سهولة إجراءات الاستثمار الأجنبي تدفع بالمشاريع المجدية إلى السعودية
أكد فؤاد الحلبي، رئيس لجنة الاستثمار الأجنبي في الغرفة التجارية الصناعية في جدة، أن السياسات الاقتصادية التي تتبعها السعودية، خصوصا الانفتاح الاقتصادي، وانضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية، إضافةً إلى الاستقرار الذي تشهده البلاد؛ عوامل جعلت من السعودية موقعا جاذبا للاستثمارات الأجنبية.
وأضاف في حوار أجرته "الاقتصادية" معه أن سهولة الإجراءات التي ترافقت مع بدء تطبيق نظام الاستثمار الأجنبي الحالي دفعت بالعديد من المشاريع المجدية إلى السعودية، وسلّطت الضوء على قوة الاقتصاد السعودي ومتانته.
وتابع أن القطاع الخاص السعودي يحتاج إلى خبرات أجنبية تشاركه في تنفيذ المشاريع التنموية العملاقة، مشيرا إلى وجود استثمارات أجنبية لها دور فاعل في تطوير قطاعات مثل الإنشاءات، والطرق والمواصلات، والبنية التحتية، والبتروكيماويات، والطاقة البديلة، وغيرها. فإلى تفاصيل الحوار:
كيف تصف الاستثمار الأجنبي في السعودية حاليا؟
يمر الاستثمار الأجنبي في السعودية حاليا بمتغيرات فرضتها الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة في أوروبا، والتقلبات في المنطقة العربية، وقد وصل الاستثمار الأجنبي في السعودية إلى ذروته في عام 2009، أي بعد تسع سنوات من تطبيق نظام الاستثمار الأجنبي الحالي، ثم بدأ بالانخفاض تدريجيا في السنوات الأربع الماضية بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية العالمية.
ما حجم الاستثمار الأجنبي في السعودية؟
السعودية من أكبر اقتصادات المنطقة، والاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني الذي تتمتع به، إضافةً إلى السياسات الاقتصادية الحكيمة التي تتبعها حكومة خادم الحرمين الشريفين، خصوصا الانفتاح الاقتصادي، وانضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية؛ عوامل جعلت من السعودية موقعا جاذبا للاستثمارات الأجنبية.
ويقدّر حجم الاستثمارات الأجنبية والمشتركة وفقا لإحصاءات الهيئة العامة للاستثمار حتى نهاية عام 2010 بـ 639 مليار ريال، وظّفت أكثر من 500 ألف عامل، وفي حين لا يوجد لدينا إحصاءات محدثة، إلا أننا نُقدّر مجموع الاستثمارات الأجنبية والمشتركة في السعودية بأكثر من تريليون ريال، إذا تم حساب مجمل الاستثمارات الكبيرة والصغيرة.
ففي الهيئة الملكية للجبيل وينبع وحدها ما قيمته 159 مليار ريال من الاستثمارات الأجنبية، كما أن هنالك 44 شركة في سوق الأسهم السعودية مصنّفة كاستثمار مختلط، يمثل عدد أسهمها 22 في المائة من عدد الأسهم المصدرة، وقيمتها السوقية 236 مليار ريال أي 18 في المائة من القيمة السوقية لكامل سوق الأسهم السعودية.
كيف تقيم بيئة الاستثمار؟ وما مدى تطور وتحسن مناخ الاستثمار الأجنبي في السعودية؟
السعودية تتمتع بقدرة تنافسية عالية وجاذبة للاستثمار كما ذكرت، والعديد من الشركات الكبرى يضع السعودية على قائمة الدول المستهدفة للاستثمار فيها، إلا أن بعض القطاعات تعاني من تردد دخول الشركات إليها بسبب صعوبة توفير العمالة المدربة للعمل في تلك القطاعات بالأعداد المطلوبة.
