استخدام الغاز الطبيعي في التبريد يخفض فاتورة التكييف بنسبة 80 %
من المعروف أن 70 في المائة من استهلاك الطاقة الكهربائية(التجاري، السكني، والحكومي) تذهب للتكييف، وأن شركة الكهرباء تستثمر في توليد ونقل الكهرباء، ما يقرب من عشرة مليارات ريال سنويا. وبسبب النمو السكاني والعمراني، والارتفاع المستمر لدرجة حرارة الأرض، فإن الطلب على الطاقة الكهربائية وبالتالي الاستثمارات اللازمة لتوفيرها، مرشح للزيادة. وما لم تلجأ الشركة إلى حلول غير تقليدية، فإنها، قد لا تستطيع مجاراة هذا الطلب المتزايد. ومن تلك الحلول، المجربة والمطبقة عالميا، استخدام الغاز الطبيعي في التبريد، وهذا الاستخدام ليس جديدا، حيث تعود أول براءة اختراع أمريكية في هذا المجال إلى القرن التاسع عشر، لكن استخدامه الفعلي لم يظهر إلا خلال فترة ما بين عامي 1930 و1940، حيث كانت معظم احتياجات التبريد تتم بالغاز. و في الستينيات من القرن الماضي أدخلت وسائل التبريد الكهربائية، وزاد استخدامها بسبب سعر شرائها المنخفض وكفاءتها العالية، وانخفاض تعرفة الكهرباء. واستمر نمو استخدام الكهرباء على حساب الغاز، حيث انخفضت نسبة التبريد بالغاز عام 1990م إلى 5 في المائة. مقابل هذا التراجع في أمريكا، دعمت الحكومة اليابانية البحوث الخاصة بتطوير كفاءة أجهزة التبريد التي تعمل بالغاز الطبيعي وشجعت على استخدامها، حتى وصلت نسبة التبريد بهذه الوسيلة إلى 30 في المائة من حاجة اليابان للتبريد. وبعد ارتفاع أسعار الكهرباء في أمريكا أصبح التكييف بالغاز مجديا، فطور المصنعون أجهزتهم لتكون أكثر كفاءة، كما أدى تغيير تعرفة الكهرباء والغاز في أمريكا حسب الفصول وحسب ساعات اليوم، إلى تطوير معدات تبريد مهجنة تتحول تلقائيا ما بين استخدام الغاز والكهرباء حسب التسعيرة في أي وقت من العام أو اليوم.
وهناك عدة طرق للتكييف بالغاز الطبيعي، من أهمها: الامتصاص، وهي طريقة لا تستخدم الضواغط، بل تعتمد على دورة من التكثيف والتبخير لتوليد البرودة، وتمتاز بإنتاجها ماء باردا وساخنا، وإمكانية تدوير الحرارة، كما أنها لا تحتاج إلا إلى القليل من الصيانة، وتستخدم الماء بدل الفريون.
أما الطريقة الأخرى فتعتمد على الضواغط، وهي مشابهة لعمل التكييف الكهربائي إلا أن الضاغط يعمل بالغاز بدلا من الكهرباء، وتشبه الطريقة السابقة من حيث إمكانية تدوير الحرارة، وحاجتها القليلة للصيانة.
وبمقارنة الأداء بالوسيلتين( الكهرباء والغاز الطبيعي)، أي ناتج قسمة المخرجات إلى المدخلات من الطاقة، نجد أن كفاءة أداء نظام التبريد بالغاز(الامتصاص) تصل إلى 1.2، أي أن م.و.ح.ب (مليون وحدة حرارية بريطانية) من الغاز الطبيعي، يعطي 1.2 م.و.ح.ب من التبريد. وسيكلف طن التبريد في هذه الحالة 0.05 ريال ، وذلك بافتراض أن سعر بيع الغاز على المستهلك سيكون 5 ريالات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، علما أنه يباع حاليا على شركات التوزيع وكبار المستهلكين بحدود 2.8 ريال لكل م.و.ح.ب. (طن التبريد يعادل 12000 و.ح.ب).
أما في حالة التبريد بالكهرباء، فتختلف كفاءة الأنظمة بحسب حجمها، فكلما زاد حجمها زادت كفاءتها وتتراوح ما بين 2.5 للوحدات الصغيرة، إلى 5.8 للوحدات المركزية الضخمة. وحسب المعلومات فإن متوسط الكفاءة لأجهزة التكييف الكهربائية هو نحو 2.93. وهذا يعني أن تكلفة طن التبريد حاليا هي 0.24 ريال بافتراض متوسط تعيفة قدره 0.2 ريال للكيلووات (3413 و.ح.ب).
ومن تلك المقارنة نلاحظ أن فاتورة التكييف والتبريد ستنخفض في حالة استخدام الغاز الطبيعي بـ 80 في المائة ( أي من 0.24 ريال إلى 0.05 ريال لكل طن تبريد).
وهذا ليس كل شيء، إذ إن تلك المقارنة خاصة بالمستهلك، لكن التأثير الإجمالي من مصدر الغاز حتى وصوله للمستهلك أكبر بكثير، حيث إن الغاز قبل تحوله إلى كهرباء يمر بعملية التوليد التي تفقده نحو ثلثي قيمته الحرارية. وإذا أخذنا في الاعتبار فاقد الطاقة الكهربائية، أثناء النقل والتوزيع، فإن كفاءة التكييف الكهربائي تنخفض إلى أقل من 1.0. يضاف إلى ذلك، تكاليف التشغيل الخاصة بتوليد ونقل الكهرباء. وإذا كانت التعرفة الحالية التي يدفعها المستهلك تغطي كل ذلك، فإن الصعوبة تكمن في تدبير الموارد اللازمة للاستثمار في محطات التوليد وشبكات النقل.
إن التوفير الواضح الذي سيجنيه المستهلك من هذا التحول، هو سبب كاف لقيام مستثمرين بتأسيس وتشغيل شبكات للغاز الطبيعي في المدن، بادئين بخدمة المستهلكين الكبار، كالمستشفيات والفنادق والمجمعات التجارية والسكنية الكبيرة، ونحوها. وإذا ما حدث ذلك، فإنه سوف يحرم الشركة السعودية للكهرباء من كبار عملائها ذوي الشرائح العليا المربحة. ولكي تستطيع الشركة تخفيف أعباء التوليد والنقل والتوزيع مع الاحتفاظ بعملائها المميزين، فعليها المبادرة بتفعيل هذا المشروع. وللعلم، فإن تغطية مدينة كالرياض بكاملها وليس كبار مستهلكيها فقط، بشبكة للغاز لا يكلف ما تكلفه محطة توليد كهربائية واحدة من محطات الشركة.
أعدت هذه المقالة لمجلة المشكاة، الصادرة عن الشركة السعودية للكهرباء.