يشهد أكبر اقتصاد في العالم اضطرابًا غير مسبوق، بعدما بدأ يفقد توازنه بسبب “العقل الاصطناعي” الذي اخترعه بنفسه. ففي عام واحد فقط، هو عام 2025، أعلنت الشركات الأمريكية تسريح أكثر من 946 ألف موظف، وهو أعلى رقم يُسجل منذ جائحة كورونا.
شركة أمازون وحدها ألغت نحو 14 ألف وظيفة مكتبية، في حين تشير بعض المصادر إلى أن الرقم قد يصل إلى 30 ألف وظيفة. أما جوجل فسرّحت 12 ألف موظف، وإنتل استغنت عن 15% من قوتها العاملة، بينما شملت قائمة التسريحات يو بي إس بـ14 ألف وظيفة، وتارجت بـ1800 موظف، وحتى ديزني وإي باي وتويتر انضمّت إلى القائمة.
الموجة الواسعة من التسريحات ترتبط بثلاث حقائق رقمية خطيرة.
أولاً: الذكاء الاصطناعي بدأ يلتهم السوق من جهتين، إذ يحوّل المستثمرون تريليوناتهم نحو شركات التقنية، بينما تقلّص الشركات موظفيها لتمويل استثماراتها في هذه التقنيات الجديدة. وقد تجاوزت قيمة سوق الذكاء الاصطناعي في أمريكا 300 مليار دولار، وسط توقعات بارتفاعها إلى 800 مليار بحلول عام 2030، ولكن “على حساب البشر”.
ثانيًا: انخفاض الإنفاق الاستهلاكي بسبب التضخم والرسوم الجمركية، ما دفع الشركات إلى شدّ الحزام، وكانت البداية من الرواتب.
ثالثًا: بعد التوسع الكبير الذي عاشته الشركات بين عامي 2020 و2023، حان وقت “تعزيز الإنتاجية”، أي إن “العمل نفسه يُنجز اليوم بنصف عدد الموظفين”.
القطاعات الأكثر تضررًا شملت القطاع الحكومي الذي خسر 299 ألف موظف، وقطاع التكنولوجيا بـ61 ألف، إضافة إلى قطاعي التجزئة والخدمات اللذين يفقدان أكثر من 30 ألف وظيفة شهريًا.
ووفقًا للتوقعات، قد تفقد السوق الأمريكية بحلول عام 2028 نحو مليون ونصف وظيفة مكتبية، مقابل خلق وظائف تقنية أقل عددًا لكنها أعلى مهارة.
عام 2025 لم يكن عام تسريحات فقط، بل أصبح عامًا فارقًا يُعلن رسميًا أن الآلة بدأت تنافس الإنسان. فهل العالم مستعد لهذه المرحلة الجديدة؟
