"سابك" بلا أوامر بيع! هل كانت لعبة الطلبات المخفية؟

ظهرت عروس الأسهم السعودية "سابك" في كامل زينتها في أول يوم تداول بعد إجازة عيد الأضحى وتبخترت أمام أسهم السوق وأغلقت على النسبة العليا ودون أوامر بيع. يعد من فضول المقال أن نتحدث عن سهم "سابك" فأبسط تحليل عن السوق السعودية لابد أن يشير إلى حركة هذا السهم وهناك من التحليلات الكثير، لكن لا مانع من التذكير بأن عدد أسهم "سابك" المصدرة يبلغ ثلاثة آلاف مليون سهم ، 70 في المائة يملكها صندوق الاستثمارات العامة أي ما يعادل ملياري و100 مليون سهم وتبقى 900 مليون سهم موزعة بين عدد كبير من المستثمرين "لا يملك أحد منهم 5 في المائة وفقا لبيان كبار الملاك الصادر عن تداول" والأسهم الحرة منها تبلغ 700 مليون سهم. معنى هذا أن أحدا من الملاك ـ بخلاف صندوق الاستثمارات العامة - لا يملك 150 مليون سهم ولا قريباً من هذا الرقم (أبدا)، لماذا؟ يُظهر لنا موقع تداول أن كميات الأسهم المتداولة قبل إجازة العيد بيومين تجاوزت 58 مليون سهم، بينما بلغت كميات الأسهم المتداولة في أول يوم بعد الإجازة أكثر من سبعة ملايين سهم. ولأن السهم أقفل على النسبة العليا في أول يوم بعد الإجازة – أي طلبات شراء لم تقابلها عروض بيع - فإن هناك علامات تجميع على السهم. لكن هذا التحليل صحيح فقط إذا كان ملاك "سابك" يتجهون لتعزيز استثماراتهم فيها وليس بيعها لكن قائمة كبار الملاك لم تظهر أي جديد ولا يوجد أحد من ملاك "سابك" يملك "ما يقترب" من 5 في المائة وإلا لظهر في القائمة فورا. فهل يعني هذا أن "سابك" تخضع الآن لعملية تغيير مراكز واسعة جدا ودخول ملاك جدد؟
إن إغلاق سهم "سابك" على النسبة العليا أمر محير نوعا ما، وخاصة في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها الشركة. اليوم نجد أن أسعار عدد كبير من منتجات الشركة تهوي إما بسبب المنافسة الهائلة وإما بسبب الركود العالمي وتتجه التوقعات إلى ربع أخير سيئ لأرباح "سابك". في المقابل فإن سوق الأسهم السعودية تعد سوقاً ضعيفة الكفاءة حيث تصبح قضية تسرب المعلومات إلى السوق أمراً بديهياً، لذلك لم يكن مستغربا أن تتجه أسعار أسهم شركات البتروكيماويات إلى الهبوط العنيف لتعكس التوقعات الجديدة و"سابك" لم تكن استثناء بل كانت كعادتها قيادية في هذا الهبوط. وصل سعر "سابك" إلى مستوى 42 ريالا وهي نقطة فنية قوية جدا استطاع السهم بعدها أن يسترد أنفاسه ويتجه صعودا. الاتجاه الصاعد قد يكون خادعا إذا لم يعكس معلومات اقتصادية فالأسواق لا تعرف نقطة مثالية للسهم، فعند الخوف تطيح بالسهم إلى أقل من سعره العادل (غير المعروف لأحد بشكل دقيق) ثم تستفيق وتقوم بعملية تصحيح للوصول إلى سعر تأرجح يمثل توازن السوق – العرض والطلب. وقد استجابت السوق ككل وليس سهم "سابك" فقط لمثل هذه التصحيح عندما عادت وأغلقت على النسبة العليا بعد بيان خادم الحرمين الشريفين. ثم تأرجح السهم عند مستويات 55 ريالا وهو سعر التوازن المتوقع فنيا. فلماذا ظهر الطلب المفاجئ على السهم دون عروض؟ هل كان المطلوب هو تعديل سعر التوازن؟ الإجابة عن هذه الأسئلة تقودنا إلى السؤال الخطير هل هناك من يملك التأثير في سهم "سابك" ذي الـ 700 مليون سهم حر ليمنع عنه العروض وعند النسبة العليا؟ هل الهدف كان تحسين الوضع المالي قبل نهاية العام والربع الرابع كما فعلت "شعاع كبيتال" في سوق دبي؟ خلال شهر وصل سهم "سابك" إلى النسبة القصوى أو قريب منها عشر مرات تقريبا كان آخرها أقلها في عدد الصفقات، فإذا كانت جميع المؤشرات تدل أنه لا يوجد من يمتلك 5 في المائة أو حتى قريب منها فكيف يمكن تفسير إغلاق السهم على النسبة ودون عروض. سبعة ملايين سهم من بين 700 مليون سهم حرة كانت مقنعة لتختفي العروض تماما!
هناك من يعتقد أن هذا يشير إلى عمليات تصريف وليس تجميع فدفع السهم إلى النسبة فرصة لتراكم الطلبات ومن ثم القيام بعمليات تصريف فنية عن طريق الأوامر المخفية، لكن رفع السهم لهذا الغرض مخالف تماما لقواعد السلوك التي أقرتها الهيئة. بلا شك فإن مثل هذه التصرفات تفقد الثقة بالسوق وتجعل التحليل الفني والمالي بلا معنى وتصبح السوق فعلا لعبة قمار. تتكرر عمليات الإغلاق المفاجئ على النسبة العليا لبعض الأسهم في السوق لكن هذه الأسهم – عادة – أسهم غير قيادية وذات عدد محدود لكن أن تتم هذه العمليات على سهم قيادي وبحجم سهم "سابك" فإن الأمر يتجاوز السلوك السيئ إلى فقدان الثقة بالسوق ككل. أعتقد أنه من حقنا أن نطلب تفسيرات من هيئة السوق لمثل هذا السلوك الغريب لسهم "سابك" وفي هذا الوقت بالذات الذي نحتاج فيه إلى تعزيز الثقة بالسوق لجلب الاستثمارات الضرورية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي