ثلث العرب يرزح تحت نير الأمية الأبجدية والمعرفية و100 مليون تحت خط الفقر

ثلث العرب يرزح تحت نير الأمية الأبجدية والمعرفية و100 مليون تحت خط الفقر

أكد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية أن علاج المعضلة العربية - الإسرائيلية والفلسطينية - الإسرائيلية يعتمد على إيجاد موقف عربي صحي موحد في جوهره وفي متابعة تحقيقه.
وقال "إن الموقف إزاء إسرائيل أمر يتصل بمسؤولية الجماعة العربية كلها، الأمر الذي يتطلب حركة عربية رصينة ومناقشة صريحة ومسؤولة، وكذلك يتطلب مقاربة جديدة، وهذا كله لا يتأتى إلا في جو أقل توترا واضطرابا مما نحن عليه الآن".
ودعا إلى إصلاح ذات البين في العلاقات العربية - العربية التي وصلت إلى مرحلة تهدد بغرق السفينة العربية وقد تعددت ثقوبها.
وأكد أن اقتراحا من هنا أو من هناك قد يستدعي ردود فعل متباينة، وهو أمر لا غبار عليه سواء ما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل أو بمبادرة السلام العربية، مشيرا إلى أن الناس غاضبون هائجون مما فعلته إسرائيل بأهلنا في غزة.
وأكد أن إغلاق المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة وإغلاق السفارة الموريتانية في إسرائيل أمر يستحق التقدير، بل يستحق الإشادة .. وقال "أما فيما يتعلق بالمبادرة العربية فالموقف هنا يتعلق بالسياسة العربية في الإطار الدولي وبعملنا لكسب التأييد الشامل لمواقفنا وحاجتنا إلى طرح موقف محدد نلتزم به جميعا".
وأكد أنه قبل أن نعيد النظر في المبادرة يجب صياغة خيارات بديلة إذا أرادوا طرح موقف جدي، مؤكدا أن الأمر لا يحتمل تجميدا أو تعليقا فحسب.
وانتقل عمرو موسى إلى الموضوع الاقتصادي، وقال "ونحن على أعتاب العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين لا تزال تحديات التنمية ومحاربة التخلف أمامنا كبيرة تهدد أمن المجتمعات ومستقبل الأجيال العربية ولا يزال يرزح تحت نير الأمية الأبجدية ثلث سكان عالمنا العربي، إضافة إلى الأمية المعرفية".
وأضاف "إن آفة الفقر مازالت تلتهم ثلث سكان عالمنا العربي، أي ما يزيد على الـ 100 مليون نسمة يعيش معظمهم على أقل من دولارين في اليوم، كما أن نصف العشرين مليونا العاطلين عن العمل في العالم العربي هم من الشباب".
وتطرق إلى التحديات البيئية، مبينا أن حجم المساحة المتصحرة في الوطن العربي يبلغ أكثر من 70 في المائة من إجمالي مساحته، كما أن أربع دول عربية فقط يقع ترتيبها ضمن الخمسين دولة الأولى على مقياس التنمية البشرية، وهناك ست دول عربية أخرى في الخمسين دولة التالية على هذا المقياس، أما 12 دولة عربية باقية - أي نصف الدول العربية - يقع ترتيبها ضمن 100 دولة أخيرة في الترتيب.
وأكد أن مواجهة تحديات التخلف والفقر والبطالة لا تقل أهمية وحيوية عن مواجهة تحديات الاحتلال ورفض التدخل الخارجي السلبي في مصائر الأوطان. كلها تؤثر في حاضر ومستقبل العالم العربي وأمنه.
وأشاد بإعلان قمة الكويت الذي يحمل عنوان "الارتقاء بمستوى معيشة المواطن العربي"، مشيرا إلى أنه يهدف إلى وضع السياسات الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق التكامل العربي في إطار الاتفاقات والمواثيق والاستراتيجيات العربية المعتمدة في مجالات السياسات المالية والنقدية والصناعة والزراعة والطاقة والنقل والأمن المائي والأمن الغذائي.
وأوضح أن الوثيقة الثالثة تأتي بمجموعة من القرارات التي ستصدر عن القمة التي حرص أن تكون قليلة العدد وذات مردود مباشر ومؤثر في مسيرة التنمية العربية الشاملة لتحسين الحياة اليومية للمواطن العربي.
وذكر عمرو موسى أن من هذه القرارات مشروع الربط البري والربط بالسكك الحديدية، الذي يهدف إلى تيسير حركة الانتقال كخطوة أساسية على طريق تحقيق التكامل الاقتصادي العربي.
