1429 موسم حج ناجح والقادم أنجح

حقق موسم حج هذا العام على مختلف المجالات والأصعدة الأمنية والصحية والنقل والإسكان والإيواء وخلافه، نجاحاً باهراً بكل المعايير والمقاييس الفنية والإدارية والتنظيمية، وذلك وفق تصريح عدد من الجهات والأجهزة الحكومية المعنية بإدارة وتنظيم عملية الحج في السعودية، التي تأتي في مقدمتها وعلى رأسها، لجنة الحج العليا برئاسة الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية.
بالنسبة للناحية الأمنية، فقد تمكنت الخطط الأمنية المعتمدة من قبل الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، الإسهام بفاعلية كبيرة في إنجاح تفويج نحو 2.7 مليون حاج وتسهيل حركة انتقالهم بين المشاعر المقدسة، دون حدوث أي مشاكل أو حوادث تذكر، على الرغم من كثافة الحركة المروية وأعداد السيارات، كما قد أسهمت الجهود الحكومية المتمثلة في منع ظاهرة الافتراش في منطقة جسر الجمرات، في تسهيل حركة الحجاج في الدخول إلى الجسر والخروج منه، بما في ذلك القضاء على حالات التداخل والتصادم، وكذلك حالات الاحتكاك المباشر، التي عادة ما كانت تتسبب في الماضي في حدوث مشاكل وحوادث اختناقات وتدافع.
الاستعدادات والجهود الأمنية المختلفة، التي بذلتها مختلف القوات الأمنية، إضافة إلى حملة "لا حج بلا تصريح"، التي أشرف عليها الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس لجنة الحج المركزية، أسهمت بشكل كبير في الحد من حالات الافتراش في المشاعر وبالذات في منى، هذا إضافة إلى أنها قد تمكنت من إحباط العديد من محاولات تسلل بعض الحجاج إلى مناطق المشاعر وتجاوزهم النقاط الأمنية كمحاولة منهم للحج من دون تصريح، الأمر الذي ساعد الحجاج على أدائهم المناسك والشعائر بكل يسر وسهولة وفي أمن وأمان.
بالنسبة للجانب الصحي، فقد أكد الدكتور حمد المانع وزير الصحة، خلو حج هذا العام من الأمراض الوبائية أو المهجرية، مشيراً في هذا الخصوص في بيان صحافي أن الوزارة قد وفرت الخدمات الصحية في مختلف مناطق الحج والطرق المؤدية إليها، من خلال 24 مستشفى ضمت 3939 سريراً، إضافة إلى 138 مركزاً صحياً موزعة على العاصمة المقدسة والمشاعر، التي قد تم تجهيزها بأحدث الأجهزة الطبية والكوادر الطبية اللازمة، هذا كما قد قامت الوزارة بتوفير 14 ألف وحدة من الدم ومشتقاته من جميع الفصائل، ونشر أسطول متكامل لسيارات الخدمات الطبية الإسعافية الميدانية، حيث تم توفير 165 سيارة إسعاف عالية التجهيز، بما في ذلك تجهيز 16 مركزا للطوارئ على جسر الجمرات وثمانية مراكز صحية أخرى في المنطقة المركزية حول الحرم المكي الشريف.
من بين الجهود الإعلامية التي قامت بها وزارة الصحة خلال موسم حج هذا العام لتعريف حجاج بيت الله الحرم بالخدمات الصحية، توزيع كتاب دليل الحاج الصحي على جميع الحجاج، الذي تضمن العديد من النصائح والإرشادات الصحية، التي تطلب اتباعها من قبل الحاج قبل وخلال وبعد أداء المناسك، ومن بين الجهود الإعلامية كذلك التي قدمتها الوزارة لحجاج بيت الله الحرام، استحداث ولأول مرة خلال موسم حج هذا العام، خدمة هاتفية قدمت للحجاج بالمجان، مكنتهم من الاستعلام عن ذويهم المرضى المنومين في المشاعر المقدسة والرد على استفساراتهم.
من بين الخدمات الجديدة كذلك، التي شهدها موسم حج هذا العام ولأول مرة، تنفيذ مشروع إعداد وتجهيز حجارة رمي الجمرات، الذي أشرفت عليه لجنة السقاية والرفادة في إمارة منطقة مكة المكرمة ونفذته مبرة العمودي الخيرية، والذي استهدف إعداد وتجهيز حجارة رمي الجمرات لأكثر من مليون ونصف المليون حاج، مما سهل على الحجاج تأديتهم مناسك الحج بيسر وسهولة.
خلاصة القول، أن حج هذا العام قد حقق نجاحاً منقطع النظير وذلك بشهادة القاصي والداني رغم الكثافة العددية للحجاج، والذي يعود بعد فضل الله تعالى إلى تضافر جهود الجهات الحكومية المعنية بخدمة حجاج بيت الله الحرام، هذا إضافة إلى التنفيذ المحترف لخطط الحج الموضوعة، ومتابعة المسؤولين الحكوميين للتنفيذ والوقوف على الانحرافات ومعالجتها أولاً بأول، بما في ذلك متابعة مستوى ونوعية وجودة الخدمات التي تقدم للحجاج بشكل مستمر.
تضافر الجهود الحكومية والتنسيق المتقن بين الأجهزة الحكومية المعنية بخدمة الحجاج، أثمر في تمكين الحجاج من تأديتهم مناسك وشعائر الحج، بيسر وسهولة، في جو روحاني ساده الأمن والأمان، خال من الحوادث والمشاكل الأمنية، وخال كذلك من الأمراض الوبائية والمهجرية.
في تصوري أن النجاح الذي قد تحقق في موسم حج هذا العام، يمكن له أن يتحقق في مواسم حج الأعوام المقبلة ـ بإذن الله تعالي ـ، بالرغم من التحديات التي ستواجه المسؤولين الحكوميين المعنيين بتنظيم وإدارة شؤون الحج، نتيجة لمحدودية المكان من جهة والتزايد المطرد في أعداد الحجاج عاما عن عام من جهة أخرى، الأمر الذي سيفرض الحاجة إلى الاستمرار في تبني تطبيق أفكار جديدة تستند إلى الابتكار والتحديث والتطوير لخدمات الحج، مثل الأفكار التي تم تطبيقها في موسم حج هذا العام، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، حملة "لا حج بلا تصريح"، التي أشرف عليها وكما أسلفت الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس لجنة الحج المركزية، والتي أسهمت بشكل كبير في الحد من حالات الافتراش في المشاعر، إضافة إلى أنها قد أسهمت إلى حد كبير في إحباط العديد من محاولات تسلل بعض الحجاج إلى مناطق المشاعر، بهدف الحج من دون تصريح، وكذلك تنفيذ مشروع إعداد وتجهيز حجارة رمي الجمرات، الذي أشرفت عليه لجنة السقاية والرفادة في إمارة منطقة مكة المكرمة ونفذته مبرة العمودي الخيرية، والذي ساعد الحجاج بشكل كبير على أدائهم مناسك وشعائر الحج بيسر وسهولة، ومن هذا المنطلق في رأيي أن مسؤولية الارتقاء بخدمات الحج في المستقبل، ستقع بشكل أكبر على عاتق القائمين على إدارة معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، وبالذات فيما يتعلق بالرفع من الطاقة الاستيعابية للمشاعر، وتطوير آليات النقل العام في المشاعر، بالشكل الذي يسهم في التحسين من مستوى الخدمات التي تقدم للحجاج في الأعوام المقبلة كماً ونوعاً، وبما يحقق القضاء على الازدحام المروري، وعلى حالات الافتراش وخلاف ذلك من السلبيات، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي