مصلحة الزكاة والضمان الاجتماعي - من يعلق الجرس؟

في تصريح نشرته معظم الصحف السعودية يوم الأحد الماضي عن مدير عام مصلحة الزكاة والدخل أوضح فيه أن إيرادات المصلحة في العام المالي 1428-1429 بلغت 15 مليار ريال بزيادة مقدارها نحو 20 في المائة على العام الماضي. للتوضيح لغير المختص فإن هذا المبلغ ليس من تحصيل الزكاة فقط، بل يشمل تحصيل الضريبة من الشركات الأجنبية وحصة الشريك الأجنبي في الشركات السعودية المختلطة. وفقا للتصريح فإن حصيلة الزكاة على عروض التجارة من الشركات والمؤسسات الخاضعة للزكاة بلغت نحو 6.2 مليار ريال من إجمالي الإيرادات وتمثل وعاء زكويا مقداره 250 مليار ريال. هكذا نشر التصريح وهذه أهم المعلومات التي قدمها إضافة إلى بعض القضايا العابرة الأخرى التي لم تقدم إضافة جوهرية للمعلومة أعلاه. قرأت التصريح أكثر من مرة وهناك أسئلة تلح علي بشكل قوي: لمن يوجه هذا التصريح؟ ما الفائدة منه؟ ماذا تريد أن تخبرنا مصلحة الزكاة والدخل؟
إذا كانت المصلحة تريد أن تخبرنا أنها أنجزت احتساب زكاة وربطها بما يقارب ستة مليارات ريال تختص بوعاء زكوي قدرة 250 مليارا فإن هذه الأرقام مثيرة للأسئلة أكثر مما تقدمه من معلومات. إن الوعاء الذي سيتم تحديد الزكاة المستحقة على أساسة يجب أن يشتمل على رأس المال إضافة إلى صافي الربح وعند الربط الزكوي بهدف تحديد الوعاء تبدأ المصلحة من صافي الربح ثم تضيف إليه بعض المخصصات مثل مخصص نهاية الخدمة مما يزيد في قيمة صافي الربح ثم يضاف إلى صافي الربح المعدل رأس المال ويضاف إلى رأس المال جميع الاحتياطيات مما يزيد من قيمة الوعاء الإجمالية ثم يتم خصم جميع الأصول الثابتة وما في حكمها. وإذا علمنا أن هناك ما يقارب من 19 ألف شركة سعودية، وإذا كان صافي الربح لمجموع الشركات المساهمة فقط وفي نهاية عام 2008 بلغ ما يقرب 80 مليارا فإننا يمكن أن نستنتج إلى أي مدى يعد تصريح المصلحة هامشيا لا يقدم معلومات جوهرية.
لست أشكك في تصريحات المصلحة بالطبع لكني أشير إلى أننا لم نعرف تفاصيل الوعاء الزكوي مقسما بحسب نوعية الشركات (مساهمة، مسؤولية محدودة، تضامنية، مؤسسة فردية) كذلك لم نعرف تفاصيل الربط وفقا للمناطق والفروع. كما أن التصريح لم يشر إلى أي تقرير يمكن الرجوع إليه في هذا الموضوع والموقع الإلكتروني للمصلحة لم يقدم شيئا يذكر في هذا الجانب وإن كنت أشيد بتطور الموقع. ليست أهمية هذه المعلومات نابعة من كونها مالية فقط بل لأنها تمس فرضا شرعيا وركنا من أركان الإسلام الخمسة وتفاصيل في هذا الشأن ستكون مفيدة في أمور كثيرة.
وإذا كان تحصيل الزكاة يعد جانبا مهما فإن الأكثر أهمية هو إيصالها إلى مستحقيها في الوقت المناسب. ليس الضمان الاجتماعي المكلف بصرفها أقل غموضا وتحفظا من مصلحة الزكاة. جباية الزكاة من جانب وصرفها على مستحقيها من جانب آخر يمثلان كفتي ميزان فما تم تحصيله يجب إنفاقه شرعا على مستحقيه (المصارف الثمانية) وحكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - حريصة على ذلك، لذا فإن تفاصيل المعلومات التي تقدمها مصلحة الزكاة يجب أن تعكسها وزارة الشؤون الاجتماعية في معلومات مثل عدد المستحقين بحسب المناطق ومجموع ما صرف عليهم.
في هذا الخصوص فإننا نعرف من خلال تصريح وزارة الشؤون الاجتماعية أن ميزانية الوزارة بلغت 15 مليارا ونعرف من تصريح مصلحة الزكاة أن هناك مبلغ يزيد على ستة مليارات ريال تم إدراجه في حساب الوزارة فهل يعني هذا أن المتاح للوزارة هو 21 مليارا أم أن الـ 15 مليار تشمل تحويلات مصلحة الزكاة؟ الأمر غير واضح بالنسبة لي على الأقل. ولكن استنادا إلى أن تحويلات مصلحة الزكاة لا تدخل من ضمن إيرادات الدولة السيادية نظرا لأنها تمثل فريضة الزكاة التي يجب صرفها على الفئات المخصصة شرعا فإن الأقرب هو أن المتاح للوزارة للصرف منه هو مبلغ 21 مليارا. ولنستبعد مصاريف الوزارة التشغيلية (غير المعروفة على وجه الدقة) ولنقل ملياري ريال فإن المتبقي يمكن أن يصل إلى 19 مليارا للصرف على المستفيدين من خدمات الوزارة. 19 مليارا تعني 19 ألف (مليون ريال) تعني 190 ألف (100 ألف ريال). أي أن الوزارة تستطيع بهذا المبلغ دفع 100 ألف ريال سنويا لعدد 190 ألف شخص وهذا يمثل راتبا شهريا مقداره 8330 ريالا تقريبا لكل واحد منهم. هل تضع يدك على رأسك عزيزي القارئ أمام هذا الرقم؟ لا أعتقد أن أحدا يتوقع أن تدفع الوزارة لمستحقيها هذا الراتب الشهري الجيد لكن لنطلب منها أن تدفع لهم حد الكفاف وهو 2500 ريال فهي إن فعلت هذا فإنها ستتمكن من دفع راتب شهري لعدد يصل إلى 800 ألف شخص. وإذا كان عدد المستفيدين من خدمات الوزارة وفقا لتصريحاتها بلغ 600 ألف فإن الوزارة تستطيع من خلال هذه المبالغ المرصودة أن تدفع راتبا شهريا يزيد على ثلاثة آلاف ريال (فوق حد الكفاف) لكل واحد منهم. فكيف لدينا مشكلة فقر؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي