Author

التعليم بين المجانية والمتاجرة..هل من بديل؟

|
مختص في التمويل والتنظيم وأكاديمي
التعليم من القطاعات التي تعمل الدولة على رفع مخرجاته بشكل مستمر لذا عادة ما تستحوذ الميزانية المخصصة للتعليم على نصيب الأسد من ميزانية الدولة السنوية، لذا تم وضع مشروع باسم أعلى سلطة في البلد، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم. فقيادة هذا البلد تسعى لتطوير التعليم عبر طرق متعددة، ليس هدف هذا المقال بصدد بسط الحديث عنها. ضعف المخرجات التعليمية ليس مقصورا فقط على المدارس الحكومية بل إن غالبية المدارس الأهلية تشاركها المعاناة ولكن بطريقة مختلفة، فتغليب النظرة المادية على النظرة العلمية والتربوية من أهم مناطق قصورها. فالقطاع التعليمي يعاني ضعف مستوى المدارس الحكومية وعدم وجود مدارس أهلية مؤهلة أكاديميا. المشكلة للمهتمين بالتعليم تكمن بين مطرقة مدارس حكومية محدودة الإمكانيات وسندان مدارس خاصة تنظر للطالب على أنه صراف عملة مجاني متنقل. ومما يزيد المشكلة تعقيدا تطبيق وزارة التربية والتعليم التقييم التربوي بديلا للاختبارات الفصلية. فالتقييم التربوي الذي طبقته وزارة التربية والتعليم في المرحلة الابتدائية يتطلب وجود بيئة تعليمة متكاملة تسهم في نجاحه وإلا أصبح معول هدم. لاشك أن أسباب ضعف المخرجات التعليمية تمت دراستها عبر عدة مستويات سواء من قبل وزارة التربية والتعليم أو من قبل مجلس الشورى أو عبر عديد من الأطروحات العلمية والأكاديمية والإعلامية. ومن المعلوم أن عملية الإصلاح والتطوير تأخذ وقتا طويلا خصوصا مع مركزية العمل الإداري في القطاع الحكومي بما فيها التعليمي. لذا فإنني أجد أننا بإمكاننا تعجيل عملية إصلاح التعليم عبر تغيير البيئة التعليمة لبعض المدارس من مدارس حكومية إلى مدارس شبه حكومية. والهدف من هذا التحويل التخلص من المناخ البيروقراطي للمدارس خصوصا في العلاقة بين مديري المدارس والمدرسين من أجل إعطاء مساحة أكبر لتقديم المناهج وفق خطة يتم الاتفاق عليها مسبقا مع وزارة التربية والتعليم. مع الأسف أن بعض المعلمين يتعامون مع التدريس على قاعدة "أدرس على قد ما تعطوني من فلوس" خصوصا المعلمين حديثي التخرج ممن رواتبهم محدودة. فالحاجة أجدها ضرورة إلى وجود مدارس نموذجية لجميع المراحل المدرسية تخصص لها ميزانيات سنوية للبنود الأساسية كبند الرواتب وغيره. وفي الجانب الآخر يكون للمدارس القدرة على تحصيل رسوم مدرسية كمدارس خاصة. الهدف من هذا الجانب أن تكون لدى إدارة المدارس القدرة على اختيار المدرسين الأكفاء وفق معايير علمية كما يتم ربط التقييم السنوي بالمكافأة السنوية للمعلم. فتخرج المدارس من البيروقراطية الحكومية التي عادة ما يكون دور مديري المدارس متابعة الحضور والانصراف. لذا أجد أنه يمكن تحويل بعض المدارس متكاملة المراحل إلى مدارس شبه حكومية. فمثلا أجد أن معهد العاصمة النموذجي بإمكانه أن يكون انطلاقة للمدارس شبه الحكومية خصوصا أن المعهد يشرف عليه كوادر وطنية لها خبرتها التربوية المعروفة. فالمعهد بإمكانه زيادة المساهمة في رفع المستوى التعليمي خصوصا وأنه يزخر بكفاءات تربوية تنقصها البيئة الإدارية والإمكانات المادية. فالكفاءات التربوية في المعهد موجودة لكن تنقصها الدعمان المالي والإداري. ففرض رسوم دراسية قد لا يكون عائقا لأولياء الأمور خصوصا ممن أبناؤيهم في مدارس أهلية عند ضمانهم تقديم المدارس مخرجات تربوية و تعليمية مميزة. كما أن المدارس شبه الحكومية تحد من ارتفاع الرسوم الدراسية من قبل المدارس الخاصة. إن معهد العاصمة تتوافر فيه الإمكانية التي تساعده على تحقيق مستويات متقدمة في المجال التعليمي خصوصا أن لدى المعهد مجلس إدارة نشطا يتابع خططه السنوية، فالمجلس بمثابة الضمان والمتابعة لسير عمل المعهد. كما يضم المعهد كوكبة من الأكاديميين التربويين ابتداء من إدارة المعهد وإدارة الشؤون التعليمية وإدارة للتطوير التربوي وإدارة شؤون الطلاب وغيرها من الإدارات.
إنشرها