسطينيين فيما بينهم، إلى جانب الخلاف العربي ـ العربي، والخلافات الإسلامية، الناجمة عما وصفه ـ يحفظه الله ـ بوجود طموحات عالمية وإقليمية مشبوهة، مشيرا إلى أنه في هذا الجو الملبد بالسواد فإننا لا نيأس من رحمة الله، ونحن نستذكر تاريخنا الحافل بالانتصارات، مما يدفعنا إلى تجاوز ذاتنا وجمع الشمل وتوحيد الكلمة، مؤكدا الاستمرار في هذا النهج إلى أن يزول الخلاف. وفي جملة بالغة الدلالة قال ـ يحفظه الله ـ : إن الانتصار لا يتحقق لأمة تحارب نفسها، ولا مكان إلا للأقوياء في هذا العالم. كما أشار ـ رعاه الله ـ إلى رياح الأزمة المالية العالمية، وقال: إنه كان لا بد لنا من التصدي لها بحكمة، وقد استطعنا تجنيب الوطن أسوأ عواقبها، ولا نزال نراقب الموقف بيقظة، ونشارك العالم في الحلول، مشيرا إلى دور المملكة في مجموعة العشرين، كما أكد ـ يحفظه الله ـ أن المملكة ماضية في مسيرة التطوير لدفع عجلة النمو لرفعة الوطن، وتأمين الحياة الكريمة للمواطن الفخور بعقيدته وإيمانه، نحو صناعة الغد السعودي المزدهر بالرخاء. هكذا بلا شعارات، ولا خطابات منبرية يضع خادم الحرمين الشريفين أمام شعبه الرؤية الشاملة للوضع العام على مستوى الوطن والأمة العربية والعالم، بكل ما فيه من تحديات، وبعد أن يُنجز بوضوح لا يقبل التورية تحديد ملامح هذا الداء في الواقع، يبدأ في تقديم الدواء الذي يستهله بتعزيز الروح الإيمانية بالله، والدفع باتجاه التخلص من القنوط إزاء واقع الأمة مهما ادلهمت الخطوب، ورفع الروح المعنوية باستحضار صورة من التاريخ المجيد المليء بالانتصارات مهما كانت الظروف، مؤكدا حقيقة أن الانتصارات لا تتأتى لأي أمة تنشغل بحروبها الذاتية، وكأنما يستحث الأمة لإيقاظ ضميرها، والتنبه إلى ما يُحاك ضدها من مطامع مشبوهة عالمية وإقليمية. ولأنه يضع المواطن دائما في صلب اهتماماته، فقد استطاع ـ يحفظه الله ـ أن يعيد في نفوس مواطنيه بناء الأمل بعد الأزمة المالية العالمية، حينما طمأنهم على التصدي لها والنجاح في تجنيب المواطن أسوأ عواقبها، وهو ما تحركت معه مؤشرات أسواق المال المحلية حتى قبل إلقاء الكلمة، وهي التي اعتادت منه ـ رعاه الله ـ في كل مناسبة على الأقوال المرتبطة بالأفعال النابهة. لقد جاءت هذه الكلمة النقية والواضحة، لتؤكد نجاح منهج الحكمة في معالجة الأمور، وهو المنهج الذي تبناه الملك عبد الله بن عبد العزيز في كل المحطات وعلى مختلف الصعد، مما عزز دور المملكة في ضبط إيقاع الأحداث، وإعادتها إلى جادة الحكمة كلما تعرضت للشطط، وهذا هو قدر القادة الكبار، القادرين دوما على تجاوز المصاعب، ومعالجة الأمور بمنتهى الروية والحكمة.
إنشرها