من الصعب العودة إلى الدراسة في الأربعينيات. لكن مع تسريح العمال، وركود الأجور، وتزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، يتجه كثير ممن يقتربون من منتصف العمر إلى مقاعد الدراسة والمعاهد المهنية.
يُجري البعض تغييرات جذرية في مساراتهم المهنية، فينتقلون من مهنة الطهي إلى هندسة البرمجيات. بينما يسعى آخرون للحصول على شهادات عليا للتميز عن أقرانهم مع ازدياد المعايير الأكاديمية المطلوبة.
ويعود بعض ممن لم يلتحقوا بالجامعة بعد الثانوية العامة إلى مقاعد الدراسة لأنهم لا يستطيعون الحصول على وظائف مرموقة بدون شهادات.
العودة إلى الدراسة ليست سهلة، خصوصا لمن هم في الأربعينات، إذ يضطرون للموازنة بين العمل والأسرة والدراسة في آن واحد. ويتحملون ديونا جديدة في وقت يصل فيه دخل أقرانهم إلى ذروته.
يبلغ متوسط تكلفة الدراسة في الجامعات الحكومية الأمريكية نحو 30 ألف دولار سنويا، وأكثر من ذلك بكثير في الجامعات الخاصة غير الربحية، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".
يرى كثيرون أن الأمر يستحق العناء، يعيش بعض الناس أعمارا أطول ولا يتقاعدون عند سن الـ 65.
يشير المركز الوطني لإحصاءات التعليم في الولايات المتحدة إلى أن أكثر من مليون شخص في عمر الأربعينات مسجل في برامج البكالوريوس أو الدراسات العليا.
يسعى كثير منهم لتعزيز دخلهم في الوظائف الإدارية وتحقيق أمان وظيفي أكبر، في وقت يشكك فيه كثير من الشباب في قيمة الشهادة الجامعية.
تشهد برامج التدريب العملي والحرفي، التي قد لا تتجاوز تكلفتها 3 آلاف دولار سنويا، إقبالا متزايدا، ويعود ذلك جزئيا إلى أن هذه الوظائف تُعتبر أقل عرضة للأتمتة والذكاء الاصطناعي. فمثلا، حتى التسريبات البسيطة في الأنابيب تتطلب تدخل سباكين.
يشكل من في الأربعينات نحو ربع الـ 108 طلاب المسجلين في برنامج التدريب المهني في بنسلفانيا، حيث يتعلمون مهارات مثل السباكة والنجارة والبناء والرعاية الصحية وغيرها. وكثير منهم فقدوا وظائفهم سابقا أو يسعون للحصول على دخل أفضل.
التحقت فيكتوريا ماينر، البالغة من العمر 48 عاما، ببرنامج تدريب عملي في مجال الجزارة لمدة أربعة أعوام، حيث تعلمت معالجة اللحوم وفق معايير وزارة الزراعة الأمريكية. شعرت ماينر، التي تربي الماشية، أنها بحاجة إلى هذا التدريب لتنصب لنفسها مكانا في قطاع يهيمن عليه الرجال.
أدى حصولها على الشهادة إلى تلقيها عرض عمل كمفتشة في وزارة الزراعة الأمريكية، وهو عمل أقل إرهاقا بدنيا من الجزارة، ويمكن أن يطيل مسيرتها المهنية. تقول ماينر: "في هذه المرحلة من حياتي، أجد أن استخدام عقلي بدلا من قوتي البدنية أنسب لي".
كما تضفي الشهادات الجامعية مصداقية. لم يلتحق كيفن كورينثال بالجامعة بعد الثانوية، لكنه شق طريقه تدريجيا إلى مناصب قيادية في القطاع غير الربحي. مع ذلك، ظلت المناصب التنفيذية العليا بعيدة المنال.
يقول كورينثال: "من الصعب جدا الوصول إلى تلك المناصب بدون شهادة، مهما بلغت كفاءتك". عاد كورينثال إلى الدراسة في أوائل الأربعينيات من عمره وحصل على درجة المشارك Associate Degree في الإعلام الرقمي، ثم شهادة معتمدة للمديرين التنفيذيين في الجمعيات. وقد جمع بين الأمرين أثناء عمله بدوام كامل وتربية طفلين.
بعد ذلك، وجد برنامجا عبر الإنترنت في جامعة إنديانا مصمما خصيصا للتعلم في سن متأخرة، وحصل على درجة البكالوريوس في القيادة غير الربحية. والآن، وفي سن 53، يشغل كورينثال منصب المدير التنفيذي للجمعية الوطنية للمؤسسات الداعمة للحدائق.




