تسعى شركات أوروبية لاقتناص فرص تنامي قطاع السياحة في السعودية، بحسب أبوستولوس تزيتزيكوستاس مفوض الاتحاد الأوروبي للنقل والسياحة المستدامة.
المسؤول الأوروبي أوضح مستعدة للعمل مع السعودية ودول الخليج ضمن نظام سياحي عالمي أكثر ترابطا واستدام، لافتا إلى أن قطاع السياحة يشكل نحو 800 مليار يورو في الاقتصاد الاتحاد الأوروبي، ويعمل فيه أكثر من 20 مليون موظف عبر نحو 4.5 مليون شركة بين متوسطة وصغيرة ،ويُمثل نحو 7% من إجمالي القيمة المضافة للاتحاد الأوروبي، الذي استقبلت دوله 758 مليون زائر دولي العام الماضي، يمثلون 38% من حجم السفر العالمي.
وبينما قال على هامش الدورة الـ26 للجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض أخيرا، أن إستراتيجية المفوضية الأوروبية المُقبلة للسياحة المستدامة تركز على التنافسية والرقمنة والاستدامة، أكد أن هذه المجالات تتوافق في بعض جوانبها مع رؤية السعودية 2030.وأضاف: "نستكشف إمكانيات الحوار والتبادل في مجال إدارة الوجهات الذكية القائمة على البيانات، إضافة إلى تطوير المهارات والتدريب. ينبغي أن تُركز على المصالح المشتركة ويجب أن يسترشد أي تعاون من هذا القبيل بأولويات الاتحاد الأوروبي بشأن الاستدامة والمنافسة العادلة.
كيف تتيح السعودية فرصا للتعاون السياحي مع أوروبا؟
يؤكد تزيتزيكوستاس أن السعودية حققت تقدما ملحوظا خلال سنوات قليلة، حتى أصبحت السياحة أحد محركات التحول في فيها.
وقال: "تُحدد رؤية 2030 توجها واضحا، وتُظهر مشاريع مثل نيوم والقدية والعلا التزاما جريئا بالابتكار والإبداع. من وجهة نظر المفوضية الأوروبية، يُتيح هذا التطور فرصًا للتعاون المُفيد للطرفين".
أضاف: "تتمتع أوروبا بخبرة طويلة في بناء وجهات مستدامة وعالية الجودة، ونحن على استعداد لمشاركة خبراتنا حيثما تتوافق أولوياتنا. العديد من الشركات الأوروبية شريكة فاعلة بالفعل في المشاريع السعودية، حيث تُقدم هندسة وتصميمًا وتكنولوجيا عالمية المستوى. أرحب بطموح السعوية ومشاركتها المتنامية في السياحة الدولية".
يرى تزيتزيكوستاس أن وكالات السياحة الأوروبية وشركاتها المُشغلة، بما لديها من خبرة في تطوير الوجهات المُستدامة وحماية التراث الثقافي، يمكنها مُساعدة السعودية في بناء وجهات عالمية جديدة تُراعي البيئة والثقافة المحلية.
وقال: "تُعد الشراكة بين فرنسا والسعودية في العلا مثالا مُلهما بالفعل. يمكن أن يمتد التعاون المماثل إلى البحر الأحمر ونيوم، مع التركيز على التدريب والتسويق ومعايير الاستدامة. يمكننا إنشاء وجهات تُرسي معايير عالمية للجودة والابتكار والاستدامة".
يمكن للاستثمار الأوروبي أن يُسهم كذلك في تطوير وسائل نقل أنظف، ومنتجعات موفرة للطاقة، وحلول سياحية ذكية، بحسب المفوض الأوروبي.
"إمكانات استثائية" في دول الخليج
بحلول عام 2035، ستُشكّل الاستدامة والتكنولوجيا والأصالة ملامح السياحة العالمية، وسيتوقع المسافرون تجارب مسؤولة ومترابطة ومتجذرة في الثقافة.
وقال: "تهدف أوروبا إلى أن تظل الرائدة عالميا في مجال السياحة المستدامة. ولكن منطقة الخليج، والسعودية على وجه الخصوص، تتمتع بإمكانات استثنائية. فموقعها وبنيتها التحتية وقدرتها الاستثمارية تُؤهلها لتصبح مركزا عالميا رئيسيا يربط بين أوروبا وآسيا وإفريقيا".
أضاف: "يكمن مفتاح النجاح في ضمان أن يعود هذا النمو بالنفع على المجتمعات المحلية ويحمي التراث الطبيعي والثقافي. المفوضية الأوروبية مستعدة للعمل مع السعودية ودول الخليج عمومًا لبناء نظام سياحي عالمي أكثر ترابطًا واستدامة. ويجب أن يرتكز هذا التعاون على المعاملة بالمثل والالتزام المشترك بالأهداف المشتركة".
إستراتيجية جديدة لتسهيل سفر الخليجيين
يؤكد تزيتزيكوستاس أن تعزيز التنقل بين أوروبا ودول الخليج يمثل "أولوية مشتركة".
وقال: "من شأن زيادة التعاون السياحي بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج أن يُبرز ثراء المنطقتين ويشجع التبادل الثقافي. هدفنا على المدى الطويل واضح: جعل السفر أسهل وأسرع وأكثر أمانًا".
وكشف لـ "الاقتصادية" عن ان المفوضية الأوروبية تراجع حاليا سياسة التأشيرات الخاصة بها، ونخطط لتقديم إستراتيجية جديدة لتأشيرات الاتحاد الأوروبي في بداية 2026.
ستقترح الإستراتيجية الجديدة، من بين أمور أخرى، تدابير لتسهيل الطلبات، بما في ذلك من خلال الرقمنة، وفقا لما أكده المفوض الأوروبي.
يتمتع مواطنو السعودية حاليا بإمكانية الحصول على تأشيرات دخول متعددة لمدة 5 سنوات عند أول طلب، وهي تُعادل من الناحية العملية إعفاءً من التأشيرة، بحسب وصف تزيتزيكوستاس.
يرى المفوض الأوروبي أن السياحة واجهت تحديات استثنائية في السنوات الأخيرة، بدءا من جائحة كوفيد-19 ووصولا إلى عدم الاستقرار العالمي. لكنه يؤكد في الوقت ذاته أ القطاع خرج أقوى مما توقعه الكثيرون.
وقال: "لا أرى هذا مجرد انتعاش، بل نقطة تحول. نحن الآن بصدد إعداد أول إستراتيجية أوروبية للسياحة على الإطلاق، التي سيتم اعتمادها في 2026."