كما أن الإجراءات المتبعة حاليا تحد من دخول الاستثمارات الصغيرة، بسبب وجود بعض المخالفات لدى تلك الفئة تعمل الجهات المعنية على وضع حد لها. ومع تأييدنا لضرورة وضع حد للمخالفات على جميع المشاريع الاستثمارية، وحرصنا على وضع آلية للرقابة على تلك المشاريع؛ إلا أننا نرى عدم جدوى إيقاف دخول الاستثمارات الصغيرة، لما لها من فائدة اقتصادية ترسخ المبادرة الفردية واقتصاد السوق، وتُحفّز المنافسة الشريفة لتحسين الخدمات والمنتجات وضبط الأسعار.
ومن المعلوم أن الدول المتقدمة تعتمد على المشاريع الصغيرة والمبادرات الفردية لدفع عجلة اقتصادها، وتنويع مصادر دخلها، ورفع القدرة الشرائية للمواطن، وتطوير الخدمات والمنتجات.
ما الاستثمارات التي نحتاج إليها في السعودية؟ وما الفرص الاستثمارية المتاحة؟
اقتصاد السعودية ديناميكي، ذاتي التطور، خاضع للتغيرات في احتياجات المواطن الحياتية والمعيشية. فإضافةً إلى الفرص الكبيرة المتوافرة في قطاعات أساسية كالطاقة المتجددة، والنقل والصحة، فهناك فرص حقيقية متنوعة في قطاعات تنموية كالتعليم والتدريب، وتطوير الموارد البشرية والمعلوماتية.
وهناك أيضا فرص واعدة في مشاريع صناعية مكمّلة، مثل تصنيع قطع غيار السيارات، وتجميع الحواسب الآلية والأجهزة الإلكترونية، لكنها تحتاج إلى خطة وطنية لإنشاء معاهد تدريب، وكليات متخصصة في علوم التكنولوجيا والتعليم الفني والتقني.
ما المعوقات التي تقف أمام الاستثمار الأجنبي؟
لا شك أن حوافز الاستثمار الأجنبي أكثر من المعوقات، فنظام الاستثمار الأجنبي المعمول به حاليا ساهم في التأسيس لاستثمارات مشتركة مجدية، كما أن الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية فتح أسواق أكثر من 150 دولة للمنتجات السعودية، وساهم في انفتاح العديد من الشركات حول العالم على نظرائهم في السعودية.
كما أن سهولة الإجراءات التي ترافقت مع البدء بتطبيق نظام الاستثمار الأجنبي الحالي دفعت بالعديد من المشاريع المجدية إلى السعودية، وسلّطت الضوء على قوة الاقتصاد السعودي ومتانته.
لكن هذه الميزة ساهمت في الوقت نفسه بدخول استثمارات صغيرة غير مجدية، وأساءت مع الأسف لصورة الاستثمار الأجنبي، ونتج عنها ظهور مفاهيم لدى البعض طرحت تساؤلات حول جدوى الاستثمار الأجنبي، وبالغت في تصوير الهلع، وأنه تهديد لمصالح المواطن، دون التعمق في الموضوع ومعرفة تفاصيله، لتقييم الوضع الحقيقي للاستثمار الأجنبي في السعودية.
ورغم أن تلك المفاهيم طرحت ضمن نطاق محدود، إلا أنها ساهمت في ظهور مخاوف لدى عدد كبير من المستثمرين الأجانب من أصحاب الاستثمارات المجدية، الذين رأوا فيها تهديدا لمصالحهم واستقرارهم، خصوصا عندما ربطوا بين ظهور هذه المفاهيم والتشدد في الشروط والإجراءات الرسمية. وهذا ما نحاول التنسيق حوله مع الجهات المختصة، لإزالة مخاوف الطرفين التي تساهم في نشر صورة خاطئة خارج السعودية عن جدوى الاستثمار فيها.
ماذا قدم الاستثمار الأجنبي للسعودية؟
هنالك مزايا مباشرة وغير مباشرة للاستثمار الأجنبي في أي بلد عالميا وفقا لاحتياجات كل بلد، فهناك دول تهدف من خلال الترويج للاستثمار الأجنبي إلى دخول رساميل خارجية تساهم في تفعيل الدورة الاقتصادية، وتطوير الصناعة، ورفع الإنتاجية، وتوفير وظائف، وتنويع مصادر الدخل.