وقال "إن من هذه القرارات أيضا قرارا ثالثا هدفه الانتهاء من استكمال كافة متطلبات إقامة الاتحاد الجمركي العربي تمهيدا للتوصل إلى إطلاقه في عام 2015، وذلك خطوة أساسية على مسار الوصول إلى السوق العربية المشتركة".
وتطرق الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى التعاون العربي في المجال الاجتماعي مبينا أن هناك عدد من البرامج المهمة المقترحة مثل البرنامج العربي للحد من الفقر في الدول العربية الذي يهدف إلى وضع السياسات في سبيل خفض معدلات الفقر إلى النصف تمشيا مع متطلبات وثيقة الألفية، وكذلك البرنامج المتكامل لدعم التشغيل والحد من البطالة في الدول العربية بهدف خفض البطالة إلى النصف بحلول عام 2020 إن شاء الله.
وأشار إلى أن القرار يهدف أيضا إلى وضع الإجراءات اللازمة للحكومات لتيسير تنقل الأيدي العاملة العربية بين الدول العربية، مفيدا في هذا الإطار أن هناك ضوابط يتفق عليها، وقال "في هذا الإطار لم نغفل ظروف الدول العربية الأقل نموا وذلك بتنفيذ الإعلان العربي لتحقيق الأهداف التنموية للألفية خلال الفترة 2009 وحتى 2015 مع التركيز بشكل رئيسي على تلك الفئة من الدول العربية ذات النمو البطيء إلى جانب تنشيط تنفيذ خطة تطوير التعليم في الوطن العربي التي أقرت في قمم سابقة آخرها قمة دمشق عام 2008 مع مواصلة تحسين خدمات الرعاية الصحية الأولية".
وأكد عمرو موسى أنه لا يمكن أن تتحقق تنمية في ظل تفشي الجهل والأمية، وغياب بنية أساسية راسخة ومنتجة مع أمن قومي يحميها ويدافع عنها.
وقال "إن المواطن العربي سئم من السياسات المبنية على المشاعر الفئوية والعصبيات الهائجة التي شرعت الأبواب أمام التدخلات الخارجية حتى تفاقم العجز عن مواجهة التحديات واستعصت حالته ومأساة فلسطين ومذبحة غزة أسوأ شاهد على هذا".
واستدرك بقوله "بالأمس غير البعيد كانت الكويت شاهدة، وكذلك كان العراق ولبنان، كما هو الحال في السودان والصومال على ذلك، وهذا هو ما يتيح لخصوم الأمة الفرصة للترويج لصورة مهزوزة للعالم العربي وللاتهام بعدم النضج وأحيانا باللا مسؤولية .. إن علينا أن نصارح أنفسنا بأن المشكلة تكمن أيضا في الذات العربية نفسها قبل أن تكمن في غيرها".
وأوضح أنه في هذه الظروف تتعرض الجامعة لهجمة مركزة، ربما كان هدفها تحقيق ما طمع فيه الكثيرون من تدمير الكيان العربي الجماعي وهو ما يجب اليقظة إزاءه والوقوف صفا واحدا في مواجهته.
وأكد أن جامعة الدول العربية تعمل على أن تكون منظمة إقليمية فعالة ومعاصرة حاضرة على أجندة العمل الدولي كجزء من عمل الأمم المتحدة، وأن تعمل على معالجة الملفات والمشاكل الإقليمية والدولية ناطقة باسم العرب مدافعة عن قضاياهم ومصالحهم، وقال "حرصت ولا أزال على النأي بالجامعة بعيدا عن التجاذبات والمشاحنات متدخلا بالعمل الإيجابي مع أخذ زمام المبادرة حتى يتوافر الحد الأدنى من التضامن والتوافق ووحدة الموقف".
وأضاف قائلا "كم يؤلمني أن تكون جامعة الدول العربية أول من يتعرض لسهام التجاذبات فتوجه إليها الاتهامات وتنعت بأوصاف لا تليق برسالتها ولا بالمسؤوليات الملقاة على عاتق القائمين عليها ولا بمكانة أعضائها".
وبيّن أمين جامعة الدول العربية إدراكه أن رأس مسؤولياته حماية هذا البيت العربي من التصدع، بل وتطويره وتحديثه وقال "في الوقت الذي اعتقدنا أن ثمة نجاحا بدأ يتحقق على هذا الطريق أجد البيت العربي مهددا بالانهيار مرة أخرى لأن العيب يكمن داخل أسرة البيت العربي أكثر من خارجه".
وأضاف "أتمنى أن نتمكن وقبل فوات الأوان من استعادة الوعي واستعادة الروح والإرادة والعزم وأن نبتعد عن دبلوماسية التقلصات والقفزات إلى المجهول حتى نعطي للأجيال العربية الشابة بعضا من الأمل والثقة بمستقبل أفضل يستحقونه، ولهم الحق في أن يحلموا به وعلينا ومن ثم علينا أن نعمل على تحقيقه".

الأكثر قراءة