مجموعات 7 ـ 8 عشرون وعنها يسألون؟ (1 من 2)
أضاف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كثيرا من المهابة والاحترام والأهمية بمشاركته في مؤتمر العشرين الذي عقد في واشنطن في ظروف بالغة الصعوبة, ووجود المملكة ممثلة في قيادتها الرشيدة بوزنها العالمي والإسلامي والعربي أعطى كثيرا من المصداقية لهذا الاجتماع الذي شاركت فيه المملكة بفاعلية ومهنية. والحديث عن هذه المجموعات يقودنا في الواقع إلى التحدث عن المجموعة الأم, مجموعة السبع, التي انطلقت قبل عدة سنوات, وهي مكونة من الدول الكبرى: كندا, فرنسا, ألمانيا, إيطاليا, اليابان, بريطانيا, وأمريكا, وهي تجتمع دوريا على مستوى الرؤساء وعلى مستوى وزراء المالية والخزانة, والغرض من هذه الاجتماعات هو تنسيق السياسات المالية والأوضاع العالمية والسعي إلى تنسيق المواقف وكذلك الالتزام ببعض الأعمال الإنسانية ذات الأبعاد الخيرية مثل مساعدات الدول الإفريقية والقضاء على الفقر في بعض الدول, وكذلك المساعدة على القضاء على الأمراض الوبائية مثل مرض الإيدز. وفي الوقت الذي كانت فيه هذه الدول مجتمعة تعيش مرحلة ازدهار اقتصادي ومالي وتتحدث بلغة عالية عن مشكلات الآخرين ومساعدتهم دون أن تدري أن باب النجار مخلوع وأنها عليها أن تصلح أحوالها المالية ومنظماتها الإدارية والرقابية قبل أن تدق أبواب الآخرين, جاءت الاجتماعات الأخيرة على مستوى رؤساء دول العشرين التي تجتمع لأول مرة للتباحث في موضوع الأزمة المالية. وقد أحسنت المملكة صنعا في المساهمة الجادة والفاعلة في هذا المؤتمر ومطالبة المجتمع الدولي والدول الكبار بأهمية معالجة هذه الأزمة ووضع أمور الرقابة والتصنيف والشفافية والمصداقية, فهي الأساس الذي يجب أن يبنى عليه مستقبل التعاملات.
وجاء زعماء الدول النامية إلى واشنطن كزعماء لدول مستها الأزمة الاقتصادية العالمية وأخرى ترى أنها قد تعالج هذه الأزمة وتساعد على حلها مثل السعودية, الهند, الصين, البرازيل, وجنوب إفريقيا, وقد أولى المؤتمر التعاون في مجال السياسات الاقتصادية واستخدام الصلات المالية لتنشيط النمو الاقتصادي. لقد بزغت بنوك الدول الخليجية, وفي مقدمتها المملكة, كأقل المتضررين من الأزمة, كما بينت البنوك الإسبانية قدرتها المالية الحيوية, حيث استفادت من الطفرة السابقة ودعم الاتجاه الصحيح لبناء احتياطات بنكية جيدة ساعدتها على تجاوز الأزمة, لقد تغير تشكيل اللاعبين العالميين الآن ودخلت دول كثيرة إلى حيز الانتباه كالصين والهند والبرازيل والسعودية ولم يعد هذا النادي الخاص حكرا على هذه الدول السبع الكبرى التي استعلت وتعالت على الدول الأخرى لسنوات, وقد جاءت إضافة دولة روسيا باسم مجموعة الثماني لترضية الدب الروسي الذي كان يبدو ضيفا غير مرحب به في أكثر الأحيان ولكن الحاجة إلى أخذ الصور التذكارية معه في هذه المؤتمرات أصبح شيئا ضروريا وإن كانت العلاقة قد ضعفت بعد يقظة الدب الروسي وتحركه السريع إلى العودة إلى مجده القديم في الوجود في جنوب أمريكا والشرق الأوسط والبدء في مغازلة بعض الحلفاء القدامى مثل سورية وكوبا وفنزويلا والهدية القيمة التي تلقاها الجيش اللبناني, ولهذا حديث آخر ـ إن شاء الله.
إن حرص المملكة الكبير على استقرار الأسواق العالمية وأن يكون الاقتصاد العالمي مستقرا ولطالما نادت المملكة منذ سنوات بأهمية استقرار أسعار البترول ضمن نطاق عادل للبائع والشاري لما في ذلك من استقرار للأسواق ونمو مواز للاقتصاد. ودعا خادم الحرمين الشريفين إلى أهمية التنسيق والتعاون الدولي لإيجاد الحلول المناسبة للأزمة المالية وتقليل آثارها. ووصف أن هذه الأزمة كشفت كثيرا من الخلل في الرقابة على القطاعات المالية وأنه لا يمكن للأسواق تنظيم نفسها, لافتا النظر إلى أهمية الحاجة الملحة والماسة إلى تطوير الأنظمة الرقابية على القطاعات المالية وتعزيز دور صندوق النقد الدولي في الرقابة على هذه القطاعات في الدول المتقدمة. وها هي ساعة الاجتماعات المقبلة في لندن لرؤساء الدول العشرين تقترب وقد قام وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية بالاجتماعات المتتالية والمتوالية في لندن في الأسبوع الماضي وكانت حصيلة هذه الاجتماعات الخروج بالتوصيات السابقة نفسها لرؤساء الدول العشرين الذين اجتمعوا في أمريكا. وللتاريخ فإن هذا هو الاجتماع الثاني للرؤساء ـ اقتصرت مجموعة العشرين التي ضمت السعودية, الهند, الصين, البرازيل, وجنوب إفريقيا إلى هذه الاجتماعات لتكون نواة للتوسع المستقبلي, حيث وجدت مجموعة السبع أن ضم هذه الدول والمكسيك يمثل حلقة اكتمال الدول الاقتصادية الناشطة وتمد حبال الاتصال مع جميع الدول المنطلقة صناعيا واقتصادية, وربما نرى المكسيك هي الأخرى ضمن هذه المجموعة التي أشرنا إلى أنها اجتمعت على مستوى الرؤساء في أمريكا لأول مرة, وها هي تحضر اجتماعا آخر خلال أشهر فقط في لندن, وقد كانت اجتماعات الدول العشرين تقتصر في الماضي على وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية إلا أن الحاجة الملحة إلى ربط الاقتصادات العالمية بعضها بعضا ضرورة ملحة لمثل هذا التواصل. حيث أصبحت المجموعات الاقتصادية الكبرى مجموعة السبع الثماني تشعر بأنها لا يمكن أن تعزف سيمفونيتها الاقتصادية وحيدة دون أن تنضم إلى العازفين دول كبرى ذات وزن اقتصادي كبير مثل: الصين, الهند, البرازيل, السعودية, والمكسيك.
وسأتحدث في المقال المقبل عن نشوء وارتقاء مجموعة السبع والثماني والعشرين وعسى أن يخرجوا لنا في مؤتمر لندن المقبل بكثير من الحلول العلمية والعملية القابلة للتطبيق, وأن يخرج الجميع من الحفرة التي وقعنا جميعا فيها بحكم قيادة مجموعة الدول السبع وعلى رأسها أمريكا لنا جميعا للوقوع معهم وإن غدا لناظره قريب.