جوائز الثقافة والعلم والإبداع الفكري

في كل مكان يتم تخصيص جوائز للعلماء المميزين، منها نوبل المعروفة، وهناك جائزة تملبتون للأبحاث الروحية، وهي أكرم بالمال من نوبل، وحاليا في المملكة جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة، حرصا منها على شق الطريق للحوار بين الأنام؛ فالترجمة هي مفتاح قراءة دماغ الآخر.
وكان أخي هشام علي حافظ رحمه الله قد ابتكر مع أخيه محمد تقليدا جميلا لم يستمر، في منح جائزة سنوية.
وحاليا استقطبت دبي بجوائزها أكثر من ثلاثة آلف كاتب في العالم العربي في حقول شتى، بقيمة ربع مليون دولار، تفرق على الأدمغة المميزة، هذا إن لم تقع الجوائز في أصابع التحيز والعلاقات المشبوهة أو بين أقدام التلاعب مثل كرة القدم في الملعب البلدي!
وبالنسبة لجائزة نوبل التي ترشحها حاليا أكثر من 200 رجل للسلام، قد تمنح غدا لمن كان أبعد الناس عن السلام، كما هو الحال مع المجرم مناحيم بيجن وإسحاق رابين من الصهاينة القتلة ومن تصالح معهم من العربان في الوقت الذي لم تمنح فيه جائزة السلام لغاندي رسول السلام بين الأنام، بسبب غضبه على قيام إسرائيل ويبدو أن قنطرة إسرائيل هي كلمة السر لمنح الجائزة للمرضي عنهم كي يصلوا إلى الحج وعرفات الجائزة! كما هو الحال مع مارتن لوثر وسارتر.
وأصل الجائزة يعود لرجل سويدي اسمه الفريد نوبل فجر الأرض بالديناميت فأراد التكفير عن الذنب أو هكذا يزعم الزاعمون!
وهو رجل عاش بين عامي 1833و 1896 م، وتابع دراسته في الكيمياء بين فرنسا والولايات المتحدة، وأسس مصنعا للمتفجرات في مدينة هيلانا بورغ ، لكن انفجارا شديدا أطاح بالمصنع ومعه أخوه أيميل فعرف عيانا آلة القتل التي يشتغل عليها.
ولكن الانفجار أسال لعابه أكثر وقدح مخه لمعرفة السر المخبأ في بلورات ملح الانفجار, فلم ييأس بل تابع أبحاثه في مادة " النترو غليسرين " حتى أمسك بالسر!
وحين تفجرت الأرض من تحت الأقدام بقبضة من صلصال كالفخار لم يبق مكان في الأرض لم يفجر وتسفك فيه الدماء، ولذا فإن نوبل سوف يحشر مع آلهة القتل في الأرض هو والروسي كلاشنيكوف وأوبنهايمر رأس القنبلة النووية مع إدوارد تيلر (الصحن).
بعدها لاقت اختراعات نوبل رواجا عظيما؛ فاستدعي إلى إقامة المصانع في كل مكان وحشا جيوبه من كل أنواع العملات الصعبة! وجمع ثروة هائلة وظفها في حقول النفط التي يملكها آنذاك " باكوبروسي " فأصبح زيوس وقارون معا!
وباعتباره شخصا وديعا غير ميال للعنف تماما مثل الذي يقتل العصافير ويبكي عليهم فقد آلمه فعل سلاحه الجهنمي كما رأينا في غزة، فعليه وزرها ووزر من قتل بها إلى يوم القيامة.
فقد ترك هذا المجرم (غير المباشر) وصية تقول بمنح دريهمات لأحسن عمل في ميادين العلم والأدب والسلام، وأول من نال هذه الجائزة في ميدان العلم كان كونراد رونتجن الألماني باكتشافه الأشعة المجهولة أو السينية.
وفي اللقاء الصباحي الذي اجتمع فيه مع الجراحين عادة تقدم أحد الأطباء المقيمين ليشرح حالة مريض أدخل المستشفى بآلام مبرحة، وفي الصورة الشعاعية البسيطة للبطن ظهرت ثلاث حصيات في مجرى البول. وحين سألته عن الأشعة السينية من كان أول من اكتشفها؟ كنت كمن يسأله عن عملة رومانيا الليو أو الدراخما اليونانية والهرفينيا الأوكرانية أو الفورنيت المجري والزلوتي البولوني, وكل الفضل في هذه الوسائل التشخيصية كان من وراء رونتجن، بما فيها تصوير شرايين القلب وهي ترقص، والأوردة وهي تتمايل طربا ولم يكن يخطر في باله يومها أن طريقته لن تقف عند رؤية عظام يد زوجته بل ستكشف مجاري البول، ومسارات الشرايين، وممرات الصفراء، ودهاليز الدماغ. .. وفوق كل ذي علم عليم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي