تنتج السعودية نحو 3 ملايين طن من المخلفات الورقية سنويا، بمعدل إعادة تدوير يلامس 50% فقط، ما يشير إلى وجود فرص استثمارية في القطاع، وفقا لخبراء ومنتجين التقتهم "الاقتصادية" في المعرض الدولي الثاني لصناعة الورق والتغليف في جدة.
ويرى العاملون في القطاع، أن سوق الهالك الورقي ما زال غير مستغل بالشكل الأمثل، حيث يسيطر عليه وسطاء يعملون بشكل فردي، يقومون بجمع الهالك من المصانع بأسعار منخفضة تراوح ما بين 500 و800 ريال للطن الواحد، ثم يعيدون بيعه لمصانع التدوير بأسعار مضاعفة، مستفيدين من غياب قنوات الربط المباشر بين المصانع المنتجة للهالك والمصانع المعادِلة، حيث تعمل مصانع التدوير على بيع الورق الهالك بعد التدوير بقيمه تراوح ما بين 3500 و3800 ريال للطن الواحد.
السبب وراء صعوبة التواصل مع مصانع التدوير؟
وأوضح المصنعون أن صعوبة التواصل المباشر مع مصانع التدوير تعود إلى محدودية عددها، مقابل انتشار الوسطاء الذين يمتلكون مخازن قادرة على استيعاب الكميات المجمّعة من عدة مصانع قبل بيعها بكميات تجارية، وأكدوا أن ارتفاع استهلاك الورق واتساع قاعدة المصانع الإنتاجية يرفعان حجم الهالك، ما يجعل إدارة مخلفات الورق فرصة استثمارية ذات عائد مرتفع في سوق تتزايد الطلب عليها عاما بعد آخر.
نائب رئيس مجلس إدارة شركة “ماف” سامي الصفّران، قال: إن المؤشرات ذاتها تنطبق على مواد أخرى قابلة للتدوير مثل البلاستيك، ما يعزز جاذبية القطاع في ظل رؤية السعودية التي تدفع نحو نمو مستدام واقتصاد دائري. وأشار إلى أن سوق الورق الهالك أصبحت أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد الدائري، مستشهدا ببيانات المركز الوطني لإدارة النفايات "موان " للوصول إلى تحويل 90% من النفايات بعيدا عن المدافن، وتحقيق معدل إعادة تدوير يبلغ 79% بحلول 2040.
الصفّران بيّن أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب استثمارات إستراتيجية في البنية التحتية لإعادة التدوير تُقدّر بنحو 750 مليار ريال، موضحا أن القطاع قادر على خلق أكثر من 76 ألف وظيفة، وإضافة 650 مليار ريال إلى الناتج المحلي، إلى جانب توفير 500 فرصة استثمارية جديدة وإنشاء 900 منشأة معالجة.
كم حجم المخلفات الناتجة عن صناعة الورق؟
قال عبدالعزيز المالكي، مالك مصنع ريتشل للورق: إن الصناعات الورقية بطبيعتها تنتج كميات كبيرة من المخلفات، سواء من الورق أو البلاستيك أو مواد التغليف المختلفة، وأضاف أن المصنع، بحكم حجم الإنتاج، يواجه في نهاية كل شهر تراكمات ضخمة من الهالك قد تراوح بين طن و4 أطنان.
وأوضح المالكي، أن هذا الهالك يشكّل عبئا على المصنع من ناحية المساحة والتخزين، ما يجعل التخلص منه ضرورة ملحّة، مضيفا: "يصل بنا الحال أحيانا إلى أن نعطيه لأي جهة مستعدة فقط لنقله من موقع المصنع".
وأشار إلى أن بعض الوسطاء "السماسرة" يشترون الهالك بأسعار زهيدة، لا تتجاوز 800 ريال للطن، ثم يعيدون بيعه لمصانع التدوير بأسعار أعلى، حيث تتم إعادة فرزه ومعالجته واستخدامه مرة أخرى في مصانع إعادة التدوير.
وبين أن هناك طلبا واضحا من بعض المصانع الكبيرة على هذه المواد، لكن تلك المصانع لا تتعامل عادة مع كميات صغيرة مثل طن أو طنين، ولذلك يلجأ الوسطاء إلى جمع الكميات من عدة مصانع ثم إعادة بيعها.
وحول ما إذا كان يرى في هذا المجال فرصة استثمارية، أكد المالكي أن سوق الهالك تشهد حركة نشطة، وأن هناك من يبني عليها مصادر دخل واضحة، قال: "نعم توجد فرصة، لكن أغلب العاملين في هذا المجال من غير السعوديين، ومع ذلك الفرصة موجودة وممكنة لمن يرغب في دخول هذا النشاط".
أوضح طلال النوري، المدير العام لشركة الصناعات الدولية المتقدمة، أن الشركة تعتمد على شراء كميات كبيرة من الورق شهريا بتكلفة تراوح بين 3500 و3800 ريال للطن الواحد لتصنيع الكراتين، من مصانع إعادة التدوير .
الفارق السعري يستفيد منه الوسطاء
وبيّن النوري، أن السماسرة الذي يشترون الهالك يعملون بشكل فردي ثم يعيدون بيعه لمصانع إعادة التدوير بأسعار أعلى بكثير، في إشارة إلى أن الفارق السعري يستفيد منه الوسطاء بشكل رئيسي.
وأشار إلى أن التواصل المباشر مع مصانع إعادة التدوير محدود جدا، قائلا: "نادرا ما يكون هناك تعامل مباشر مع المصانع"، مبينا أن بقية عمليات البيع تتم عبر وسطاء يتولون التجميع وإعادة البيع.
وحول تقييمه للفرص الاستثمارية في إدارة الهالك بعيدا عن الوسطاء، أكد النوري أن القطاع يتمتع بطلب مرتفع، قائلا: "تصلنا طلبات كثيرة لشراء الهالك، وهذا يدل على وجود طلب حقيقي في السوق". وأضاف أن رغم معرفته بوجود مصنع أو اثنين فقط يعملان في إعادة التكرير، فإن السوق بحاجة لمزيد من الاستثمارات المتخصصة في هذا المجال، خاصة مع ارتفاع كمية الهالك في المصانع وغياب قنوات مباشرة.



