الدكتور "طارق" كان "جزار" معتقل ماوتهاوزن النازي

الدكتور "طارق" كان "جزار" معتقل ماوتهاوزن النازي

في فندق صغير في احد أحياء القاهرة القديمة كان يختبئ اريبرت هايم "طبيب الموت" النازي في معسكر ماوتهاوزن تحت اسم "الدكتور طارق".
فقد اعتنق مجرم الحرب النازي اربيرت هايم الإسلام بمجرد وصوله إلى مصر واستقراره في فندق "قصر المدينة" في شارع بورسعيد بحي باب الخلق في وسط القاهرة وأطلق على نفسه اسم طارق حسين فريد.
وقال جمال أبو احمد وهو رجل في السابعة والأربعين من عمره يمتلك متجرا في المبنى الذي يقع الفندق في طابقيها الأخيرين "لقد عرفته عندما كان عمري 17 عاما".
ويضيف "كنت اعرف أن الدكتور طارق الذي كنت أراه يوميا ألماني مصري".
لكن أبو احمد لا يعرف كيف وصل المجرم النازي إلى مصر والى هذا الفندق تحديدا. غير انه يؤكد أن علاقات طيبة للغاية كانت تربط اريبرت هايم بملاك الفندق وهم اسرة دومه.
وكشف التلفزيون الألماني "تسي دي اف" وصحيفة "نيويورك تايمز" مساء الأربعاء أن اريبرت هايم كان يعيش في القاهرة.
وقال التلفزيون الألماني والصحيفة الأميركية أن مئات الأوراق الشخصية التي كانت بحوزة عائلة دومة واعتراف ابنه روديغر مكناهما من التيقن من أن "الدكتور طارق" هو المجرم النازي الهارب.
ويتم تداول روايات مختلفة حول ظروف موته عن عمر يناهز 78 عاما في أغسطس عام 1992 بعد إصابته بمرض السرطان.
وقال ابنه للتلفزيون الألماني انه كان متواجدا إلى جواره عندما توفي، لكن أبو احمد ينفي ذلك ويؤكد أن روديغر "كان يأتي لزيارته ولتزويده بالمال كل ثلاثة أشهر ولكنه لم يكن موجودا يوم وفاته".
ويضيف أبو احمد انه "وجد ميتا ذات صباح في غرفته وتم دفنه في مقبرة جماعية" ويؤكد أبو احمد أن المجرم النازي عاش حياة منظمة في فندقه بالقاهرة، فكان "يجري تدريبات رياضية في الصباح ثم يؤدي الصلاة في الجامع الأزهر ويمضي اوقاتا طويلة في القراءة والكتابة".
ويتابع أبو احمد "لقد كان رجلا ضخما قليل الكلام لكنه لم يكن يفوت فرضا وكان يؤدي الصلاة في المسجد بانتظام".
ويتذكر أبو احمد كذلك أن المجرم النازي "كان رجلا وحيدا تماما ومتدينا للغاية. لم تكن له لحية لكنه كان يصوم كل أيام شهر رمضان".
ويقول انه "نادرا ما كان يخرج خلال السنوات العشر الأخيرة من حياته كما انه نادرا ما كان يأتي أصدقاء لزيارته".
وكانت ردود الفعل متشككة في كل من ألمانيا وإسرائيل فقد أعرب إفرايم زوروف رئيس مركز سيمون فيزينتال المختص بملاحقة مجرمي الحرب النازيين عن شكوكه في صحة ما ورد عن وفاة مجرم الحرب النازي أريبرت هايم الذي كان من بين أكثر المطلوبين للعدالة في العالم.
وفي مقابلة اليوم الخميس مع وكالة الأنباء الألمانية (د. ب.أ) قال إن التقارير الواردة لم تذكر إلا أن هايم عاش في مصر، وأضاف "لقد كنا على علم بوجوده هناك".
وذكر زوروف أن الشكوك حول وفاة هايم لا تزال موجودة حيث لم يعثر على قبر هايم ولا على جثته ولا على حمضه النووي (دي. إن. أيه) .
وردا على سؤال عن سبب ورود هذه الأنباء عن وفاة هايم في هذا الوقت وبعد مرور ستة عشر عاما على الوفاة المزعومة قال زوروف: "إنه من الغريب حقا أن يحدث ذلك ولا أثر لكل هذا. وفي حين يريد بعض الناس إقناعنا بأن هايم لم يعد على قيد الحياة فعلينا أن نستمع إلى هذه الأنباء بقدر من الشك والحذر".