وهناك دول مثل السعودية تتمتع بقوة اقتصادية، وقدرة تنافسية عالية، وطفرة تنموية، وتسعى إلى توجيه استثمارات القطاع الخاص نحو دعم جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها.
والقطاع الخاص السعودي يحتاج إلى خبرات أجنبية تشاركه في تنفيذ المشاريع التنموية العملاقة، كالإنشاءات، والطرق والمواصلات، والبنية التحتية، والبتروكيماويات، والطاقة البديلة وغيرها. لذلك نرى أن هنالك استثمارات أجنبية لها دور فاعل في تطوير تلك القطاعات، كما أن هنالك عددا من الشركات السعودية التي تعمل تحت بند الاستثمار الأجنبي بسبب وجود شريك أجنبي.
ما العوامل المحفزة للاستثمار؟
أبرز العوامل المحفزة للاستثمار في أي بلد تشمل الاستقرار السياسي والأمني، ووجود اقتصاد تنموي وانفتاح اقتصادي وسياسات تعتمد اقتصاد السوق، وتدعم المبادرة الفردية وتشجع المنافسة، إضافةً إلى وجود رأسمال بشري مبدع يتمتع بثقافة إنتاجية عالية، وخدمات حكومية ذات كفاءة ومحصّنة ضد الفساد، ونظام قضائي تجاري فاعل.
ما أبرز القطاعات التي يقبل عليها المستثمرون الأجانب؟
النسبة الأكبر للاستثمارات الأجنبية والمشتركة تتركز في صناعة البتروكيماويات، وتكرير النفط، والإنشاءات، والوساطة المالية، والمطاعم والفنادق.
ما أكثر الجنسيات المستثمرة في السعودية؟ وما السبب؟
هناك شركات عالمية وهناك استثمارات عربية، لكن لا توجد لدينا إحصائيات بأسماء وأعداد وجنسيات تلك الاستثمارات. وأعتقد أن مثل هذه المعلومة تتوافر لدى الهيئة العامة للاستثمار المعنية بهذا الخصوص، لأن تلك الاستثمارات تتم وفق تصاريح رسمية ممنوحة من قبل الهيئة.
ما تأثير الاستثمارات الأجنبية على مشكلة البطالة؟
في تصوري الشخصي أن الاستثمارات الأجنبية تساهم في معالجة مشكلة البطالة وليس العكس، فعدد كبير من الاستثمارات الأجنبية القائمة تبحث باستمرار عن سعوديين لملء وظائف شاغرة وتوفير فرص وظيفية.
لكن ينبغي ألا ننسى أن مجموع تراخيص الاستثمارات الأجنبية، التي تبلغ 11242 ترخيصا، ما زالت تمثل أقل من 1 في المائة من مجموع السجلات التجارية الصادرة في السعودية، وبالتالي لا نستطيع القول بأن الاستثمار الأجنبي كان له دور سلبي في مشكلة البطالة، بل على العكس أوجد 500 ألف فرصة عمل.
هل توجد قطاعات فيها خلل أو نقص استفاد منه المستثمر الأجنبي؟
هناك فهم خاطئ لدى البعض يفيد بوجود تأثيرات سلبية في استقطاب فرص أعمال من المستثمرين أو المواطنين السعوديين، والحقيقة أنه لا يوجد خلل أو نقص أو استحواذ على نشاط أو أنشطة كما قد يتصوره البعض، بل هناك فرص تكاملية في سوق استثمارية نموذجية، وحاجة ملحة لتغطية أوجه الاحتياج في السوق السعودية.
لذلك فإن كثيرا من المطلعين على الاستثمار الأجنبي الحقيقي في السعودية يدرك مدى التكامل الذي نقصده، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك استثمارا أجنبيا سعوديا كبيرا، ولا يعرف عنه إلا القليلون، فنحو نصف الاستثمارات الأجنبية والمختلطة يملكها سعوديون (أفرادا أو منشآت سعودية).