تجاوز حجم الاستثمارات الصناعية الخليجية 550 مليار دولار (نحو تريليوني ريال)، وفقا لما كشفه لـ "الاقتصادية" الأمين العام لاتحاد الغرف الخليجية صالح الشرقي.
أكد أن هذه الاستثمارات التي رصدتها دراسة اقتصادية للاتحاد هذا العام، أدت دورا محوريا في رفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج، ما يبرز جاذبية الصناعة الخليجية وقدرتها على استقطاب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
حديث الشرقي يأتي بالتزامن مع إقرار قادة دول الخليج خلال قمتهم في البحرين أمس، إطلاق منصة الخليج الصناعية، في خطوة تعد نقلة نوعية نحو تعزيز التكامل الصناعي بين دول المجلس، وبناء منظومة موحدة للمعلومات الصناعية تُسهم في دعم صنع القرار وتهيئة بيئة أكثر جذباً للاستثمار.
الأمين العام أوضح أن القطاع الخاص الخليجي سبق أن طرح رؤيته بشأن المنصة عبر ورش عمل متخصصة، مبيناً أنها ستُعد مرجعاً شاملاً لكل ما يتعلق بالقطاع الصناعي الخليجي، من بيانات حول عدد المصانع وتصنيفاتها وحجم الإنتاج والصادرات والواردات، وصولا إلى دعم سلاسل الإمداد وزيادة التجارة البينية للمنتجات الصناعية بين دول المجلس.
260 ألف منشأة صناعية في دول الخليج
الشرقي لفت إلى أن عدد المنشآت الصناعية في دول الخليج تجاوز 260 ألف منشأة، وسط توقعات بمزيد من النمو خلال الأعوام المقبلة، مدعوما بحزمة التشريعات والسياسات الموحدة التي اعتمدتها دول المجلس، مثل قانون التنظيم الصناعي الموحد، والإستراتيجية الموحدة للتنمية الصناعية، والمواطنة الخليجية في المجال الصناعي، ومعاملة السلع الخليجية كمنتجات وطنية، إلى جانب إعفاء مدخلات الصناعة من الرسوم الجمركية ومنح الأفضلية للمنتجات الوطنية في المشتريات الحكومية.
وأشار إلى أن اتحاد الغرف الخليجية أطلق في 2022 منصة "صنع في الخليج" كأول مبادرة لدعم المنتجات الخليجية وتوفير سوق إلكترونية لتبادل المنتجات الصناعية وجذب الاستثمارات الأجنبية، مؤكداً أن هذه المبادرة مهدت الطريق لتعميق التعاون الصناعي وتطوير بيئة استثمارية أكثر تنافسية.
المشاريع المشتركة 8.5 مليار دولار
قال صالح الشرقي أن الاتحاد أعد دراسة حول التحديات التي تواجه المشاريع الصناعية الخليجية المشتركة، والحلول المقترحة لتعزيز الاستثمار في قطاعات حيوية تشمل الصناعات الغذائية والدوائية والتقنية المتقدمة. وبيّن أن قيمة المشاريع الصناعية الخليجية المشتركة بلغت 8.5 مليار دولار بنهاية 2024، أي ما يعادل 5.2% فقط من إجمالي الاستثمارات الخليجية البينية البالغة 165 مليار دولار.
وأضاف أن المشاريع المشتركة مع أطراف خارج الخليج بلغت 61.8 مليار دولار بحسب الدراسة، جاءت منها المشاريع مع أطراف غير عربية وغير آسيوية في الصدارة بنسبة 74%، تليها الخليجية–الخليجية بنسبة 14%، ثم الخليجية–الآسيوية بنسبة 10%، والخليجية–العربية بنسبة 2% وتتوزع المشاريع على أكثر من 24 نشاطا صناعياً تشمل الصناعات الخشبية والكيماوية والبتروكيماوية والصناعات الورقية والأدوات الطبية الدقيقة.
منصة الخليج ستعيد تنظيم المشهد
بدوره، أكد المستثمر الصناعي السعودي محماس الهلقمي لـ"الاقتصادية" أن القطاع الصناعي الخليجي دخل مرحلة جديدة من النضج والتنافسية، وأصبح أحد المحركات الأساسية لتنويع الاقتصاد وتعزيز الاستدامة. وقال إن البيئة الصناعية الحالية هي الأكثر جاهزية منذ سنوات، بدعم من التشريعات الموحدة والحوافز النوعية وسرعة الإجراءات التي تمكن المصانع من التوسع والتصدير.
وأضاف أن إطلاق منصة الخليج الصناعية يمثل تحولا محوريا يمنح المستثمرين رؤية أوضح للسوق، ويعزز شفافية سلاسل الإمداد، ويفتح آفاقاً أوسع للشراكات العابرة للحدود. وأشار إلى أن الارتفاع المتسارع في عدد المصانع يؤكد ثقة المستثمرين بالبيئة التنظيمية والمالية في دول الخليج، مشيراً إلى أن الفرص المستقبلية في الصناعات الغذائية والدوائية والتقنيات المتقدمة ما زالت أكبر من المستغل حالياً.
من جانبه، يرى المستثمر الصناعي البحريني عبدالله الزياني أن التحولات الجارية في القطاع الصناعي الخليجي تعكس توجها إستراتيجياً نحو بناء اقتصاد منتج قائم على المعرفة والتقنية. وأوضح أن قوة القطاع اليوم ترتكز على توافر بنية لوجستية متقدمة، وتشريعات موحدة، وتسهيلات تمويل أصبحت أكثر شمولاً ومرونة.
وأكد الزياني أن إطلاق منصة الخليج الصناعية سيعيد تنظيم المشهد الصناعي عبر توفير بيانات دقيقة تساعد المستثمرين على اتخاذ قرارات توسعية مدروسة، كما سيدعم تكامل سلاسل القيمة بين دول المجلس. واعتبر أن التوسع المتزايد في عدد المصانع الجديدة يؤشر إلى ثقة عالية بالقطاع، وفي الوقت ذاته يبرز حجم الفرص المتاحة أمام المشاريع المشتركة خصوصاً في الصناعات المتقدمة والدوائية.