وذكر زوروف أن الظنون تساوره في أن يكون الذي روج هذه الأخبار وقام بحبكة تفاصيلها ونشرها هو ابن هايم نفسه (ريدجر هايم)، وذكر أن ميراث هايم ربما يصل إلى مليوني يورو وربما كان لابنه مصلحة في إعلان وفاة أبيه.
وأضاف زوروف "إننا سنبحث في الأسابيع القادمة ما الذي ينبغي أن نتخذه من إجراءات حيث أنه لا تتوافر لدينا أية وثائق." وقال زوروف إنه لو كانت هذه الرواية صحيحة لثبت أن أسرة هايم قامت بتضليل الشرطة ووسائل الإعلام لعدة سنوات، وأوضح أنه في هذه الحالة ينبغي على الشرطة الألمانية أن تلاحق أسرته جنائيا بتهمة المساعدة على هروبه.
وقال زوروف أن ريديجر هايم قال في لقاء أجراه قبل خمسة أشهر إنه ليس على اتصال بوالده. فإما أن يكون كذب على الناس عندئذ أو أنه يكذب الآن. كما أعرب زوروف عن إحباطه الشديد لعدم تمكنه من تقديم هايم للعدالة رغم الجهود التي بذلها هو ومعاونوه في البحث عنه.
كما أعرب الخبراء في أكبر مركز لملاحقة مجرمي النازية في مدينة لودفيجسهافن الألمانية عن شكوكهم القوية في صحة التقارير الواردة عن وفاة هايم.
فقد صرح يوآخيم ريدل رئيس المكتب المركزي للإدارة القضائية للكشف عن جرائم النازية في لودفيجسهافن في لقاء أجراه اليوم الخميس مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) بأنه ليس على اقتناع بصحة هذه التقارير.
وقال ريدل "من الممكن أن يكون هايم توفي من مدة طويلة غير أنه طالما لم نعثر على جثة الرجل فلن نعتبر الحالة منتهية". وأضاف أن مكتبه تلقى في الأسبوع الماضي بلاغا من مجهول يقول إن هايم يعيش في أسبانيا. وذكر أن أسرته التي تعيش في بادن بادن بألمانيا لم تبلغ من قبل عن وفاته.
وأوضح ريدل أنه شهد مثل هذا التخبط في الأنباء في حالات مماثلة من قبل كحالة طبيب مراكز الاعتقال الألماني يوسف منجله الذي توفي عام 1979 في البرازيل ، وحالة كارل أدولف آيشمان الذي كان ينظم عملية ترحيل ملايين اليهود إلى معسكرات الاعتقال والذي تم وضع أدلة خاطئة لتضليل العدالة في البحث عنه.
وبين ريدل أن اختفاء هايم عام 1962 من منزله في بادن بادن وهربه إلى مصر ما هو إلا صورة معهودة لقصص الهروب التي يمارسها مجرمو النازية الملاحقون.
كانت جريدة "نيويورك تايمز" والقناة الثانية في التلفزيون الألماني (زد.دي. إف) ذكرتا تقارير عن وفاة هايم في العاشر من أغسطس 1992 في القاهرة عن عمر يناهز 78 عاما نتيجة لإصابته بالسرطان، كما ذكرت ذات التقارير أنه كان يعيش تحت اسم وهمي هو طارق فريد حسين في أحد فنادق القاهرة.
وولد اريبرت هايم في 28 يونيو عام 1914 في مدينة باد رادكرسبورغ في مقاطعة شتايرمارك جنوب شرق النمسا والتحق بالحزب النازي قبل أن تضم ألمانيا النمسا في 1938.
ويذكر أن هايم كان يطلق عليه "طبيب الموت" وذلك لفظاعة ممارساته وقسوة جرائمه داخل معسكرات الاعتقال.
وسبق أن تعقبت السلطات هايم الذي ولد في النمسا عام 1914 وتوقعت وجوده في الدانمارك أوأسبانيا أو الأرجنتين وأكد بعض الشهود رؤيته قبل سنوات في أوراجواي.
وتؤكد المعلومات أن الطبيب النازي تسبب في مقتل المئات من اليهود بالحقن السامة - بعضها في القلب مباشرة - كما يروى عنه أنه كان يقوم ببتر أعضاء ضحاياه بدون تخدير ليرى قدرتهم على تحمل الألم.
وخلال الحرب العالمية الثانية، استطاع الألمان تجنيد شخصيات مصرية رفيعة في البلاط الملكي المصري في عهد الملك فاروق وكانت هناك قوى سياسية تدعو إلى التحالف مع ألمانيا في مواجهة بريطانيا التي كانت تحتل مصر آنذاك.

الأكثر قراءة