تقنيات الاتصال العصري .. هل تجنب المصلين الملل والتكرار؟

تقنيات الاتصال العصري .. هل تجنب المصلين الملل والتكرار؟
تقنيات الاتصال العصري .. هل تجنب المصلين الملل والتكرار؟
تقنيات الاتصال العصري .. هل تجنب المصلين الملل والتكرار؟

إذا كانت التقنيات الحديثة بمفرداتها المتباينة قد دخلت إلى معظم تفاصيل حياتنا اليومية وصارت شيئاً أساسياً ومهماً، فما الذي يمنعها من أخذ مكان بين منابر المساجد، نقصد خطب الجُمع؟ تُرى كيف سيرى المصلون الخطيب وهو يحمل كمبيوترا محمولا بدلاً عن الورق، ويشير بيده إلى أجهزة العرض "البروجيكتور" المنصوبة حوله في المسجد؟
قبل فترة وجيزة أكد مختصون ومهتمون بالقضايا الإسلامية أن الوقت قد حان لإدخال فكرة التقنيات في خطب الجمعة بحيث يسمح للخطيب باستخدام برنامج "الباوربوينت" (معلومات إرشادية) أو أجهزة العرض "البروجيكتور" لعرض النقاط الرئيسة في الخطبة وبعض البيانات التوضيحية التي تقوي من تأثير موضوع الخطبة في المصلين ويعمل على شد انتباههم ويجنبهم في الوقت نفسه التكرار والملل, الذي يصيبهم حينما تستخدم الطريقة التقليدية.
الآراء حول هذه الفكرة التي تنتظر فتوى رسمية من قبل الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء, والتي ما زالت قيد الدراسة لدى وزارة الشؤون الإسلامية, تلاقي حيناً التأييد وحيناً آخر المعارضة. وفي محاولة لمعرفة هذه الاتجاهات قمنا باستطلاع آراء عدد من خطباء المساجد في الرياض لمعرفة جدوى هذه الوسائل من عدمها, وكذلك أسباب التأييد والمعارضة.
يقول الشيخ ماجد الفريان خطيب جامع المقيرن في الرياض, إن جدوى هذه الوسيلة والضرورة إليها يعتمد على الخطيب، فالخطيب المتمكن الذي يستخدم أساليب اللغة العربية ببلاغتها ووسائل إقناعها وترتيب الحجج فيها, لا يحتاج إلى مثل هذه الوسائل التوضيحية, لأنه يمتلك القدرة على الإقناع والتوضيح, ولكن ـ وبحسب رأيه ـ أن هؤلاء قليلون اليوم، ويضيف الشيخ الفريان قائلاً "نحن كما نعلم أن أغلب الخطباء في الأمة اليوم عاديون وتأثيرهم غير كبير" ومن هنا يرى أن مثل هذه الوسائل مفيدة وجيدة وتساعد على تحقيق الغرض إذا كان لا يستخدمها الإمام بمعنى أنها, أي هذه الوسائل, تعمل بتلقائية أي دون تدخل مباشر لتشغيلها من الخطيب، أو أي شخص مكلف بالصلاة والإنصات, لأن هؤلاء واجب عليهم الإنصات وعدم مس أي شيء كما في الحديث الصحيح "من مس الحصى فقد لغى". ويمضي الشيخ الفريان قائلاً هذه التجربة موجودة اليوم في ماليزيا ويقوم الخطباء بالاستعانة بها في عرض عناصر الخطبة, أما الشاشات فهي موضوعه في جهتي المسجد اليمنى واليسرى، ويضيف لكني لا أعلم إذا ما كان شخص ما يقوم بتشغيلها أم أنها تعمل تلقائيا.

#2#

وحول سؤالنا عما إذا كان لمثل هذه الوسائل دور في زيادة فاعلية الخطب وتفاعل المصلين معها, قال الشيخ الفريان "لا شك أن أي طريقة فيها تجديد تحرك الناس وتؤثر فيهم وتبعد عنهم السآمة والملل, أما عن مدى قبولهم بها والتفاعل معها فإن ذلك يعتمد على إقناع العلماء للناس بفائدتها, مع العلم أن كل شيء جديد يكون صعباً ويستنكره كثيرون.
وفي اتجاه مخالف لما ذهب إليه الشيخ ماجد الفريان نكشف رأياً آخر لا يرى أن مثل هذه الوسائل مجدية, وعلى النقيض تماماً يرى الشيخ بكر حمود خطيب جامع الحميدي في الرياض, أن استخدام مثل هذه الوسائل غير مناسب، لأنها ـ في رأيه ـ تشغل الخطيب والمصلين، كما أنها غير مفيدة, أما السبب في ذلك فيمكننا فهمه, كما يقول, بالنظر إلى الغرض الرئيس من الخطبة الذي هو الإفهام والتذكير والوعظ، ويمضي الشيخ بكر قائلاً "إن تأثير الخطبة يعتمد على قدرة الخطيب في الإلقاء وكيفية عرض المعلومة". ويضيف أن المصلين في العادة مهيأون من حيث المعلومة, فهم في العادة لديهم خلفيه ومعلومات عما يُقدم في الخطب، وما يقوم به الخطيب لا يتعدى التذكير والوعظ، ومن هنا يرى الشيخ بكر أن الفائدة المترتبة على مثل هذه الوسائل تكون قليلة.

#3#

أما الشيخ أحمد العميرة, وهو خطيب في أحد مساجد الرياض, فله رأي آخر لكنه قريب من سابقه, فيرى أن الخطبة عبادة توقيفية ولا تجوز الزيادة فيها، ويمضي قائلاً إن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يلقي خطبة بصوته ولم يكن يستخدم أي وسائل توضيحية أو غيرها، ويضيف مع العلم أن هذا لا يعني أن الوسائل التقنية الحديثة غير مفيدة أو غير مجدية، بل هي مفيدة وتقدم لنا كثيرا، ولكننا لا نستخدمها لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه الكرام اعتبروا الخطبة عبادة ولم يتجاوزوا عن ذلك، وبدلاً عن هذه الوسائل يرى الشيخ العميرة أنه من الأفضل على الخطيب استخدام الوسائل المشروعة مثل رفع الصوت في الأوقات المناسبة, واستخدام تعبيرات الوجه, وإعداد الخطبة جيداً قبل إلقائها، وكذلك إدخال الشواهد الشعرية والتاريخية المناسبة.
ويمضي العميرة قائلاً إنه يجب علينا ألا نركن إلى مثل هذه الأقوال من أن مثل هذه الوسائل مناسبة لجعل الخطبة جاذبة وأكثر فاعلية لأن هذا يجعلنا نتجاوز الخطوط الحمراء ونعلل بالأسباب الواهية، وفي مقابل هذا الاتجاه ينادي العميرة بضرورة رفع قدرات الخطباء بالتأهيل والتدريب المناسب والتكثيف من الدورات المتخصصة، وبعدم ممارسة الخطابة في المساجد إلا للمؤهلين, مع ضرورة متابعة ذلك من وزارة الشؤون الإسلامية للتأكد من قدراتهم, ويضيف العميرة أن قدرة الخطيب هي التي تدفع المصلين للتركيز والاستفادة من الخطبة، وهذا يعتمد على المادة العلمية وقدرة الخطيب في التحليل.

الأكثر قراءة