لا صحة لرصد مساعدات مالية مباشرة للشركات العربية المتأثرة بالأزمة العالمية
أوضح مصطفى الشمالي وزير المالية الكويتي، في حوار مع "الاقتصادية"، أن هناك برنامجا تنفيذيا سيتابع كل مقررات قمة الكويت الاقتصادية، مشيرا إلى أنه تم إعداد وثيقة عمل بهذا الخصوص فيها سلسلة من الإجراءات وعمليات المتابعة تشارك فيها الإدارة الاقتصادية في جامعة الدول العربية، والأمانة العامة، إلى جانب الاجتماعات الدورية للمجالس الوزارية العربية ذات الاختصاص، بغية وضع كل تلك المقررات موضع التنفيذ، خصوصا المتعلق منها بسبل وقف تداعيات الأزمة المالية العالمية.
ونفى الشمالي في حديثه لـ"الاقتصادية" أن تكون القمة قد بحثت رصد مبالغ معينة لمساعدة الشركات العربية المتأثرة بأزمة الائتمان العالمية، مبينا في هذا الإطار أنه ليس هناك مقترح بهذا الخصوص، إلا أن على الدول العربية البحث عن الأدوات المناسبة للقضاء على أثر الأزمة في التنمية الاقتصادية في الدول العربية والعمل على استمرار النمو الاقتصادي بوتيرة مناسبة.
وأضاف "لكل ملف تم بحثه في قمة الكويت أجهزته الوزارية التي تساعد على تحييد المعوقات التي تعترض تطبيق مخرجات القمة".. وهنا بقية تفاصيل الحوار:
هل تتوقعون حدوث أي تغيير على مشروع بيان قمة الكويت قبل إقراره من القادة اليوم؟
الحقيقة أنني لا أتوقع حدوث أي تغيير أو تعديلات على بيان الكويت، خصوصا أن البيان تم الإعداد له منذ أكثر من عامين واشتمل على دراسة أكثر من 400 مقترح اقتصادي تلقتها اللجان المشاركة في الإعداد للقمة من كل أنحاء الوطن العربي، خضعت للدراسة المتعمقة لاختيار الأصلح منها على أساس وجود شريك مهم للتنمية لا بد من تفعيل دوره وتحمل مسؤولياته تجاه المجتمع، وهو القطاع الخاص.
وإن كان هناك من تعديل فهو للأفضل، وقد يتمثل في إدراج مبادرة الكويت لتمويل التنمية العربية، وتوصية الملك عبد الله والقادة ببرنامج إعادة إعمار غزة.
وبيّن الشمالي أن القمة الاقتصادية تلقي بمسؤوليات ضخمة على كل القطاعات المعنية بالقضايا الاجتماعية والتنموية في الدول العربية، بهدف تكوين صورة واضحة حول الواقع الاجتماعي العربي وكيفية قيام تنمية اجتماعية شاملة في المنطقة.
هل هناك خطة أو برنامج يضمن تنفيذ مقررات قمة الكويت الاقتصادية على أرض الواقع؟
نعم هناك برنامج تنفيذي سيتابع كل مقررات قمة الكويت الاقتصادية، إذ تم إعداد وثيقة عمل بهذا الخصوص فيها سلسلة من الإجراءات وعمليات المتابعة تشارك فيها الإدارة الاقتصادية في جامعة الدول العربية، والأمانة العامة، إلى جانب الاجتماعات الدورية للمجالس الوزارية العربية ذات الاختصاص، بغية وضع كل تلك المقررات موضع التنفيذ خلال السنوات المقبلة، مشيرا إلى أن القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي تعقد في الكويت ستنتهج برنامجا جديدا في التعامل مع القضايا الاقتصادية والتنموية في العالم العربي.
الواقع أن المشاركين في إعداد جدول أعمال القمة وضعوا خطوات واضحة المعالم، وذلك للوصول إلى قرارات قابلة للتنفيذ عن طريق جامعة الدول العربية أو عن طريق المؤسسات المالية، وعدم تنفيذها من قبل الأعضاء يعد تعطيلا لما سيتم إقراره اليوم.
في هذا الإطار يمكنني القول إن التنفيذ ممكن، لأنه تم وضع آليات اجتماع لوزراء المالية والاقتصاد العرب لمتابعة ملفات قمة الكويت، منها تداعيات الأزمة، وستكون تلك الاجتماعات بصفة دورية.
كيف تقيمون أثر القمة في الكويت في أداء الاقتصاد العربي مستقبلا؟
القمة ستكون منطلقا لتعزيز الشراكة العربية وأداة لزيادة الاستثمار البيني واستقطاب الرساميل للدول العربية، والتنسيق في مجال السياسات النقدية والمالية، وهي فرصة أيضا للعمل على استقرار أسواق النفط، إضافة إلى إشراك الدول الرئيسة اقتصاديا في صنع القرارات المتعلقة بإعادة هيكلة النظام المالي العالمي، إلى جانب فتح حوار مع المؤسسات المالية الدولية، خاصة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتخصيص جزء من معوناته وقروضه الميسرة لبعض الدول العربية.
تعقد قمة الكويت للمرة الأولى كعمل اقتصادي عربي مشترك، فهل هناك قمم أخرى اقتصادية لاحقا؟
نعم العمل العربي الاقتصادي المشترك انطلق في الكويت للمرة الأولى، ولكنه سيستمر من خلال عقد قمم اقتصادية أخرى خلال السنوات المقبلة، وهنا أود أن أؤكد أن مصر دعت إلى قمة اقتصادية ثانية تعقد في القاهرة في 2011.
