عن الفقر .. وصندوقنا الخيري (1 من 2)

قبل فترة أعلن الصندوق الخيري الوطني (صندوق الفقر في عرف كثيرين) تخصيص 15 منحة دراسة لأبناء وبنات محافظة مثل طريف، وهي محافظة تضم أكثر من 35 ألف نسمة، وآلاف الفقراء، مع انعدام فرص العمل في هذه المناطق. والرقم لكثيرين يثير الدهشة والشفقة تعاطفا مع هؤلاء المحتاجين الذين تقطعت بهم السبل، بيد أن المتابع لطريقة عمل الصندوق وحجم المساعدات والمنح التي صدرها لا يفاجأ إطلاقا.
الصندوق الذي يفترض أن يعالج الفقر لم يكتف بهذا العدد فقط، بل إن نظامه يفرغ المنح من مضمونها عندما يجبر الفقراء على دفع نصف مبالغ المنحة الدراسية بعد التخرج، وقبلها يدفعون 1500 ريال (ريال ينطح ريالاً) كضمان جدية، وكأنهم سيدرسون في جامعة سياتل. وعندما نقول طريف فإننا نضربها كمثال حي وإلا فإن مناطق أخرى كان نصيبها مقاربا لهذا الرقم.
هؤلاء الفقراء الذين يبحثون عن السند، والذين لا يلتحقون ولا يحصلون على المنحة من الصندوق إلا بشرط إحضار ورقة من الضمان الاجتماعي، أو من جمعية خيرية، المنحة بتعريف الصندوق هي منحة دراسية في معاهد عادية لا تقدم ولا تؤخر، بل إنها أحيانا معاهد غير معتمدة.
المشكلة الأخرى، أن الصندوق رمى بالمسؤولية فيما يتعلق بالمنح على المعاهد التي تواجه مشكلات كثيرة مع المؤسسة العامة للتعليم التقني والفني، وعلى الجمعيات الخيرية التي تبحث عن طوق نجاة وتعاني الأمرين جراء نقص الدعم خاصة للصغيرة التي في القرى.
إن عدم توسع الصندوق في المناطق والانطلاق لمساعدة الناس يثير أكثر من سؤال، فالغرف التجارية لن تعطي موظفيها للصندوق ، ولا الجمعيات الخيرية ستقبل بتفريغ موظفيها للعمل في مساعدة الصندوق. نذكر هنا أنه قبل عامين وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتخصيص 300 مليون ريال سنويا للصندوق، هذا يعني أن لديه 600 مليون ريال (هذا غير مخصص العام الجديد 2009) لكن مع الأسف أنه لم يصرف إلا أقل من 60 مليون ريال كما جاء في تقرير للصندوق نشره قبل عدة أشهر، قال فيه: إنه اعتمد 56 مليون ريال قيمة تمويل قروض مشاريع صغيرة، ومنح دراسية وتدريبية لعدد من أبناء الأسر محدودة الدخل في عدد من مناطق المملكة، وذلك في إطار تنفيذ برامج الصندوق الخيري الوطني للعام الماضي 1428هـ (هنا يمكن ملاحظة أن الإعلان تم في 1429 هـ عن مشاريع اعتمدها في 1428هـ!!) .. الفقر ينهش جسدنا .. فماعذر الصندوق في التأخير؟؟ الأسبوع المقبل نكمل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي