تشهد سوق أشباه الموصلات العالمية موجة تضخم غير مسبوقة، مدفوعة بالطلب المتسارع من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى قفزات حادة في أسعار شرائح الذاكرة (RAM) انعكست على مختلف قطاعات صناعة الإلكترونيات. وفي تطور لافت، كشفت تقارير عن قيام ذراع أشباه الموصلات في مجموعة سامسونج برفض طلب توريد رقائق ذاكرة مخصصة للهواتف الذكية من وحدة أخرى داخل المجموعة نفسها، في مؤشر واضح على حدة الضغوط التي يشهدها السوق.
سامسونج ضد سامسونج
وتعد سامسونج واحدة من أكبر التكتلات الصناعية عالميا، إذ تعمل عبر شبكة معقدة من الشركات التابعة والزميلة. وفي هذا الإطار، تتولى "سامسونج إلكترونكس" إنتاج الهواتف الذكية والأجهزة الاستهلاكية، فيما تختص شركة سامسونج لأشباه الموصلات العالمية بتصنيع رقائق الذاكرة وتوريدها إلى السوق العالمية، بما يشمل شركات سامسونج نفسها ومنافسيها.
وبحسب تقرير نشره موقع "إس إي ديلي"، سعت وحدة الهواتف المحمولة في سامسونج إلى تأمين إمدادات مستقرة من شرائح DRAM لاستخدامها في هواتفها الرائدة المقرر إطلاقها في 2026، مع تثبيت الأسعار بعقد طويل الأجل. غير أن ذراع أشباه الموصلات رفضت الطلب، مفضلة توجيه الإنتاج إلى عملاء مراكز البيانات، الذين أبدوا استعدادًا لدفع أسعار أعلى في ظل سباق الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتشير التقارير إلى أن ما يعرف بظاهرة “تضخم الرقائق” (Chipflation) فرض على قطاع الهواتف الذكية داخل سامسونج إعادة التفاوض على أساس ربع سنوي بدلًا من اتفاقيات التوريد السنوية المعتادة، قبل التوصل إلى اتفاق قصير الأجل بأسعار أعلى من السابق.
ضغوط تنتقل إلى المستهلكين
يرجح محللون أن تنعكس هذه التطورات على أسعار الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة خلال الفترة المقبلة، ليس فقط من سامسونج بل من مختلف الشركات المصنعة. ورغم أن الأجهزة النهائية قد لا تسجل الارتفاعات الحادة نفسها التي تشهدها وحدات الذاكرة المخصصة للحواسيب، فإن ارتفاع تكاليف المكونات الأساسية بات عامل ضغط رئيسيًا على هوامش الربحية وأسعار البيع.
وفي هذا السياق، أعلنت شركة "راسبيري بي إي"، المعروفة بتقديم أجهزة منخفضة التكلفة، رفع أسعار بعض منتجاتها، مرجعة ذلك بشكل مباشر إلى ارتفاع أسعار الذاكرة. كما لجأت لينوفو، أكبر مصنع للحواسيب الشخصية في العالم، إلى تخزين كميات كبيرة من شرائح الذاكرة كإجراء احترازي تحسبًا لمزيد من التقلبات في السوق.
آفاق السوق حتى 2027
ولا تبدو بوادر الانفراج قريبة. فوفقًا لتوقعات شركة "تيم جروب" الموردة للذاكرة، تضاعفت أسعار بعض مكونات الذاكرة 3 مرات خلال الفترة الأخيرة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الوحدات النهائية بنسبة وصلت إلى 100% خلال شهر واحد فقط. وتشير التقديرات إلى استمرار الاتجاه الصعودي للأسعار خلال عام 2026، مع احتمال بقاء اختناقات الإمداد قائمة حتى عام 2027 أو ما بعده، ما لم تشهد السوق تصحيحًا حادًا أو تراجعًا مفاجئًا في الطلب.

