رئيس أرامكو السابق: "ضبابية الرؤية" في الاقتصاد العالمي تعني فرصا جاهزة للاقتناص
أكد عبد الله بن صالح جمعة الرئيس السابق لشركة أرامكو أن تأثير الأزمة العالمية في السعودية ما زال محدوداً إذا ما تمت مقارنتها بدول أخرى، وأنه متفائل بشأن المستقبل الاقتصادي والتجاري، لكنه أكد أن أصل المشكلة نابعة من التباطؤ الاقتصادي والأزمة المالية التي ما زالت مستمرة.
وقال في ندوة ألقاها في حضرة عدد من المتخصصين ورجال الأعمال في مقر الغرفة التجارية في الرياض، يجب النظر إلى ضبابية الرؤية في الاقتصاد العالمي لا على أنها مصدر تهديد لاقتصادها القومي، بل على أنها فرص جاهزة ومواتية للاقتناص والدخول في صناعات جديدة.
وأضاف جمعة أنه لا أحد يعلم ما إذا كان هذا التراجع قد بلغ القاع أم لا. وأشار إلى أن دعائم الاقتصاد العالمي وأساساته ما زالت قوية على الأمد البعيد، حتى إن كانت الصورة قاتمة خلال الأمدين القصير والمتوسط، وأنه لا يجب الالتفات لتقلبات المديين القصير والمتوسط، مركزين بذلك الجهود على بناء اقتصاد قوي، ولا سيما أن أغلب البلدان النامية تسعى لإيجاد بيئة معيشية جيدة لها ولأبنائها مع كبر التعداد السكاني لديهم، وأن المملكة قابلة أن تكون في المقدمة.
وأوضح عبد الله جمعة أن سمعة شركة أرامكو وثقة عملائها بها جعلها في مصاف الشركات الكبرى في العالم، وذلك بتوفير الزيت الخام بجودة ومواصفات عالية والتسليم في الوقت المناسب، حتى إن أغلب عملاء "أرامكو" يقولون إنهم لو أتتهم الفرصة في تلبية حاجتهم من النفط الخام من المملكة لقاموا بذلك دون تردد، نظراً لثقتهم العالية بهذه الشركة, والذي ميزها عالمياً، بالإضافة إلى سياسات حكومة خادم الحرمين الشريفين المعتدلة والمسؤولة، مشيراً إلى أن صناعة البتروكيماويات تعتبر كأحد أقوى العوامل في إقامة العديد من الصناعات الكبرى، الأمر الذي سيزيد من معدل التوظيف لدى الشباب، والأثر الاقتصادي الكبير في مستوى العالم، موضحاً أن وجود احتياط نفطي هائل سيكون في صالح المملكة كجانب لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وبالأخص في الصناعات الثقيلة والمتوسطة، ممثلاً في ذلك بإشارته إلى مشاريع الفوسفات والألمنيوم والمشاريع في قطاع الصناعات التحويلية، قائلاً إن هذه الصناعات لا تتطلب رؤوس أموال كبيرة، كما أنها أصغر نسبياً من حيث الحجم والمساحة، الأمر الذي يساعد على تنفيذها بشكل أكبر، ويشارك فيها مجموعة أكبر من المستثمرين وصناع القطاع الخاص.
وألمح رئيس "أرامكو" السابق إلى أن أفضل قطاعات تدخل فيها المملكة خلال الفترة المقبلة هي التركيز على صناعات ذات تأثير محدود والعلامات التجارية وخدمات تنافسية للدخول بها في الأسواق العالمية، وأن يتم اعتماد الكثير من التفكير الاستراتيجي والروح الاستثمارية من قبل القطاع الخاص. فالمملكة بحسب جمعة لديها قدرات ومساحات كبيرة للتقدم في هذا الجانب، ولا سيما أن رأس المال كبير والكفاءات البشيرة متوافرة، وأن سوقها المحلية لا تزال متنامياً، بالإضافة إلى استقرارها سياسياً، وعلاوةً على ذلك فإنها تتمتع بموقع جغرافي مميز يجمع بين الشرق والغرب، وأن يتم ربط هذه الموارد الكبيرة بالأفكار والفرص الاستثمارية الكبيرة لأننا - وبحسب جمعة - في عصر القوة الذهنية وليس القوة الجسدية والعضلية.
وعن مدى خطورة انقطاع النفط في العالم، أوضح جمعة أن العالم كان يستهلك 240 مليون برميل نفط يومياً في منتصف عام 2008، وأن البدائل لهذه الطاقة موجودة وبكثرة، مثل الفحم والطاقة النووية و الإيثانول، وأن النقل للنفط يكون عادةً جواً وبراً وبحراً، 2 في المائة من المواد المنقولة هي الغاز المضغوط، و96 في المائة للنفط، و2 في المائة الباقية توزع على المواد الأخرى. وقال إن معدل الاستهلاك العالمي للنفط يبلغ عشرة ملايين برميل في الساعة، وفصل جمعة ذلك بقوله "إذا نظرنا إلى العالم، فإن كل ألف شخص لديهم 600 سيارة وفي الصين كل ألف شخص لديهم خمس إلى عشر سيارات، وتخيلوا لو ذهبت الصين إلى مستوى أمريكا كيف سيكون الطلب ووكالة الطاقة الدولية ترى أن الزيت الخام سيكون على مستوى متزايد وليس متناقصا ولا خوف من البدائل على المستوى البعيد".
وأسهب جمعة في الحديث عن الكتاب الذي ألفه ماثيو سايمون في كتابه "فناء في الصحراء", الذي كان يتحدث عن نضوب النفط في السعودية، مؤكداً أن شركة أرامكو لديها ما يراوح بين خمسة وسبعة آلاف بئر نفط، وأن أي مشكلة في هذه الآبار لا تترك للصدفة، بل يتم استشارة عدد من الخبراء لحل هذه المشكلة إذا حصلت.
وهنا أورد إحدى الفرضيات التي تشير إلى أن إنتاجية النفط في العالم لن تتخطى حاجز 600 مليار برميل.
وأشار إلى أنه الآن تم إنتاج تريليون برميل في العالم وأن التقنية أسهمت في زيادة معدلات الإنتاج العالمية حتى وصلت إلى 70 في المائة ، مشيراً إلى أنهم في أرامكو كانوا يستهدفون 50 في المائة فقط، بالإضافة إلى أن وكالة الطاقة الدولية تقدر أن النفط العادي والزيوت الثقيلة تصل إلى سبعة تريليونات برميل حول العالم، أما في حال تمت الاستفادة من التقنية، فإنها قد تصل إلى 12 في المائة ، مشيراً إلى أنه لا خوف من قلة النفط في العالم، فهو متوافر وبكميات عالية حول العالم.