Author

يجب إيقاف يد التدمير الصهيونية قبل أن تصنع جيل الدم

|
عضو اللجنة المالية والاقتصادية ـ مجلس الشورى
ليس هذا مقالا سياسيا, كما أنه ليس مجرد تعبير عن الغضب الذي يسري في دمائنا على ما تفعله إسرائيل بإخواننا الفلسطينيين في غزة, بل هو صرخة لكل العقلاء في العالم أن يأخذوا على يد العدو الإسرائيلي قبل أن يقع أمر الله وسنته, فما تفعله إسرائيل اليوم مصداق لقوله تعالى (اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلا سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا). كتب الدكتور عبد العزيز الرنتيسي - رحمه الله - وهو أحد عقلاء قادة "حماس" الذين قتلتهم إسرائيل, مقالا رائعا بعد مقتل الشيخ أحمد ياسين شامخا بالصواريخ الإسرائيلية وقال – وكأنه ينذر إسرائيل ويحذرها وهو عدوها – إنها بقتلها أحمد ياسين وعقلاء "حماس" واعتقال كبار قادتها أنها تستفز بذلك جيل الدم. وقال إنه لا بد من الأخذ على يد الوحوش البشرية الإسرائيلية والقضاء على نفوذها حماية للعالم مما قد ينشره هذا العفن البشري من فساد. فما هو جيل الدم الذي تحدث عنه الرنتيسي ـ رحمه الله؟ إنه جيل وحشي تصنعه وحوش بني إسرائيل بوحشيتهم وصواريخهم, جيل يعرف أن البقاء بين الوحوش يتطلب الوحشية, فهو جيل لا يؤمن بشيء، لا يعرف القيم الدينية ولا الأعراف الدولية، لا يؤمن بعقيدة ولا يفهم الحلول الدبلوماسية, جيل لم يتعلم على يد العلماء ولا يفهم لغة الإفتاء, جيل لم يدرس أخلاق الحرب ولا يعرف قراءة كتب الفلسفة, جيل دُمرت مدارسه وقتل أمام عينيه مدرسوه. جيل يرضع الحليب مخلوطا بدم أمه الحاقدة على كل الإنسانية التي تركتها تنزف هي وأبناؤها محاصرة لا تجد رقعة أرض آمنة أو قطعة خبز نظيفة لم تختلط بدماء الآباء وأشلاء الأبناء. عندما سئل "بيريز" لماذا تقتلون الأطفال في غزة؟ أجاب أن إسرائيل تعرف كيف تحمي أطفالها. لكنه لا يعرف حقيقة أنها تصنع في الطرف الآخر أعداءهم, بل وحوشا ستفترسهم يوما ما كما تفترس المدفعية الإسرائيلية آباءهم اليوم. إن ما يفعله العدو الإسرائيلي بقتل كل ما هو إنساني في غزة ومحاصرتها إنما هو يعزل أهل غزة عن كل ما هو ديني وحضاري وقيمي عن كل ما له علاقة بالإنسانية. إن من ينظر إلى أطفال غزة اليوم وهم محاصرون سيعرف أنه لم يبق لهم بعد كل ذلك الحصار والدمار الذي تبعه سوى الدم بدلا من الماء والأشلاء بدلا من الخبز وبقايا الصواريخ ألعابا والدخان هواء. لذلك فإن ما سينمو هناك إنما هو الحقد الأعمى على كل شيء، ليس على إسرائيل وشعبها, بل حتى على الفلسطينيين أنفسهم والعرب, بل الإنسانية جمعاء. إنهم جيل لن يبقى في قلوبهم شيء من الرحمة وهم يعتقدون أنهم يقومون بواجبهم المقدس في تطهير العالم. إنني أهيب بكل العقلاء في هذه الأرض جميعا – بكل لغاتهم ومذاهبهم - أن يهبوا لإنقاذ الإنسانية هناك, وأن يأخذوا على يد العدو الإسرائيلي حماية لكل المقدسات التي عرفتها البشرية، حماية لكل شعوب الأرض مما هو مقبل. من كل الحقد الأعمى الذي تزرعه قنابلها وصواريخها, فالأرض كل الأرض ومنها الكعبة الشريفة ومكة المكرمة المحرمة ليست بقداسة دم المسلم وحرمته. إن حقد إسرائيل لن يزرع سوى الحقد في مقابله "سنة اللَّهِ وَلَن تَجِدَ لِسُنّة اللَّهِ تَبديلا"ً. إننا ككل العالم نعد الحرب نهاية الحوار, بينما إسرائيل ترى الحرب جزءا من حوارها. لذلك فإنها تخلق جيلا يعي تلك اللغة جيدا بل لا يعرف الحديث بغيرها. إنني أهيب بكل العقلاء أن ينجدوا العالم من جيل "سيُتبِرُ ما علوا تتبيرا"، سيدمر كل شيء ديني وحضاري وإنساني. جيل لن يعرف الفرق بين المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، لا يعرف سوى الدمار والهلاك. ولعلي أخيرا أقتبس كلمات رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي عندما قال إن إسرائيل ستغرق في دماء أطفال ونساء غزة (وتلك الأيام نداولها بين الناس). إن عقلاء العالم يعون جيدا نتائج ما تفعله إسرائيل اليوم بمستقبل الأرض المقدسة والعالم معها.
إنشرها