اقترحت القمة صندوقا لتمويل التنمية العربية برأسمال ملياري دولار أسهمت الكويت بنصف مليار منه، في رأيكم كيف سيسهم هذا الصندوق في التنمية العربية؟
يمكن دفع التنمية العربية نحو الأمام إذا توحدت الجهود الرامية إلى إزالة كل العوائق التي تعترض طريقها، وفي مقدمتها ضعف برامج التمويل الحكومية والخاصة لتعزيز أداء الاقتصادات الوطنية للدول العربية، ويمكن لمثل هذا الصندوق أن يؤسس لهذا العمل.
كيف يمكن للاقتصاد العربي تجاوز الأزمات التي تعصف بالاقتصاد العالمي في الوقت الراهن؟
الدول العربية مطالبة بإيجاد الأدوات المناسبة للقضاء على أثر الأزمة في التنمية الاقتصادية في الدول العربية، والعمل على استمرار النمو الاقتصادي بوتيرة مناسبة، ويمكن تعزيز ذلك بمزيد من التنسيق في الإشراف المصرفي والسياسات النقدية والمالية والعمل معا لتحقيق استقرار سوق النفط، إلى جانب المشاركة في المؤسسات الدولية المؤثرة في صياغة النظام المالي العالمي الجديد، وللمملكة في هذا الشأن دور بارز يجب دعمه، والحقيقة أن مشاركة السعودية الأخيرة في قمة العشرين التي عقدت في واشنطن مثال على هذه المشاركة الفاعلة التي تضمن للعالم العربي الوقوف على كل تغيير يحدث في الاقتصاد العالمي.
هل صحيح أن هناك مقترحا برصد مبالغ مالية لمساعدة الشركات العربية المتأثرة بالأزمة العالمية؟
هذا غير صحيح ولم تدرس القمة مقترحا بهذا الخصوص، إذ إن مساعدة الشركات العربية تتمثل في تطوير الأنظمة واللوائح التي تضبط عملها وتجنبها أي أزمات اقتصادية محتملة.
والحقيقة أن مقررات قمة الكويت هي في صالح نشاط الشركات العربية التي تعمل داخل الدول العربية، فانعكاس التنمية ودفعها للأمام يدفع أعمال تلك الشركات نحو مستقبل أفضل.
ما الدور المطلوب من القطاع الخاص لدعم جهود الحكومات العربية نحو التنمية الاقتصادية؟
الرغبة في إشراك القطاع الخاص تتطلب إعطاءه مزيدا من الحرية والحركة حتى تكون للمشاريع التي ستطرح ويسهم في تنفيذ كثير منها القطاع الخاص عوائد ملموسة للمواطن العربي حتى يشعر بأن هناك أملاً في النهوض به وبمستوياته المعيشية، على أن تكون هذه المشاريع بهدف التكامل والاندماج العربي وربما تمتد إلى دول أخرى.
الواقع أن هناك مشاريع أخرى لا يمكن أن يقوم القطاع الخاص بتنفيذها بمفرده، حيث تحتاج هذه المشاريع إلى ميزانيات كبيرة حتى نضمن تمويلها بشكل جيد، ومن تلك المشاريع مشاريع الربط الكهربائي لدول العالم العربي ومشروع السكك الحديدية التي لا يمكن للقطاع الخاص أن ينفذها بمفرده.
القطاع الخاص والرساميل الخاصة في القمة شريك أساسي ومهم للتنمية في العالم العربي، وقد عملت اللجنة التحضيرية على وضع برنامج متكامل لهذا الأمر.
ماذا عن المشاريع التنموية وعلاقتها بالنهضة الاقتصادية المرتقبة؟
هناك عشرة مواضيع طرحت أمام القادة العرب، منها ما يتعلق ببرنامج الأمن الغذائي، السكك الحديدية، مشروع المد الكهربائي، ومشاريع الموارد المالية، ونحن لا ننظر إلى هذه المشاريع على أنها مشاريع تعالج البطالة فقط، بل ننظر إليها على أنها مشاريع تنموية حقيقية وأن تنفذ مثل هذه المشاريع بهدف تحقيق التنمية وخلق فرص عمل كبيرة يمكن من خلالها القضاء على البطالة.
القمة الاقتصادية بحثت موضوعات التجارة والتكامل الاقتصادي والارتباط بمنظومة النقل بين الدول العربية في مجالات النقل البري والبحري وقضايا التعليم والصحة والفقر والحد من البطالة وتحديات المستقبل ومتطلبات الأمن الغذائي والتغيرات المناخية.
ختاما ما الانعكاسات الأولية التي تأمل أو تتوقع أن تنتج عن قمة الكويت؟
بالتأكيد تعزيز العمل العربي المشترك بوصفه وسيلة لبلوغ الدول العربية مراحل متقدمة تجاه التكامل الاقتصادي، وتوجيه الاستثمار العربي إلى الأسواق العربية، بما يؤدي إلى تطور حقيقي في الاقتصادات العربية، بحيث يكون هناك استغلال أمثل لسوق عربية قوامها 320 مليون نسمة.
كما نتوقع أن تبلور القمة استراتيجيات اقتصادية عربية تتضمن خريطة طريق وخطة عمل وبرامج ومشاريع عملية لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة تسهم في رفع مستوى معيشة المواطن العربي وتنتقل بالعمل الاقتصادي إلى مرحلة متقدمة تسهم في الحؤول دون الانزلاق لانكماش اقتصادي في ضوء الخسائر المتوقعة للاقتصاد العربي نتيجة الأزمة المالية.
كما ترنو القمة إلى الخروج برؤى استراتيجية تعمل على إيجاد حلول متوازنة تتكامل فيها قطاعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق مستويات نماء إيجابية ومشجعة لمستقبل متزن.