ثقافة الحوار .. المفهوم والمصطلح

ثقافة الحوار .. المفهوم والمصطلح

" ثقافة الحوار" موضوع شائك متلبس بتفاصيل قد تحار المساحة عن سبر أغواره وكشف دقائقه .. ولا يمكن تعريف مصطلح (ثقافة الحوار) - قلت مصطلحا وليس مفهوما لجدته وحداثته ، ولمّا يرسخ بعدُ في مجتمعنا المعاصر ليصبح مفهوما - قبل إجراء فصل لفظي بين الكلمتين ، لأنه يتشكل من جزيئات بنسب متفاوتة كالماء ذلك السائل الذي به قوام الحياة . فلو بدأنا بتعريف مفهوم الثقافة لوجدنا عشرات التعريفات، ولكنها باختصار تشير إلى أن الثقافة :( نتاج معرفي ومسلكي يشكل أسلوب الحياة ونمط المعيشة للمجتمع ) .. أما مفهوم الحوار (أو التحاور أو المحاورة) فيمكن الاستناد إلى التعريف التالي له : وهو ( القدرة على التفاعل المعرفي والعاطفي والسلوكي مع الآخرين، وهو ما يميز الإنسان عن غيره ؛ مما سهل تبادل الخبرات والمفاهيم ونقلها بين الأجيال ) ، ولا يتم إلا بوسيلتين .. هما : الإرسال ( التحدث ) والاستقبال ( الاستماع ) وما ينشأ عنهما من ردود أفعال هي المحصلة الثقافية لكلا الطرفين . من هنا يمكن التعبير عن " ثقافة الحوار" كما توصل لها عدد من الباحثين بأنها : إنتاج خــِطابي وسلوكي يستند إلى قيم حية يؤدي فيه الحوار الدور الأساس. ولكن .. من أين تنشأ ثقافة الحوار ؟ بداية وقبل أن ننطلق للآخر القريب أو البعيد في نشر ثقافة الحوار لابد أن نشير إلى أن هناك عوامل مهمة تشكل ثقافة الفرد ألا وهي : الأسرة ، المدرسة ، وسائل الإعلام .. * أولا .. الأسرة * فالأسر الناجحة هي الأسر التي تبني ركائزها ولبناتها على التفاهم العميق بين أعضائها ، ومعرفة الظروف والرغبات والطموحات لكل منهم .. والحوار البناء من أعظم وسائل تحقيق ذلك فهو لغة التواصل الأعمق أثرا وأكثر كفاءة في هذا الجانب .. فلن يكون هناك حوار أسري ما لم ننظم أوقاتنا بحيث نولي أفراد أسرتنا : رعاية خاصة ، نتحاور معهم ، نستغل المشكلات لنغرس من خلال قيادتنا الأسرية مبادئ الحوار، وثقافته وأدبياته ، لا أحادية الرأي القاطع ومصادرة الآراء المعارضة لنا ، مع إعطاء كل ذي حق حقه من التقدير والاحترام ، وصفاء النية ، وسلامتها من التعصب للرأي ، والتنازل للآخر ، من أجل الوصول إلى قاعدة مشتركة يمكن الاتفاق على الانطلاق منها نحو أهداف أسمى وأكثر إيجابية لجميع الأطراف . * ثانيا .. المدرسة * أما المدرسة فلا شك أنها محضن الناشئة وبها يرسخ العلم والتربية المنزلية.. ولكن هل مدارسنا ومؤسساتنا التربوية تقوم بواجبها تجاه ترسيخ قيم الحوار وإدراك الاختلاف بين أبنائنا الطلاب ؟ هذا سؤال لا يمكن القطع بالإجابة عنه .. ولكنني ومن استقرائي لحالات كثيرة بين الطلاب والمدرسين ؛ توصلت إلى قناعة بصعوبة تنفيذ ذلك لأسباب منها: - ازدحام الفصول وتكدسها بالطلاب . - طول المناهج مع كثرتها . - والمعضلة الأكبر أن المعلم أحد مخرجات هذا التعليم ، فأصبح يكرر ما درسه وتعلمه من خبرات معرفية ومسلكية على طلاب فصله ؛ لندور معه في إطار حلقة لا نعلم أولها من آخرها ..!! * ثالثا الإعلام * أما الإعلام ..فلا شك أنه - الآن ومن خلال البحوث والدراسات المنهجية التي تجرى في مختلف دول العالم - أصبح أحد الركائز المهمة في تشكيل وعي وسلوك الأفراد المتلقين ، فما أدراك إذا كان هذا الإعلام ذا مسار واحد من الأعلى إلى أسفل !! بحيث لا يستطيع المتلقي التعبير عن رأيه ، والمشاركة في تصحيح الخلل إن وجد ..!! ختاما : إن تبني الحوار في تعاملاتنا ، قيمة تنمو أو تتضاءل بدواخلنا ، قبل أن تكون من وسائلنا في التواصل مع الذات والآخرين .. * إعلامي ..عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
إنشرها

أضف تعليق