يتدفق المستثمرون الآسيويون على السندات والقروض الخليجية هذا العام، ما يعكس تعزيز العلاقات التجارية والمالية مع منطقة سريعة النمو والتوقعات غير المؤكدة في أماكن أخرى منها أكبر اقتصادين في العالم، أمريكا والصين.
أشارت بيانات مجموعة بورصات لندن إلى أن إصدار السندات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قفز 20% على أساس سنوي إلى 126 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من 2025، مع اقتراب صدور أرقام العام بأكمله لكل من المنطقة ومبيعات ديون الأسواق الناشئة الأوسع نطاقا خارج الصين.
يعكس هذا النمو، المدفوع إلى حد بعيد بأداء دول الخليج الست، كلا من احتياجات التمويل المتزايدة المرتبطة بجهود الاقتصادات المنتجة للنفط والغاز لتنويع مصادرها، والطلب المتزايد من المستثمرين الآسيويين الذين يعيدون ترتيب محافظهم الاستثمارية.
رئيسة أسواق الدين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى (HSBC) نور صفا قالت "يتضح أن هناك تحولا مع تنويع مستثمري الصين استثماراتهم بنشاط بعيدا عن أمريكا"، مضيفة "الصينيين أصبحوا أكثر ارتياحا تجاه الخليج، حيث يضاعفون حاليا استثماراتهم في كل من السندات والقروض، والتي شهدت طلبا قويا للغاية من آسيا".
أظهرت بيانات مجموعة بورصات لندن أن قروض الشرق الأوسط المجمعة في منطقة آسيا والمحيط الهادي ارتفعت بأكثر من 3 أمثال إلى ما يزيد عن 16 مليار دولار منذ بداية العام من أقل من 5 مليارات دولار في العام الماضي.
مع تباطؤ اقتصاد الصين وسياسات أمريكا التي تركز على الرسوم الجمركية التي تجعل المستثمرين يعيدون التفكير في انكشافهم على مجموعة كبيرة من الأصول الأمريكية، فإن الخليج يجذب المستثمرين بفضل استقراره وآفاق النمو القوية فيه.
يتوقع صندوق النقد الدولي أن تنمو المنطقة 3.9% هذا العام وأن ترتفع تلك النسبة إلى 4.3% خلال 2026، في المقابل يتوقع أن يتباطأ النمو العالمي من 3.2% متوقعة في 2025 إلى 3.1% العام المقبل.
رئيس قسم الديون المشتركة في "نومورا" أوليفر هولت قال "يتوخى المستثمرون مزيد من الحذر بشأن السندات الأمريكية ويعمدون إلى تنويع استثماراتهم في عدد من الأسواق البديلة"، وغالبا ما تجذب جهات الإصدار عالية التصنيف المدعومة من الحكومات في الشرق الأوسط انتباه المستثمرين.
يقدم تعميق العلاقات الاقتصادية أيضا الدعم في هذا الصدد، إذ أشارت بيانات (آسيا هاوس) ومقرها أمريكا، إلى ارتفاع حجم التجارة بين الخليج وآسيا 15% إلى مستوى قياسي 516 مليار دولار العام الماضي، أي مثلي قيمة تجارة المنطقة مع الغرب.
آسيا تستحوذ على مخصصات أكبر من السندات
قال رئيس أسواق الدين في بنك "دبي الوطني كابيتال" ريتيش أجاروال "المؤسسات الآسيوية (صناديق التحوط وشركات إدارة الأصول والبنوك الخاصة)، قادت ارتفاعا في مخصصات الديون في المنطقة على مدار الـ 18 شهرا الماضية".
أجاروال أضاف أن متوسط المخصصات الآسيوية في إصدارات الديون الخليجية يتراوح الآن بين 15 و 20 % ارتفاعا من 5 إلى 7 % أوائل 2024، مفيدا بأنه رغم أن غالبية المستثمرين لم يكونوا من الصين، فإن رؤوس الأموال الصينية كانت تتدفق عبر حسابات آسيوية في هونج كونج وسنغافورة، ومن ماليزيا بالنسبة للصكوك.
أتاح مزيج من الطلب المرتفع والأساسيات الائتمانية القوية لمصدري السندات الخليجيين تسعير السندات بعوائد تقترب من أدنى مستوياتها التاريخية مقارنة بالديون الحكومية الأمريكية.
على سبيل المثال، اشترى المستثمرون الآسيويون الشهر الماضي 40% من سندات قطرية ذات تصنيف ائتماني AA لأجل 3 سنوات وتبلغ قيمتها مليار دولار بعائد 15 نقطة أساس فقط فوق السندات الأمريكية، وكانت أسعار الفائدة الصينية بشكل عام أقل منها في أمريكا.
كبير مسؤولي الاستثمار في (UOB) لإدارة الأصول تشونج جيون قال "السندات الخليجية عادة ما تمنح مستثمري آسيا عوائد أعلى مقارنة بأدوات الدين ذات التصنيف المماثل في آسيا"، مضيفا "أن عائد سندات دولارية خليجية ذات تصنيف BBB يمكن أن يتراوح عادة بين 10 إلى 20 نقطة أساس مقارنة بائتمان آسيوي مماثل".
الرئيس العالمي للخدمات المصرفية الاستثمارية في (DBS) كليفورد لي الذي ينظم اجتماعات لبنوك خليجية مع مستثمرين صينيين، قال "إن عددا من المقترضين الخليجيين يعتزمون إصدار سندات باليوان في سوق الدخل الثابت المحلية في الصين، المعروفة بسندات الباندا"، مضيفا "نتوقع بمجرد بدء تدفق الإصدارات المنتظمة، يمكن أن يفتح المجال للوصول إلى سوق تزيد قيمته عن 20 تريليون دولار".
في بعض الصفقات المبكرة، أصدر البنك الأهلي السعودي أول سندات بالدولار السنغافوري في أواخر نوفمبر ، بينما جمعت إمارة الشارقة ملياري يوان في أكتوبر.




