تسرع الشركات الألمانية جهودها لعقد شراكات مع المنافسين الصينيين، مقرة من خلال نتائج استطلاع حديثة بأن المنافسين المحليين يبدون على أهبة الاستعداد لتولي زمام القيادة في الابتكار العالمي.
في حين شهدت ثقة الأعمال بين الشركات الألمانية التي شملها الاستطلاع في الصين تحسنًا طفيفًا، إلا أن التفاؤل خفت حدته بسبب المنافسة الشرسة في الأسعار وتوجه الصين نحو "اشتر محليا"، وفقا لنتائج استطلاع ثقة الأعمال 2025/2026 الصادر عن غرفة التجارة الألمانية.
وبحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، صرح مارتن هوفمان، رئيس فرع غرفة التجارة الألمانية في شمال الصين، في مؤتمر صحفي عقد في بكين، بأن نحو 56% من الشركات التي شملها الاستطلاع تخطط لتوطيد علاقاتها مع الشركاء الصينيين، ما يظهر زيادة "كبيرة" مقارنة بآخر مرة أدرج فيها هذا السؤال في الاستطلاع عام 2021، مشيرًا إلى أن 40% فقط من الشركات التي شملها الاستطلاع كانت تخطط بذلك.
وقال: "يظهر هذا بوضوح أن الشركات الألمانية تتواصل مع شركائها الصينيين للاستفادة من الابتكار، ومن التحولات الإستراتيجية، وكذلك من سرعة التنفيذ"، مشيرا إلى أن التعاون الإستراتيجي هو السبيل الرئيسي الذي تخطط الشركات من خلاله لمزيد من التعاون.
شمل الاستطلاع السنوي آراء 627 عضوا في غرفة التجارة الألمانية في الصين، عبر قطاعات تشمل الآلات، والسيارات، وخدمات الأعمال، وذلك في الفترة ما بين سبتمبر وأكتوبر.
المنافسون الصينيون يقودون مستقبل الابتكار
ومع التطلع للسنوات الخمس المقبلة، رأت نسبة قياسية بلغت 60% من الشركات أن المنافسين الصينيين هم قادة حاليين أو مستقبليين في مجال الابتكار، استمرارا لتحول ينظر فيه إلى الشركات المحلية على أنها من يحدد وتيرة التكنولوجيا.
وأشار هوفمان إلى أن هذه النظرة تركزت في صناعة السيارات، حيث أقر ما يقارب ربع الشركات الألمانية التي شملها الاستطلاع بأن المنافسين الصينيين يتصدرون المشهد بالفعل.
كشفت مجموعة "فولكس فاجن" الشهر الماضي عن خطط لإطلاق سيارة كهربائية طورت بالاشتراك مع الشركة المصنعة الصينية "إكس بنج" في 2026، مستفيدة من التكنولوجيا المحلية لاستعادة حصتها السوقية من الهيمنة المحلية في أكبر سوق للسيارات في العالم.
ومع أن 19% من المشاركين في الاستطلاع توقعوا أداء أفضل لصناعتهم الألمانية هذا العام، بارتفاع 4% عن العام الماضي، إلا أن نصف المشاركين يتوقعون تدهورا في الظروف، فيما يتوقع الباقون استمرار الوضع الراهن.
كما وجد الاستطلاع أن حروب الأسعار قد أصبحت أبرز تحد للاقتصاد الكلي، متجاوزة ضعف الطلب. وقد انعكس هذا تحديدا في قطاع السيارات الكهربائية، ما أثار غضب الجهات التنظيمية الأوروبية التي تسعى إلى حماية سلسلة توريد السيارات في الاتحاد، حتى أنها فرضت رسوما جمركية على أبرز الشركات في بكين.
مخاوف بشأن السياسة الصناعية لبكين
من جهة أخرى، تتزايد المخاوف بشأن السياسة الصناعية لبكين "صنع في الصين 2025"، المصممة لتحويل الدولة إلى مركز تصنيع عالمي، وتزايد تفضيل المستهلكين للعلامات التجارية المحلية.
تشهد العلاقات بين الصين وأكبر شريك تجاري لها في أوروبا حالة من الترقب، لا سيما منذ تولي المستشار الألماني فريدريش ميرتس منصبه هذا العام.
تعهد ميرتس الشهر الماضي بمنع الموردين الصينيين مثل "هواوي" من المشاركة في البنية التحتية المستقبلية للاتصالات في ألمانيا. وقبلها بأسبوع، أيد مقترحات الاتحاد الأوروبي بزيادة الرسوم الجمركية على الصلب الأجنبي، بما فيها الوارد من الصين، مخالفاً بذلك موقف برلين التقليدي المؤيد للتجارة الحرة.
وسط هذا التوتر، التقى رئيس مجلس الدولة لي تشيانج بميرتس أواخر الشهر الماضي على هامش قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ، جنوب إفريقيا. وأفادت التقارير أن لي أعرب عن استعداده لتوسيع التعاون في جميع المجالات. ويتوقع أن يزور ميرتس الصين في يناير أو فبراير.
وفي حين تظل الصين سوقاً رئيسية للسيارات بالنسبة لألمانيا، تظهر بيانات التجارة الصينية أن الرقائق، والبطاريات، والإلكترونيات تشمل أبرز التدفقات المقبلة من الصين.



